27 February, 2009

..........

لا فائدة

لا فائدة

لا فائدة

كل هذا الـعفن سيظلّ حولنا ومعنا

وكلّ هذا الحزن سيبقى بداخلنا

كلّ تلك الصراعات لن تُحَلّ

وكلّ هؤلاء الذين نحبّهم سنظلّ نفارقهم

نقترب منهم بمقدار رشفة .. لا تشفي مرضًا ولا تروي ظمأ

نتناول من عذوبتهم ما لا يسمن ولا يغني عن جوعنا وافتقادنا

ثم .. وبغمضة عين ... تُرفَع الموائد

لا فائدة

هذه سنّة قدرية كونية

تمامًا كالموت


26 February, 2009

جحيم



هكذا أتعذّب .. دون جحيم

أيّها المارون بروحي .. أطيلوا البقاء قليلا لعلّكم تتقون !

لعلّ قلبي يستأنس في وحشةِ الليل بعض الضياء

لعلّ اليأس المنتظر خلف أبوابي يخجل منكم ضيوفًا على مائدتي، فيرحل

لعلّي أرى .. أسمع .. وأتكلم من جديد

أيّها القادمون بعد عمرٍ طويل،

أيّها المتأخرون على مرمى القلب،

المنتظرون،

ليس لكم اليوم دواءٌ إلا أنفسكم،

فاقتلوا شقاءكم وأبيدوا عارَكم،

وامسحوا حبّات العرق عن جبينكم،

فلن يأتي من ينوب عنكم في هذا،

أيّها الباكون على الرحيل،

اذرفوا ما شئتم

لنْ يراكم أحد

ولن يسمعكم أحد

أيّتها النفس المطمئنة

لقد أصبحتِ من المستحيلات السبع

.
.
.

وغدًا .. غيمٌ جديد


23 February, 2009

المرهم العجيب


بلادُ العُـرْبِ مُعجـزةٌ إلهيّـهْ نَعَـمْ واللّـهِ .. مُعجـزةٌ إلهيّـهْ .

فَهـل شيءٌ سـوى الإعجـازِ يَجعَـلُ مَيْتَـةً حَيَّـهْ ؟!

وهل مِن غَيـرهِ تَبدو بِجَـوْفِ الأرضِ أقـنيهٌ فضائيّهْ ؟!

وَهَل مِن دُونِـهِ يَنمو جَنينُ الفكـر والإبـداعِ في أحشـاءِ أُميَّـهْ

أجَلْ واللّهِ .. مُعجِـزَةٌ لَها في الأرضِ أجهـزَةٌ تُحَمِّصُـها وتخلِطُها بأحْرُفِنـا

الهجائية وتَطحنُها وتَمزجُها بألفاظٍ هُلامـيّـةْ

وَتَعجنُها بفَذْلَكَـةٍ كلاميّهْ وَتَصنعُ من عـجـيـنـتِـهـا

مَراهِمَ تجعلُ الأمراضَ صِحيّـةْ !

فإن دَهَنَتْ بِلادٌ ظَهْـرَها منها فَكُلُّ قضيَّـةٍ فيها بإذنَ اللّهِ مَقضِيَّـهْ !

وخُذْ ما شِئتَ مِن إعجازِ مَرهَمِنا: عـُطا س النَّمْـلِ .. أشعارٌ حَداثيّـة !

عُواءُ الثعلبِ المزكومِ .. أغنيَةٌ شَبابيّهْ ! سِـبابُ العَبْدِ للخَلاّقِ .. تَنويرٌ

مُضاجَعَـةٌ على الأوراقِ .. حُرية! جَلابيبٌ لِحَـدِّ الذَّقْـنِ

أذقانٌ لِحَـدِّ البَطْنِ إمساكُ العَصا لِلجِـنِّ دَفْـنُ الناسِ قَبْلَ الدَّفْـنِ

هذي كُلُّها صارتْ بفَضْلِ الدَّهْنِ

إيماناً وشَرعيّـهْ وتلخيصاً لِما جاءتْ بهِ كُلُّ الرسـالاتِ السّماويَّهْ !

أجَلْ واللّهِ .. مُعجـزَةٌ فَحتّى الأمسِ

كانتْ عِفَّـةُ الأوراقِ بالإحراقِ مَحميّة ! وكانتْ عِندَنا الأقلامُ مَخصِيَّهْ !

وَحتّى الأمسِ

كُنّا نَلتَقي أذهانَنا سِـرّاً وَنَكتُمُ سِرَّنا هذا .. بِسـريَّهْ !

وكُنّا لو نَوَيْنا قَتْلَ بعضِ الوقتِ في تأليفِ أنفُسِنا تَشي بالنيَّةِ النيَّة

فَنُقتَلُ باسمِ نِيَّتِنا لأِسبابٍ جِنائيةْ ونُقتَلُ مَرَّةً أخرى

إذا لم نَدفَعِ الدِيـة نَعَـمْ .. كُنّـا وَلكِنّـا

غَدَوْنا،اليومَ، نُرضِعُ كُلَّ مَولودٍ ( مُعَلَّقَةً ) وَنَفطِمُهُ ب ( ألفيّهْ ) !

بِفَضْلِ المَرْهَـمِ السّحريِّ

أمسَيْنا .. وأصبَحْنا فَألفَيْنا عَواصِمَنا .. وَقَد صارت ثقافية !!


أحمد مطر


* * * * *

بعد أحداث غزة الأخيرة أعلنوا القدس عاصمة للثقافة العربية 2009

هل يفعل ذلك سوى دول عربية؟

بعد أن يضرب أخاه -في الإنسانية- بيده اليسرى ويهشّم وجهه ويدك عنقه ويصيبه بالشلل يمنحه بيمناه نيشان شجاعة

هل يفعل ذلك سوى عرب؟

بعد أن يقتتل اثنان من أبنائها تقول للمضروب الباكي لماذا أغضبت أخاك؟

هل تفعل ذلك سوى أمّ عربية؟

يقول لها: إنْ تغيّرتِ عليّ فلا تلومي إلا نفسك إن بحثتُ عن أخرى !

