30 December, 2008

لغزة رب يحميها


أعلم .. استنزفت كل الكلمات .. كما الدماء تمامًا في غزّة .. أكره أن أبدو كالنائحين النادبين .. لكنني حقًا لا أستطيع التركيز في الدراسة ..

أحتاج إلى سبب قوي يجعلني أترك التفكير فيما يحدث حولي .. واحتقار كلّ القوانين البشرية والمجتمعية التي أعيش فيها والبشر الذين يتحدثون في أشياء تافهة .. لأحشر بضع معلومات في رأسي


أحتاج إلى سبب أقوى يجعلني أترك كتابة هذا المقال لأجل دراسة بضع كلمات لن تحمي طفلا ولا امرأة مذعورة ولا شيخًا لا يستطيع الجري لينجو بحياته .. بما تبقّى من حياته بالأصح .. لأنه لا يستطيع أن يدخل في منافسة مع صاروخ !


ستقام المظاهرات .. وتنهض الحناجر العربية بأغنية " البطيخ العربي" .. أو " الكفتة العربية" أو "الجُبن العربي" أو أي شيء آخر عربي .. ونبكي قليلا أو كثيرًا .. وتعود حياتنا لما هي عليه


فلانة لن تتغير .. وفلان لن يتحمل المسؤولية .. وعلانة لن تترك عادتها السيئة في الإيقاع بين النّاس، وكثيرون لن يحاولوا النهوض بأنفسهم وتغيير أفكارهم كي يكونوا أشخاصًا أكثر إيجابية في حياتهم


أتوقع أن أصحو يومًا لأرى ما يحدث بغزة هنا .. لن أستغرب كثيرًا وقتها .. بل ربما سأشعر بالراحة أنني لن أموت كما جئت .. دون أيّ فائدة تذكر .. سأموت حينها شهيدة مدافعة عن الأرض والعرض


لكنني - رغم ذلك - لا أريد أن أرى في الواقع ما أراه في التلفاز .. ! أن أبحث في جيوب الجثث عن هوية أصحابها لأنها جثث بلا رأس، أو أحمل بين يديّ أحد أقاربي لأدفنه بيدي .. بل أريد أن أموت بسلام بين من أحب ..


الحرب شرّ .. والقتال فعل ثقيل على البشر الطبيعيين ..


يا ربي رحماك

29 December, 2008

مـيـلاد جديـد


كثيرًا ما تمنيتُ أن أعمل سائقة سيارة أجرة، سائقة تاكسي أتجول في أنحاء المدينة أُقِلّ أشخاصًا لا أعرفهم ولا يعرفونني، أعرف مرّة أين يعيشون ومع من يتنقلون .. رغم أنني ربما لا أراهم بعدها أبدًا..

فقط أقود السيارة وأستمع لمطربي المفضّل


إحدى متعي السريّة في الحياة، القيادة في شارع البحر، أو ركوب تاكسي يمشي صاحبه بسرعة أمام البحر، وكأنه يهرب من طوفان قادم ! والتحديق في الفراغ بينما لفحة الهواء البارد تصفعني بلطف ! .. أتمنى دائمًا ألا ينتهي الشارع أبدًا .. أو أنّ منزلي يقع في نهااااية الشارع .. حيث تطول المسافة المستقيمة أكثر ما يمكنها أن تطول !


لو أنّ الأمر بيدي .. لأقمتُ يومًا نفعل فيه ما لا نستطيع فعله باقي الأيام لأيّ سبب كان، من تريد أن تزور حبيبها في السّجن، من يريد أن يذهب ليرى طفلته الصغيرة ويخرج معها دون أن تقف طليقته في وجهه.. من يريد أن يمارس الغوص في أعماق البحر لكنّه لم يفعل لسبب أو لآخر..

من يريد أن يُغنّي، أو من تحب أن ترقص ليوم واحد .. نعود بعده إلى حياتنا كما هي .. هل ستتغير حياتنا ؟ هل سنولد مرّة أخرى؟ هل ستصاب أرواحنا بالبهجة، وكأننا قمنا من حلم جميل لكن تأثيره لم يزل من نفوسنا ؟


في المرة الوحيدة التي ذهبتُ فيها وحدي لتناول صحن السلاطة في ليتل سيزر قبل عدة أسابيع، كنتُ أريد بشدّة أن أهاتفه لأطلب منه أن يأتي معي، كنتُ على استعداد لأن أذهب إليه حيث يعمل وأعرض عليه الأمر.. لا أجد أحدًا يذهب معي، هل يمكنك المجيء؟ فقط نتحدث .. إن أردت أن تتحدث سأستمع .. أو أتحدث أنا وتستمتع .. لو أردت أن تتناول شيئًا ما .. هل لديك وقت؟

