29 June, 2010

ـ ظل الأفعى .. ’المظلومة‘ـ


طالما ألجمني التعليق الذي يهاجمني به أحدهم عندما يكون النقاش حول الأنثى والذكر. فيقول لي ذكر فخور بذكورته لمجرد أنه وُلِد كذلك بينما شاء حظي العاثر أن أكون أنثى (بالمناسبة وعليّ أن أعتاد ذلك ! وأبدأ بالتعامل مع الأمر كما ينبغي لأي أنثى تحترم نفسها!)

التعليق هو: آدم جاء أولا !

قيلت أمامي أكثر من مرة، فيتخذ الحوار مجرى آخر، ثم أتأمل، هل الأفضلية لمن جاء أولا؟ عيسى بن مريم لم يكن له "آدم" جاء قبل "حواء" .. بل جاءت حواء أولا وأنجبته دون زوج.. أي أنها لم تخلق من ضلع أعوج، بافتراض أنّ كل امرأة هي مخلوقة من ضلع رجل..

إذن كانت هذه النظرية خاطئة، أعني كون الأفضلية بالحضور الأول، لأن الحضور الأول كان للاثنين على حدّ السواء..
لا أدري لم تحضرني هذه الإجابة وقتها !
يتسنى لي أن أقتنع في كثير من الأحيان من مشاهدتي أنّ المرأة لم تخلق من ضلع ٍ أعوج لرجل، وإنما خُلِقَت من ضلعٍ لرجلٍ أعوج !

هذا ما يجعلها تشفق عليه وتحنو عليه للنهاية !

اجعلني وحدي كخاتم على قلبك، لأن المحبة قوية كالموت

هذه الرواية للكاتب "يوسف زيدان" هي مجموعة رسائل من أم مكلومة اضطُرَّت لترك ابنتها الصغيرة في رعاية جدّها لأبيها عقب وفاة أبيها وهي صغيرة. تقول لها – في الرسائل – أسرار الأنوثة المخفية على معظم الناس، وتكشف لها الحقيقة التي دفنت بمرور الزمن، والتي حوّلتها ديدان القبر إلى رفات تشمئز النفوس من النظر إليه فضلا عن تأمله !

تتسم الرواية بالألفاظ المميزة لأعمال يوسف زيدان، المتأثرة في عدة مواضع ببلاغة القرءان، وبها كم كبير من المعلومات التاريخية والتي تتعلق بالمخطوطات، والتي – بالطبع – تذكرك في كل لحظة بالمجال الذي يعمل فيه الكاتب. قد يرى البعض في هذا تباهيًا بالمعرفة ولكنّك، في كل الأحوال، لا يمكنك الادعاء بأنّ رواية مصاغة من أحداث اجتماعية قحة قد تكون أجمل!

بل على العكس، تمامًا.

تقول الأم:

فانظري إلى الدلالات كيف صار بعضها في اللغة العربية، مضادًا لألفظها ! للسخرية يقولون"فالح" واذا استخدموا وصف "فلاح/فلاحة" فالمراد ازدراء هذا الرجل أو تلك المرأة، مع أن الفعل"فلح" فعل مدح، والممدوحون في القرآن هم: المفلحون!

في المقابل، يقولون"شاطر، شاطرة" للمدح، بينما الشاطر في الأصل هو الذي شطر عن أهله وانفصل عنهم وتركهم مراغمًا أو مخالفًا! يقول ابن منظور في لسان العرب ما نصه: الشاطر هو الآخذ في نحو غير الاستواء، ولذلك قيل له شاطر لأنه تباعد عن الاستواء. ويقول الفيروز أبادي في القاموس المحيط: الشاطر هو من أعيا أهله خبثًا!.. وقد استخدم لفظ الشاطر دومًا لوصف قاطع الطريق ومن انطحن ظلمًا حتى اضطر للسرقة والنهب. فتأملي هذا يا ابنتي !

وإذا أرادوا الإعلاء من شأن شخص قالوا:"ابن ناس/بنت ناس" مع أن هذا التعبير ظهر في الزمن المملوكي للسخرية العامّة.. السخرية الشعبية غير المعلنة، من هؤلاء الحاكمين الذين لا يعرف لهم أصل، ولا أب لهم، فهم: أولاد الناس!

والناس في بلادك يصفون الرجل الشاذ جنسيًا بأنه لوطي نسبة إلى النبي التوراتي لوط !
وتقول:
في فجر وعي الإنسان بذاته، وبالعالم، ارتبطت فكرة الوجود الحيّ، بالدم. فقد عرف الإنسان الأول، أن هذا السائل الأحمر هو السر في حياة كل حيوان وإنسان، فالدم سر الحياة. والدم في الأنثى، يفيض كل شهر، وكأنه إعلان دوري لامتلاكها سرّ الحياة. وكان الإنسان الأول في زمن الحضارات الأولى يعتقد أن الدم هو السائل المقدس الذي يرقى لأن يراق على مذبح الآلهة. ولئن كانت الأنثى تريقه من بطنها بانتظام، كل شهر، فهي بطبيعتها مرتبطة دومًا بهذا الفعل المقدّس!