هل يفعل ذلك سوى رجل عربي؟

يقتل أبناءه ببطء .. ينظر إليهم متلذذًا بسقوط أشلائهم حوله، يقبّل نعال الأغراب ليهبوه مزيدًا من ذلك السمّ

هل يفعل ذلك .. إلا وطن عربيّ؟

* * * * *

محاولة لاسترداد الكرامة .. تجربة نوارة نجم



22 February, 2009

خواطر عشقية … عجلى


في إمكان أيّ حَشَـرَة صغيــرة أن تهزم مُبدعــاً تخلّى عنه الحــبّ
هذا المبدع نفسه الذي لم يهزمه الطُّغاة ولا الجلاّدون ولا أجهزة المخابرات ولا دوائر الخوف العربيّ يوم كان عاشقاً


لم أسمع بزهرة صداقة نبتت على ضريح حبّ كبير عادة، أضرحة الفقدان تبقى عاريــة. ففي تلك المقابر، لا تنبت سوى أزهار الكراهية. ذلك أنّ الكراهية، لا الصداقــــة، هي ابنة الحب


لابد لأحدهم أن يفطمك من ماضيك، ويشفيك من إدمانك لذكريات تنخـر في جسمك وتُصيبك بترقُّق الأحلام


النسيان هو الكالسيوم الوحيد الذي يُقاوم خطر هشاشة الأمل


إنْ لم يكن الحبّ جنوناً وتطرّفاً وشراسة وافتراساً عشقياً .. فهو إحساس لا يُعـــوّل عليه


ليس في إمكان شجرة حبّ صغيرة نبتت للتوّ، أن تُواسيك بخضارها، عن غابة مُتفحِّمة لم تنطفئ نيرانها تماماً داخلك وتدري أنّ جذورها ممتدة فيك


إنّ حبّاً كبيراً وهو يموت، أجمل من حبّ صغير يُولد. أشفق على الذين يستعجلون خلع حدادهم العاطفي


أنتَ لا تعثر على الحبّ.. هو الذي يعثر عليك
لا أعرف طريقة أكثر خبثاً في التحرُّش بـه.. من تجاهلك له
أتــوق إلى نصـر عشقيّ مبنيّ على هزيمة
لطالما فاخرت بأنني ما انتصرت مرّة على الحبّ.. بل له


بعد فراق عشقي، ثمَّة طريقتان للعذاب:
الأُولى أن تشقى بوحدتك، والثانية أن تشقى بمعاشرة شخص آخــر



أيتها الحمقاء.. أنتِ لن تكسبي رجلاً إلاّ إذا قررتِ أن تحبي نفسكِ قبل أن تُحبّيه، وتُدلّليها أكثر ممّا تُدلِّليلنه. إنْ فرّطتِ في نفسكِ عن سخاء عاطفي فستخسرينه
انظــري حولـكِ.. كـم المـرأة الأنانيــة مُشتهــــاة



أحلام مستغانمي


إهداء متأخّر
إلى جو غانم، الذي عشق حدّ الغياب

21 February, 2009

مـ طـ ـر

أتذكر نغمة صوتها وهي تقول: كبريتٌ كبريتْ بصوت مبحوح

كنتُ مثلها اليوم صباحًا أقول دون صوت: مطر مطر !

أنا أعلنها دون خجل

أنا أعشق المطر

ولا أدري لماذا يجري الناس للجوء لأقرب "ظل" جاف

وكأن تلك القطرات تقتلهم كالرصاص !

الشتاء يطرق الباب على استحياء، ورغم أنّ الشمس تصعد بحدّة أكثر بعد كلّ مجيء .. إلا أنّه يعدني بالبهجة

فـتـوى عـشقية




ولا أتذكر بعد انتهاء صلاتي

كم ركعةً صليتْ

ماذا قرأتُ في الركعة الأولى؟

هل جلستُ للتشهّد؟

كم مرّة سلّمتْ؟

أقرأتُ فاتحة الكتاب؟

هل غسلتُ وجهي في الوضوء؟

أم أنني خشيت على عينيّ

يذهبُ الكحل الساكن فيهما !

هل ستقبل صلاتي يا ألله؟

يا ربّ هل عليّ إثم إن أنا تمنيتُ أنْ

يعانقني / تحت / المطر؟

ببسمته يربّتُ | يغسلُ قلبيَ المكلوم؟

احترتُ فأرسلتُ سؤالا للمفتي

ما حُكم صلاتي وأنا

سكرى به؟

أأعيد صلاتي إن زارني طيفه في الركعة الـ لا أذكر رقمها ؟

أم أكتفي بسجود سهو ؟

أأعيدها إن سبّحتُ بـ ' ربّ اجعله لي ولا تحرمني منه ' بدون وعي؟

أم أكتفي بسجود سهو؟

هل لي أن أصلّي جميع صلاتي قبل دخول محرابه؟

أم تسقط الصلاة يا سيدي عن العشّاق أمثالي ؟

وإن نسيتُ جميع السور وبقيت ألهج باسمه ؟ ماذا أفعل ؟

وشكرًا لفضيلتكم

19 February, 2009

كلاكيت مرة تانية

في الموضوع السابق حكيتُ، لكنني لم أتعرض لسبب المشكلة، هل هو الكبت أم التربية؟

برأيي، ليس حرمانًا ولا كبتًا، السبب في التربية

التربية والتعليم أولا وعاشرًا

عندما يكبر الطفل وكل شيء عنده بهذا الشأن عيب وممنوع الاقتراب منه، ولايكون هناك أيّ حوار سويّ بينه وبين من هم أكبر منه سنًا من القائمين على تربيته، ويجد أنه لكي يعرف أقل شيء عن جسده فإن عليه إما أن يبحث خفية أويعرف من أصدقائه - الذين عرفوا من أصدقائهم أو من وقوعهم تحت تجارب اغتصبوا فيها من قبل من هم أكبر منهم سنًا- فإن الأمر يتعدى كونه حرمان أو كبت، لأنّ التطور الطبيعي للأسباب يضعهما في آخر القائمة، فلا يصل الشاب لهذه المرحلة إلا بسبب سوء التربية والفهم الخاطئ لنفسه وللجنس الآخر، ماذا تنتظر من شباب ما بين من يـتفوّه بعبارات معلبّة جاهزة للتصدير لكنها للأسف منتهية الصلاحية، يقول بكل ثقة: المرأة أمّي وأختي وزوجتي وابنتي و و و و ثم تجده يعاملها معاملة البهائم؟ لأنّه يرى أنّهن قصّر وليس من حقهنّ التصرف دون إذنه؟ فتكون عباراته شرق، وتصرفاته غرب ؟

وما بين آخر يقول أنه يحترمها عقلا وجسدًا وأنها إنسان مثله تمامًا، لكنّها عبارات أيضا جاهزة مغلفة لا يقولها إلا لكي ينالا حريتهما المزعومة، ثمّ ينتهي به الأمر لأن يستدعي حنينه الأوّل، وتربيته الأولى؟

ماذا تنتظر عندما لا تفاتح الأم ابنتها أو الأب ابنه بشأن تثقيفه جسديًا وجنسيًا قبل أن يعرف وحده من مصدر غيرهما؟ وغالبًا إن لم يكن الأهل المصدر الأول للمعلومة فلن تكون هناك ثقة بالأساس لتكون في أي مرحلة أخرى ..

