03 March, 2009

سكّـة سـفر



هذا الترحال يفقدني صوابي .. الترحال بين مكانين فقط لاغير يجعلني بشخصيتين .. ربما أكثر !

لا أحبّ ذلك الفقد الذي أشعر به كلما تركت أحدهما للذهاب للآخر، ألا يمكن أن أجمعهم في مكان واحد جميعًا بجواري ؟

أوّل ما أصل هناك، أشعر وكأنني لم أنتقل، وكأنني لم أعبر بحرًا كاملا، بل أشعر أني رغم ذلك أستطيع أن أستقل أوّل سيارة أجرة لأذهب إلى الكليّة أو أن أجد السيارة تنتظرني بأسفل كالكلب الوفيّ !

ولكنّ أيًا من هذا لا يحدث، ولا أجد سوى الفضاء الواسع ومرتدي الأثواب وأفراد الجاليات الجنوب شرق آسيوية .. أتيقن أنني في مكان آخر، لا يوجد هنا حبيبي ولا أصدقائي .. هؤلاء تركتهم هناك ..

أقابل بعض صديقاتي اللاتي لا أراهنّ إلا بين موسم وآخر، تتجدد الذكرى بقوّة ونسعى دون اتفاق مسبق لصنع ذكرى أجمل في زمن قياسي، لنفاجأ بالرحيل مرّة أخرى .. ولا أتخيل، حين الرحيل أنني لن أراهنّ ثانية، وأنني عندما أصعد تلك التلّة سأجد البيت الذي طالما ترددتُ عليه لتناول القهوة .. حتى أرى الشارع المصري بكلّ مافيه من ضجيج، فأتأكد أنني هنا ولستُ هناك .. وأنّ هناك يختلف عن هنا كثيرًا .. لا أحب هناك بقدر ما أحب من هناك .. وأحب من هنا بمزيج متداخل مع هنا .. هذا الفصام يتعبني في كلّ مرة أذهب فيها أو أجيء .. لذلك من أمنيات حياتي الترحال حول العالم، حتى أكسر ذلك الهاجس للأبد .. ولذلك أحبّ التقاط الصور لي مع الأصدقاء في المناسبات المختلفة .. تلك التي يكون الضحك فيها زائرًا حاضرًا بوضوح

بودّي أن أسافر .. أحطّ في بلاد كثيرة وأتركها .. وأعود مرة أخرى للبلاد التي تعجبني أكثر .. أو التي حازت على ذكريات أجمل .. بودّي أن يختطفني حبيبي ويسافر بي ومعي .. ليس على حصان أبيض، وإنما في طائرة ما أو سفينة ما ! لنكن واقعيين !



رحّال

2 comments:

Mist said...

لو تصدقين..كنت أكتب كلامًا شبيهًا بهذا صباح اليوم.
الفكرة ليست في تشابه الكلام بقدر تشابه الشعور !

نفس الرغبة في السفر لأكثر من مكان ثم الاستقرار فيما أرتاح وأسعد فيه أكثر.

إلا أنني مقيمة في مصر لمدة طالت.
لو تصدقين..شعور عدم الاستقرار و(أنت هنا وهناك)لم يغادرني أبدًا.

77Math. said...

نعم .. التناقض صارخ والصراع داخلي أكثر من أيّ شيء..

يسعدني بحق أنّك تمرين من هنا :)