ماذا تنتظر من أهل يرون أن الجنس عيب بينما قنوات التلفاز تضجّ به ليل نهار ؟ كيف يقول لنا الأهل أنه عيب وهناك من يتحدثون عنه على الهواء مباشرة؟

عندما نقنع الأطفال ومنذ صغرهم على أنّ الجنس ليس عيبًا وإنما " أشياء تحدث في وقتها " وبشروطها وبحسب سنّ الطفل ودرجة استيعابه، وعندما لا تكثر النميمة أمام الطفل بهذا الشأن لن نجده في المستقبل يتحدث على زميله وزميلته، لأنه ما فعل ذلك إلا لأنه نشأ في بيت | مجتمع كلّهم يفعل ذلك !

لماذا يكون معظم فشل الشباب من الجنسين في ليلة الزفاف في العالم العربي؟ لم نسمع من قبل بهذه المشكلة في الغرب، لأن الحديث في هذا الأمر بين العائلة الواحدة طبيعي جدًا، كأنهم يتحدثون في الفنّ أو السياسة.. لذلك لا يمثّل الأمر رعبًا كما هو الحال لدينا.

وعلى العكس نجد أن أغلب النكات ورسائل الجانك ميل تتحدث بهذا الشأن، أي أنه عيب جهارًا فقط مسموح همسًا !

الحل: ليس أن تدرس جميع الأمهات الطب، لكن أن يتعلمن ممن يفعلن ذلك ولا يكون أقصى غاياتها أن تسرّح شعر طفلها وتجعله يرتدي ملابس مهندمة وأنيقة كي يكون جميلا

وصل الشباب الآن لمرحلة انعدام شخصية تمامًا، درجة أنّ واحدة مؤخرًا تحكي لي: بيقولوا كذا، وكانت أخبرتني قبلا أن الخبر قيل لها شخصيًا، فلما سألتها: مش كنتِ موجودة وقال لك بنفسه؟ قالت أيوة، قلت لها: طيب ليه بتقولي بيقولوا؟
قالت : غصب عني !

لأن " بيقولوا" تمنح صكّ ثقة مطلق، بيقولوا عيب، قد تفقد كلماتك مصداقيتها لو حكيتها بنفسك، لكنّك لو نسبتها للمجموع فإنّك صادق وربّ الكعبة ! هكذا تربى جيل كامل على ما "يقولون" .. ولا عزاء لأحد


"آراؤنا معظمها باطلة ، وليس هناك وقت لمراجعتها ، وإن كان هناك وقت، فليس هناك جهد لمخالفة العامّة"
أسامة غريب


18 February, 2009

جـنـس

منذ عامين أو يزيد، كنتُ أجلس مع أحد زملائي في الكليّة نتحدث، بعد ذلك كنت مع عدد من الفتيات، قالت لي إحداهنّ: على فكرة منظرك ما كانش حلو وانتِ جالسة مع فلان

سألتها السؤال الطبيعي: ليه؟

كدا، عشان قاعدين لوحدكم

قلت لها: احنا قاعدين لوحدنا في الركن البعيد الهادي ولا وسط الكلية ! وبعدين المشكلة في "مجرد" جلوسنا مع بعض بغض النظر عن الحديث؟ ماهو عشان المجتمع متخلف، كل ما يشوف "ذكر" مع "أنثى" يبقى الموضوع فيه "جنس"

شهقت وقالت لي: انت قلتِ دلوقت كلمة عيب

قلت لها: عيب نقولها بس؟ لكن مش عيب تبقى هي كل تفكيرنا؟

* * *

ولا عشان اتربينا إن عيب نقولها فهي كل ما يستحوذ على تفكيرنا؟

* * *

مرة تانية كنا قاعدين أنا وزميل مشترك على كرسي بجوار سيارة أحد الدكاترة احتياجًا للظلّ كي يعدّل لي شيئًا في جهازي، وإذ بصديقتي تخبرني أنّ إحداهن سألت علنًا إن كان بيني وبين فلان "حاجة" ؟

الحمد لله أن وُجِدَ من يذود دوني ضد الجملة التي لا تدل - إن دلت على شيء- إلا أنّ شيئًا واحد فقط يقفز لرأس الناس في مصر كلما وجدوا تاء مربوطة بجوار تاء غير مربوطة !

بس اشمعنى يعني يكون في حاجة بيني وبين زميلي؟ مش يمكن بحب الدكتور؟

خيالها مش واسع برضه !

* * *

" إن ( ثقافة النيش) الخرقاء تجعل المصريون يقتنون الأثاث الكلاسيكي الثقيل من طراز لوي كانز ولوي كاتورز و الذي يرجع تاريخه إلى مايزيد عن ثلاثمائة سنة مضت .. ويقتنون ادوات المائدة , وهم لا يعرفون أي شيء عن اتيكيت الضيافة و أصول تناول الطعام , نحن نهتم بشراء السرير والملاءات والوسائد الوثيرة بينما نحن جهلاء لا نعرف شيئا عن مشاعر النصف الآخر وفاشلون في فنون الجنس .. الفتاة تبتاع عشرات من قمصان النوم المزخرفة المثيرة وهي أجهل ما يمكن في فن الإغراء , و تظن أن هذه الهلاهيل الشفافة هي كل ما سيصنع منها زوجة رائعة .. لديها رحم يجيد تفريخ الأطفال كأية أرنبة بينما هي أجهل ما يكون بقواعد واصول التربية ..نحن لدينا أحدث شاشة إل سي دي ولا نتفرج من خلالها إلا على المسلسلات العربية المتخلفة .. لدينا موبايل غال وعصري ولكننا لا نجيد فن الكلام والتواصل ولا استخدامه والانتفاع بفوائده , لدينا سيارات ولكننا لا نعرف شيئا عن أخلاق القيادة , لدينا أزواج وزوجات ولكننا لا نعرف شيئا عن التواصل والحب .. لديناء أشياء, وأشياء, وأشياء .. ولكننا في الواقع مفلسون و فقراء إلى أبعد الحدود "

مقتبس

* * *

كنتُ - بما أنني شرقيّة أنا الأخرى ! - أتساءل أسئلة عجيبة جدًا ! منها مثلا، كنت أتساءل بيني وبين نفسي لو أنّ إحدى الفتيات كانت ستسقط مثلا، على درج أو في وسط أي مكان عام، الشارع أو الكليّة مثلا، ولم يكن بجوارها سوى تاء غير مربوطة، هل سيساعدها أم سيتوقف عقله ليتساءل مترددًا ما بين إقدام و إحجام؟
ماذا لو العكس؟ أفتكر حتقول راجل ويستحمل ! الموقف حصل معي فعلا وكنّا بنتين وولدين، أنا مسكته من كُمّ جاكت البدلة، والولد التاني قام بالباقي !

بعدها حكيت لهم تساؤلي .. وكان الرد: ! ؟

سؤال آخر أغرب أسأله لنفسي، أذكر أننا في المدرسة الثانوية كنت وصديقاتي نذهب للمعلّمة - خاصّة القريبة منّا - قبل بدء الصفّ ونجلب معها الأشياء ونحمل عنها أدواتها، أذكر تحديدًا معلّمة الأحياء أسعدها الله حيثما كانت، وكان تصميم المدرسة مساعدًا كبيرًا على ذلك، فقد كانت غرف المعلّمات منتشرة في ما يقارب النصف دائرة، ونصفها الآخر يحوي مدخلين منفصلين أحدهما يوصل مباشرة لفصول الصف الثالث، والآخر أقرب لفصول الصف الأول، وفي مركز الدائرة درج للأسفل حيث الإدارة في الواجهة و"الحوش" في الخلف .. فكنّا بعد كل صفّ تقريبًا نتجوّل في تلك الدائرة خصوصًا آخر سنة، ما جعل بعض المعلمات يصفن فعلنا بالطواف المقدّس !

بالمناسبة قبل أن أدخل المدرسة كانت سمعتها السيئة تسبقها بمسافات، وعندما دخلتُها بدأت خطوتي الأولى في تعلّم كيفية أن أرمي بكلام النّاس خلف ظهري مالم أجرّب أو أرى بعيني .. !

سؤالي إذن، ماذا لو فعلتُ ذلك لأحد الدكاترة ! بالتأكيد سأرمى بأغلظ الاتهامات !

لكنني توصلتُ لإجابة مريحة كي أخرسني، الإتيكيت يقتضي أن يحمل الرجالُ الأشياءَ عن النساء لا العكس !

* * *

أنيس منصور يقول أنه أثناء تدريسه بالجامعة كان يرى الشباب والفتيات يضربون عن حضور المحاضرات لأجل الجلوس معًا، ويقول أنه يعذرهم، فلا يوجد مكان يعترف بوجود الفتى والفتاة معًا سوى الجامعة !

هذا يثبت أننا نتخلّف بخطى واثقة، كنت كتبتُ تعليقًا منذ فترة عند إيمان بخصوص هذا الموضوع، إن لم تتغيّر النساء فسيظل هذا التخلّف مستمرًا ومطّردا بمزيد من الثقة، لأن النساء هنّ رغمًا عن الظروف لهنّ الأثر الأكبر في التربية والتعليم، من قبل كان الرجال هم الذين يقومون بتهذيب أبنائهم وتثقيف نسائهم - لا أدري لماذا في الواقع لكنّ النساء المشتغلات بالعلم والأدب لم يكنّ يتزوجن، أو لم يكنّ ينجبن، أو أنهم لم يخبرونا في القصص، ربما تركن أبناءهن في رعاية آخرين! - لكنّ الأمر فلت منهم عندما انشغلوا بالحياة المعاصرة لتوفير حياة كريمة للأسرة الغير كريمة ..

أحيانًا أتساءل، ما الفائدة وراء التعب والشقاء الذي ينال الآباء وفي النهاية لا يحصدون سوى أجساد بلا عقول ولا ثقافة ولا حتى اعتراف بالجميل- على أقل التقديرات الإنسانية !-

ما الفائدة أن يكون الآباء في قمّة الاحترام ويقومون بتفريخ أمثال هؤلاء بأفكارهم التي أقل ما يقال عنها أنّها زبالة ؟

* * *

بعد أن تمّت خطبتها لأحد المدرسّين، قالت عنها صديقاتها أنّها كانت "تطارده"، وتذهب له كثيرًا، ورغم أنهم أصدقاءها، وأنه لا أحد يتزوج دون إرادته، ورغم أن طبيعة العلاقة بين الطالب والمعلّم تقتضي التعامل والاحتكاك المباشر لحين تخرّج الطالب مثلا أو أي انقطاع طبيعي آخر للعلاقة- البنت في قمة التهذيب أصلا-، وبعد أن سمعتُ الحكاية قلتُ: وإذا يعني بتحبه وبتروح له؟ مش دا لوحده سبب منطقي؟ لما بتحبي حد أكيد بتحبي تقربي منه وتعرفيه أكثر، وفيها إيه لما تحبه وتتصرف بما يمليه عليه قلبها؟
وكلهم- اللي بيقولوا كدا- بنات حتموت وتتجوز من أيّ واحد- بالمعنى الحرفي لأي حد-، عَمَار بجد ..

جتكوا القرف سيبوا بقى الناس في حالها

17 February, 2009

أفتوكالايزو

أفتوكَـ Lies


كتاب صدر في معرض الكتاب المنصرم، للكاتب أسامة غريب، يحوي عدّة مقالات اجتماعية وسياسية ساخرة من النوع سريع الهضم، منذ زمن طويل جدًا لم أمسك كتابًا وأنهيه دون مقاطعة تذكر

الكلمة عنوان الكتاب من تأليف الكاتب، عندما قال له أحدهم أنهم يقولون أنه مشهور بكذا* .. فردّ عليه أفتوكالايزو، أي أنهم أفتوكـ كذبًا

بيقولوا

اليوم في الكليّة قالت لي زميلتان: شفنا جارتك على فكرة، كنت عايزة أقول طيب أعمل لكم إيه، بس فضولي دفعني لأقول: أين؟
قالوا: عند الطبيب
قلت لهم: طيب كويس - إنهم شافوها مش إنهم تعبانين !-
قالتا: وقالت لنا - عندما عرفت أنّهما في كلية العلوم - جارتنا هناك كمان وبتلبس أسود على طول وكذا وكذا وكذا " تصفني شخصيًا" وانقلب الحديث ليصبح: واللابتوب بتاعك كان بايظ، كنتِ بتقولي جوزك مات؟ قالت لنا كل حاجة تقريبًا !
عند هذا الحد أومأتُ برأسي ورحلتُ بلا كلام

وأنا أنوي ألا أتحدث أبدًا إلى تلك المرأة، وأنوي بكل إصرار أن أمنع أمّي من الحديث إليها على الأقل فيما يخصّني !

إيه دا !!!!!!!!!!!

إيه داااااااااااا بجد !!!!!

أتساءل، هل أشبهها عندما أكتب هكذا عن كلّ شيء؟

هناك بلاء ابتليتُ به حقًا، وهو التأمل، عرفتُ الآن لماذا كان الحكماء والفلاسفة يختلون بأنفسهم ويسافرون لأجل السياحة والتأمل، ولمّا لم يتح لي لا السفر ولا الاختلاء بنفسي بعيدًا عن البشر، فإنني أتأمل في البشر ..

لأنّ هذا لعمري العذاب مجسّمًا ومكبرًا ألف مرّة، ولا يصيب بالحكمة ولا بالفلسفة، بل بالـ قرف، أو ربما الـ خَرَس الناتج عن شدّة الرغبة في الصراخ !

يحدث أحيانًا أن أكون شاهدة على موقف ما، ثم أكون شاهدة على ما "يُحكى" عن هذا الموقف، فأجد أنّ لكلّ شخص حكايته التي يحكيها بعد إضافة نكهته الخاصّة وانطباعاته الشخصيّة وكأنها جزء أساسي مما شاهد أو سمع !

منذ زمن طويل جدًا قال الرسول عليه السلام لأصحابه ألا يحكي أحدهم عن آخر شيئًا سيئًا أمامه - أي الرسول- كي لا يكون في صدره شيء منه، والناس تحكي بمنتهى الثقة ضاربة عرض الحائط بمن أمامها ومن خلفها، ما الضير في أن يحكي الإنسان ما رأى | سمع فقط؟ بدون أن يزيد رأيه الشخصي أو تحليله الفذّ وكأنه يعلم نوايا الناس وضمائرها وما في قلوب البشر أجمعين، إلا قلبه هو؟

أنا أكره البشر، وكلّما زادوا كرهتهم أكثر، وكلما أفتوني كذبًا كرهتهم بشدّة، أنا مريضة !

من ضمن المقالات التي تتضمن الكتاب مقال مرّ جدًا عن الفتاوي الرمضانية، يذكر الأستاذ أسامة أنه بينما يستمع لأحد برامج الإفتاء تتصل واحدة وتسأل: ما حكم الزواج برجل من خارج بلدها، ويردّ الشيخ، أو من يقال عنه أنه شيخ بأنه: يجوزولكن، ويتألم الكاتب ويغلق الراديو، بمنتهى البساطة قال لها: يجوز، هي لم تسأله ما حكم زواج المسلمة بغير المسلم، بل بزواج المسلمة بالمسلم ! ويلعن ذلك السؤال المعبأ بالعنصرية والجهل الذي ينسف الأساس الذي جاء من أجله الإسلام أصلا !
هذا الـ شيخ - بمعنى الكبير في السنّ هنا !- لم يمر عليه حديث الرسول القائل: لا فضل لعربيّ على أعجمي إلا بالتقوى؟ فكيف بمفاضلة عربي وعربي ! ومسلم ومسلم !!

هناك كلمة لا أذكر إن كانت حديثًا أم قولا لأحد العلماء، لكنها صحيحة جدًا، جدًا .. أنّ الله ينصر دولة العدل ولو كانت كافرة ويهلك دولة الظلم ولو كانت مسلمة .. هل يستحق الأمر أيّ تعليق منّي؟ يكفي أن تتأمل حال الدول الـ لاإسلامية وحال الدول العادلة، أو التي - على الأقل - تحاول -جاهدة- أن تكون.



* كلمة فرانكوعربية أخرى كانت هي الداعي لـشحذ الكاتب لقول ما قال

الحب الأول .. كذبة



يقول أنيس منصور في أَحَد مقالات كتابه:" قلوب صغيرة" أنّ الحب الأول لا يموت أبدًا، وأن الإنسان إن لم يرتبط بحبه الأول، وحدث بعدها أن ارتبط بأحد، فإنه سيبحث عمّن يشبه حبيبه الأول، وذكر عدّة أمثلة على أصدقائه من الرجال الذين لم يقدر لهم أن يتزوجوا بحبيبتهم الأولى، فتزوجوا بمن تشبهها تمامًا أو غالبًا، في الشكل أو الطباع أو كليهما.


ليسمح لي أنيس منصور أن أعدّل ذلك، لأنّ لديّ وجهة نظر أخرى في هذا الأمر .. أرى أن الإنسان منّا يحبّ صفات معيّنة، ويعجبه سلوك معيّن بسبب أنّها تنقصه فيرى في الشخص الذي يحملها مكمّلا له، وإما بسبب أنها تشبهه فيرى في حاملها روحه، في كلا الحالتين، يكون رد فعل ناشئ من تراكمات الطفولة أو العقل اللاواعي أو خبرات مجتمعة انطلاقًا من الحياة العامّة عمومًا..


فإذا وجد الإنسان ذلك الشخص الذي يحمل هاته الصفات، أو لا يحمل تلك، فإنه يضعف أمامه ويقع في حبّه، وعندما يفشل الحبّ الأول، وتنقضي فترة النقاهة، ويقُدّر للشخص أن يسلّم رايته من جديد، فإن القلب يقع في حبّ شخص يحمل ذات الصفات التي يبحث عنها، أو لا يحمل تلك الصفات نفسها التي يكرهها، وليس لذلك علاقة بكونه حبًّا أوّل فشل فنمضي باحثين عن من يشبهه .. الأمر أعمّ من ذلك..


أيًا كان السبب، فإني أرى أنّ الحب الأول غالبًا لا يكتمل، لأنّه لا يكون ناضجًا ولا مسؤولا - وإن كنتُ أشكّ بوجود حب ناضج ومسؤول في هذا الزمن ! - إلا أنّ أول تجربة دائمًا تكون تمامًا كانفجار الصاروخ في أوله، شيء لابدّ من حدوثه كي ينطلق الصاروخ ويستقر في الفضاء مواصلا رحلته بتؤدة وسلام، حتى يستقرّ على أحد الكواكب.. أو بمعنى آخر، هرمونات ومشاعر تظهر في مرحلة معيّنة من النمو الإنساني ولابد من إفراغها بشكل أو بآخر ..لذلك، في الدول التي تسمح بالاختلاط بين الجنسين - أو العوائل التي تفعل -، نجد أن بنت الجيران، بنات العمومة والأخوال يكونون غالبًا أبطال هذه القصص، وفي الدول التي لا تسمح بذلك، يكون رفقاء الدراسة أو السكن من نفس الجنس هم أبطال هذه القصص .. ولا أريد أن أخوض في موضوع الحبّ المثلي، فلهذا حديث آخر

ختامًا أعتقد أن كل حبّ هو حبّ أول، لكن أيّها يكون الأخير والآخر؟


كل واحد فينا قرّب
يبقى شكل التاني
خد ملامحي
هات ملامحك

كنت فين؟ الله يسامحك


16 February, 2009

ولكن

كنت أتحدث مع صديق مرة، وقلتُ له

- Life is Shit

ردّ

-it is, but i still don't like to read it from girl

الذي جعلني بالتأكيد أقول كلمتي الأولى ليس حبّا في الكلمة ولا لتعلّم مفردات اللغة الانجليزية، فجاءت كلمته لتأتي على الوتر الحسّاس .. الكيل بمكيالين في مجتمعنا ..

إذن عندما تغضب الفتاة - إن كان من حقّها ذلك !- أو يتعكر مزاجها وتضيق بها الحياة، ليس عليها أن تطلق سبّة تعبّر عمّا يعتمل في داخلها، بل عليها أن تصبر وتلقي نظرة حالمة كلّها أمل للسقف وتقول بوداعة:

الحياة ما طلعتش بمبي على فكرة

ثم - يُسمح لها- أن تجهش بالبكاء على وسادتها بدون صوت كي لا تعكّر مزاج أيّ من أصحاب السعادة المتواجدين في المنزل !


أشكي لمين؟

14 February, 2009

القيود الغالية



أضيق، أضيق بأغلال حبي

فأمضي و تمضي معي ثورتي

أحاول تحطيم تلك القيود

و يمضي خيالي

فيخلق لي عنك قصة غدر

لكيما أبرز عنك انفصالي

و أقصيك عني بعيداً بعيد

لعلي أعانق حريتي

و أقطع ما بيننا

غير أني

أحس إذا ما انفصلنا

كأني

لُفظت وراء حدود الوجود

و يثقل قلبي

و تنقص روحي

و تصبح مبثورة رازحة

و أكره أهلي

و أكره نفسي

و تعرى الحياة و تمسي

قفاراً بغير جمال

بغير ظلال

و يصبح عيشي بغير مذاق

فلا طعم، لا لون، ولا رائحة

ويسألني عنك قلبي

ويصرخ في ألم في احتراق:

لماذا جننت فأقصيته؟

لماذا ؟

لماذا؟

تراه يعود

وحين تعود

يعود الوجود

يمد ذراعين مفتوحتين

إليّ، ويصبح قلبي خفيفاً

يغني كطير سعيدٍ

بنى عشه في ربى الجنة

وروحي التي بترت يا حبيبي

ترد بقيتها الضائعة

إليها،

وتخضب حولي الحياة

وتبدو ملونة رائعة

وأمضي وتمضي معي فرحتي

أعانق فيك عبوديتي

وأحضن أحضن تلك القيود

حبيبي بما بيننا من عهود

بضحكة عينيك

إذا أنا ضقت بأغلال حبي

وثرت عليها وثرت عليك

فلا تعطني أنت حريتي

فقلبي قلب امرأة

من الشوق ... يعشق حتى الفناء

ويؤمن في حبه بالقيود



فدوى طوقان

09 February, 2009

رسالة

يا ألله

لقد تأخرتَ في استرداد أمانتك،

لم أعد قادرة على الحفاظ عليها،

خذها يارب..

أو أرسل من يوصلها إليك

لأنني أخشى ضياعها،

وأنا لا أحب خيانة الأمانة،

ياربّ

لقد أصبحت أمانتك ثقيلة على قلبي،

ولم أعتد من قبل على حَمْلِ هذه الأمانات على كاهلي،

أنت تعرف جيدًا أن الإنسان ضعيف،

ومع ذلك حمّلته مالم تحمله الجبال،

أخبرني متى ..

هل قريبًا تأخذها ؟

لا تخبرني ..

ليس هذا مهمًا ..

استردّها وحسب ..

برفق يا ألله ..

إلا رجوتك أن تتعجّل

06 February, 2009

يَسُوع المسيح: احْضَرْ حَالاً



لم نعد نريد أناجيلك.

لم نعد نريد أعاجيبك ومواعظك والحقّ الحقّ أقول لكم.

لم نعد نريد حكاياتك وأمثالك.

لم نعد نريد صلواتك وتهديداتك.

تعال.

احضرْ حالاً.

الجميع بانتظارك والأهل والأقارب ليسوا في خير.

احضرْ حالاً.

الأرض التي أنجبتك خربانة.

الجيران متدهورون.

روما الحديثة مسعورة وبيلاطس ملايين ويهوذا الاسخريوطي قوانين والرسل الإثنا عشر أفلسوا.

"أنت الصخرة وعلى هذه الصخرة أبني بيعتي" لكنهم بنوا على الصخرة مؤسسة تلعب الرياح فيها بالأوراق والملفات والغبار والألفاظ.

أأنت المسيح صاحب قصة لعازر؟ إذن تفضّل.

الألفا سنة فاصل طويل. معنا ضعف نظر ولم نعد نراك.

المسافة شاسعة. اقترب وادخل. هذا وقتك. لن يكون لك وقت أفضل. إذ لم تجئ الآن فلا تجئ بعد ذلك. الحاجة إليك الآن.

نريد أن نعرف.

نريد أن يقول لنا أحد ماذا نفعل، أين الحقّ، لماذا نعيش، من هم هؤلاء ومن هم أولئك.

نريد أن يقول لنا أحد من نحن، ولماذا يضربوننا، ويكذبون علينا، ويجوّعوننا، ويبّشعون حياتنا، ويهدرون مستقبل أولادنا، ويعهّرون الحياة من بابها إلى محرابها.

نريد أن نعرف منك أنت مع من.

لقد سئمنا التراتيل والأناجيل ومتّى ومرقس ولوقا ويوحنا. وسئمنا خصوصاً أعمال الرسل. وبولس. وبطرس. والرؤيا. وجميع القديسين.

وفلقونا بالأخ بابا نويل.

شكراً. شكراً لمجهودات ذوي النيّات الحسنة والذين يحبون أن يزيّنوا لنا الحياة في المناسبات.

ليس هذا المطلوب.

المطلوب واحد وهو حضورك. حضورك حالاً، وكلّ عذر لعدم حضورك مرفوض.

أنت مسؤول.

أنت المسؤول الأول والأخير فلا تقف في ظل الأناجيل.

قالوا انك ستعود.

شرّف.

تعال أخبرنا، تعال تكلم من جديد، تعال نقِّح أقوالك القديمة، تعال أعد النظر في هذا العالم، تعال راجع ضميرك وأعمالك وأقوالك.

قل لنا أين الطريق. أعرف أعرف: "أنا هو الطريق والحق والحياة". لكنْ قديمة. نريد غيرها الآن في ضوء الطرق اللانهائية المتداخلة، والحقوق التي لا يُعرف سرابها من طغيانها، والحياة التي نعيشها بالحبوب والأقراص.

نريد أن نعرف موقفك من اليهود،

موقفك من اسرائيل،

موقفك من العرب،

موقفك من الغرب،

موقفك من الزنوج،

موقفك من الحب، والجنون، والطب، والعمل، والمال، والحرب، والعائلة، والبابا، والعقائد، وموت الأطفال، والأمم المتحدة، والفنون، والشعر، والجنس، ومسيحيي لبنان، وسوريا، والأردن، ومصر، والسودان، والعراق.

الكلمة عظيمة. الكلمة الله. الكلمة أنت.

لكنْ قديمة.

نريدك "أنت".

جسداً وصوتاً، كما أنت، نازلاً من السماء، طالعاً من القبر، آتياً من الجدار، أو منبثقاً من الماء لا فرق.

تعال.

الأمم مجنونة وبلهاء والشعوب مسحوقة وغبيّة والزعماء يقتلون ويعبدون أنفسهم.

الكنائس تعيش على الذكريات.

الأديرة مهجورة.

الرهبان رهبان لأجل أنفسهم.

الصليب نجم سينمائي.

الأناجيل صارت كتاباً كجميع الكتب.

لا بد من حضورك.

اقطع أشغالك الحاليّة، أجِّل ما تفعل الآن، انهض من بين الغيوم واترك كل شيء واتبعنا.

اتبعنا على الأرض.

احمل صليبك واتبعنا.

ذات يوم طلبتْ منك أمرأة كنعانية أن تشفي لها ابنتها المجنونة، فلم تجبها، وقلت لتلاميذك انك أرسلت لخراف بيت اسرائيل وحدهم. فسَجَدتْ الكنعانيّة لك وقالت: "يا سيد أعنّي". فأجبتها: "ليس حسناً أن يُؤخذ خبز البنين ويُطرح للكلاب" . فقالت لك: "نعم يا سيد، والكلاب أيضاً تأكل من الفتات الذي يسقط من مائدة أربابها".

"الكلاب".

معك حق. لقد كَشَفْتَنا.

من أيامها ونحن كلاب.

لكن الكلاب أيضاً يا سيد "تأكل من الفتات".

عد إلينا.

نحن الكلاب أحوج إليك من أرباب المائدة لأن أرباب المائدة أكثر توحّشاً من هؤلاء الكلاب.

عد إلينا.

قل لنا مرّة أخرى اننا نحن الكلاب وسنصدّق.

قل لنا عندما تجيء إننا لا نستحق وسنصدّق.

قل لنا أي شيء عندما تجيء وسنصدّق.

لكنْ تعال.

كلامك السابق سَبَقَتْه الأحداث.

نعم كلامك أبدي لكن الأبدية أيضاً تسبقها الأحداث.

لم نعد نريد الكتب.

لم نعد نريد سفراءك على الأرض.

لم نعد نريد اللجوء إلى الغيب والتجريد. نريدك بلحمك وعظمك.

أنت يسوع المسيح.

نريد أن نعرف.

أن نعرف كل شيء.

نريد أن نعرف منك أنت شخصياً، بكلام جديد، واضح، هادئ أو صارخ.

تعال.

الناصرة تنتظر.

بيت لحم تنتظر.

القدس تنتظر.

جبل الزيتون ينتظر.

الجلجلة تنتظر.

فلسطين تنتظر.

العالم كله ينتظر.


أنسي الحاج

لي حبيب


نحن نقول: الإخلاص وَهْم، البراءة سراب، الخرافة خرافة، فلنعترف أن الحب ليس الحلم، ولنخرج من الطفولة.


لكننا منافقون.

لأن النجمة التي في السماء هي النجمة التي في القلب.

لأن النجمة الذي في السماء هي القمر الذي في القلب.

لأن البياض الذي في الطبيعة هو لون صفائنا.

نحن في قرارة أنفسنا نؤمن بالحب القديم، الحب الرومنتيكي، الحب الفائض عن الصفات، لكننا نسفّهه لأن العالم حولنا يسفهه، فيجعلنا نبدو أقلية مضحكة.

لقد سحق العالم العفوية، فأَرعبنا. نحن نعرف أننا ضعفاء، أننا مشقوقون بالعواطف مريضون بالجمال، لكننا نُظهر اللامبالاة والخشونة لأننا نخاف الهزء والفضيحة.

كم نحن جبناء، وكم نحن خَوَنَة يا صديقي!


أنسي الحاج


05 February, 2009

إلا الحماقة

أعترف .. أنني شريرة لأنني لا أتسامح مع الأنذال .. ولا أغفر أبدًا للخونة ومرضى النفوس والمدّعين الذين يقومون بإيذاء الناس عمدًا. ولا يتورعون عن فعل أي شيء كي يمارسوا الإيذاء بشتى الطرق الرخيصة.. ولا يبلغ أقصى تفكيرهم الإبداعي سوى في كيفية القيام بذلك..

الذين يعيشون فقط لإقناع الناس أنهم ما هم إلا حمائم سلام مرسلة من الله لإنقاذ البشرية من الضياع والجهل والمرض، وأنهم ملائكة ونسمات طيبة تتناثر هنا وهناك لحلّ المشاكل والصراعات ..

أعترف أنني شريرة .. وليس لديّ قلب، وأنني قاسية جدًا في أحكامي على هؤلاء المنافقين، ولا أتورّع أبدًا عن الاعتراف بأنني أكرههم من كل أعضائي الأخرى - لأنني بلا قلب ! - ولستُ دبلوماسية أبدًا في التعامل معهم، ولا أتعامل بوجهين في هذه المواقف..

عندما يؤذيني أحد فإنني أسقطه من حساباتي تمامًا، أعتبره غير موجود في حياتي ببساطة .. بكل ما في الكلمة من معانٍ حرفية ومجازية..

أعترف أن هناك قلائل في الحياة تفوقوا على أنفسهم في إيذائي، ومنحي ذلك الشعور بالكراهية مجانًا .. ولا أشكرهم على ذلك.

أعترف أنني بالمقابل لولا وجود بعض الأشخاص الذين يستحقون أن أعيش لأجلهم لكان الله أعلم بحالي !

أعترف أنني متحجرة المشاعر لأنني لا أقبّل زميلاتي كلما رأيتهنّ، وأتعجب ممن تأخذني بالحضن مع أنها حتى لا تعرف اسمي كاملًا أو حتى تخطئ في اسمي الأوّل، أو من تقول لي: وحشتيني وهي لا تعرف عني أكثر مما يعرف عني بواب عمارتنا !

وأعترف أنّ إحداهنّ كانت لا تحدثني إلا إذا أرادت شيئًا، فأصبحتُ كلما تحدثت أقول لها: هاتي من الآخر .. فتخبرني أنها المخطئة لأنها تسأل عنّي، بينما لم يكن السؤال إلا مقدّمة ثقيلة - بالنسبة لي على الأقل - توطئة للطلب..

أنا لا أصلح لهؤلاء .. ولا يصلحون لي .. لا نصلح معًا.

الناس نوعان برأيي: نوع يمكنك أن تتحدث معه، تقنعه أو يقنعك .. أو يحترم كلّ واحد وجهة نظر الآخر

والنوع الآخر: الحمقى ..

لكلّ داء يستطبّ به .. إلا الحماقة أعيت من يداويها

هؤلاء فعلا ليسوا فقط كما قال الحكماء: لا تجادل الأحمق فيخطئ الناس في التفريق بينكما، بل إنهم لا يجلبون سوى الصداع وضياع الوقت ويثيرون فيك أسوأ أحلامك .. هم باختصار كوابيس تمشي على قدمين ليس من حل سوى الاستيقاظ منها بالابتعاد عنهم تمامًا ..


أخيرًا .. أعترف أن ما نحن فيه هذه الأيام أقوى من أية أندروفين، وأنني لا أشعر بالسعادة المزعومة التي يشعر بها من يمارس الرياضة .. أنا فقط متعبة ذهنيًا ونفسيًا وفؤاديًا.. لأنني بلا قلب كما سبق التوضيح.



متعلقات: الأحضان الدافئة

02 February, 2009

تفسير لحن العبث



تقول لي: ماذا تـكـذبـيـن؟

وأرد: أنا أكـذبك .. وأكـذب عنك .. وأكـذب لك


لأنك ترى أن الكتابة مرادف آخر للكذب .. وترفض الاعتراف بأن الكتابة عالَم آخر .. أنا خالقته ورازقته وكاتبة أقدار من فيه ومدبّرة شؤونه كيف أشاء .. أنا ربّه الأعلى !


أنت تشحنني بمشاعر شتى لا أقوى على احتمالها وحدي، والكتابة تجعلني أتخفف منك قليلا .. فأنا محدودة الاحتمال .. وأحتاج للتخلص دوريًا من عبء احتوائـك ! لذلك أمارس الكتابة.. لأتخلص مما أستطيع من شحـناتـك..

وكما جميع الأدوية، لها آثار جانبية، كذلك الكتابة .. لها آثار جانبية سيئة على قلبي.

لأنني من كثرة ما أكذبك .. أصدّق أنّك هنا .. أُصاب بالدوّار فجأة وأتخيل أنّك ستقوم بالتقاطي، ولا أجدك ..
أراك تطلّ عليّ مبتسمًا بينما أعدّ القهوة .. فأعيد تجهيزها لشخصين .. وعندما أنتهي، لا أجدك .. ولا أستطيع تناول أيّ فنجان .. على أمل ظهورك ثانية.
أبكي بحريّة على أمل أن تمسح عبراتي بيديك .. وأنتظر حتى تغلبني دموعي .. ولا تأتي، فأجدني مضطرة لمواساة نفسي، وحدي.
أجدك صباحًا في الشارع تنتظرني في سيارتك .. تشير لي، تأخّرتِ .. فأعتذر لك.. لأكتشف عندما أهمّ بالركوب أن سائق سيارة الأجرة يصرخ بوجهي: هل ستركبين أم لا أيتها المجنونة؟

أنا أكـذبنا.. وأعبث بحياتنا كيف شئتُ .. ولا دخل لأحد فيما أفعل بي .. وبك.. وبعالَمي..

كلنا نعبث يا سيدي .. أنا أعبث بالكتابة عنك دون إذنك، وبمنحك حياة لا تعيشها، ومنحي بطولة لقصّة في رأسي وحدي، إن لم تكن الحياة مسرحًا للعبث لما أرسل الله الأنبياء كي يرشدوا الناس لطريق الهداية، ويقوموا بتقويم أنفسهم ومقاومة جنونهم العبثي ..

لأنّ الله يعلم أن العبث طبيعة بشرية صميمة .. أرادهم أن يقوموا بتهذيب أنفسهم في محاولة لترغيبهم فيما هو أفضل وأسمى .. وأن يقوموا بتغذية أرواحهم عِوضًا عن عقولهم المجنونة .. وأجسادهم المندفعة ..

لأنه لولا وجود الطريق العبثي يا عزيزي، لما طُلِب منا أن نسلك الطريق المستقيم..

أليس كذلك؟