ليت الأمر بهذه السهولة .. بالطبع لم أفعل شيئًا .. هل هذا ما يطلقون عليه اسم العقل ؟ أم معامل الاحتكاك بالواقع !؟


الجميل أن بداية السنة الجديدة هي كعيد ميلاد لجميع الخلق تقريبًا .. حتى وإن كنت قد احتفلت بعيد مولدك توًا، فبدء سنة جديدة حكاية أخرى .. تقليب لأحداث صارت في سنة كاملة .. نتذكر ما يمكن أن يجلب لنا ابتسامة ونتجاهل ما قد ينذر بعواقب وخيمة ..

1430 – مجرد رقم يزيد في الأوراق ..جثث أكثر لإشباع بطن الأرض النهمة، حزن أكثر، دموع أكثر، ولا أحد يلتفت للعداد.. نحن فقط نقوم بالاستهلاك!

لستُ من المؤمنين أنّ العالَم سيغدو أفضل، أو أنّ الأوضاع ستتحسّن، وأنّنا يمكن أن نصحو يومًا، أو يصحو أحفاد هذا الجيل على مصر أكثر طهرًا وجمالا وسلامًا وأمْنًا .. وعلى وطن عربي نظيف من وحوش مستعرة تلتهم كل خيراته ولا تترك للشعوب سوى الفتات .. وكأنها تمنّ عليها ببقائهم في ملكيتهم الخاصّة ! أوعلى قطاع غزة لا تستطيع أن تفرّق بينه وبين دبيّ، أو تختفي مشاكل تسبقها كلمة لبنان ..

ولستُ من المؤمنين بأن لهذا السواد نهاية، وأنّنا نعيش كابوسًا يومًا ما ستصحو الأرض منه.. وأن تختفي الآلات التي تدّعي البشرية وتفتك ببشر يدّعون أنهم لاحول لهم ولا قوة ..

أنا أؤمن أننا من سيء إلى أسوأ .. وأخشى أن أرى أكثر

ولا أريد أن أرى أكثر

وأشعر أن: كل عام وأنتم بخير كلمة سمجة ثقيلة لا معنى لها .. كلمة من كثر ما استهلكت لم تعد تعبّر عن شيء، بل ربما لا تعني سوى كل شرّ، لأن الخير لو عمّ هذا العام فماذا نتبادل من كلمات في العام القادم ؟

أتعني "كل عام وأنتم بخير" شيئًا إلا أننا كنّا في شرّ؟

لأنّ الشيء المؤكد أن مدلولها أبدًا لا يبدو كدعوة استمرار لـ"خير" موجود فعلا !

لذلك .. عام جديد .. بلا أية تهنئة

27 December, 2008

حاجات

عندك إيه أو : معك إيه ؟

لو كان السؤال بين فتيات

تجد الإجابة: بكالوريوس علوم - مثلا

أو :مازلت طالبة في كذا

لو كان السؤال بين "حريم"

تجد الإجابة: محمد وهبة (بكره الاسم دا جدًا بالمناسبة !) ، وانتِ ؟

بينما تسقط تمامًا أيّ اعتبارات أخرى لأي أشياء معك - أو عندك - فلا قيمة لشيء إن لم يكن عندك "فلانون وفلانات" لا "أشياء وأشياءات !" هكذا تقاس الحريم !


* * * *


- احنا جايين نشوف عنزتكم الكريمة

- اتفضلوا .. هاتوا العنزة

- ما شاء الله ما شاء الله .. نتكلم في التفاصيل بقى ؟

- الفاتحة ... شـيـل على بركة الله !


* * * *


عندما عرف والدها أنّها واقعة في حبّ أحدهم .. وبعد اجتماع ذكوري واحد بأبناء العمومة .. زُوِّجَتْ بأحد المتطوعين لإنقاذ سمعة العائلة من الفضيحة !


* * * *

بعد أن تزوجت، رفضت أن تنجب لأجل الحفاظ على صحتها الجسدية والنفسيّة .. اتهموها بالفاسقة .. والكافرة .. المخالفة لفطرة الله التي فطر عليها الخلق ..شكّكوا في أخلاقها وحرضوا زوجها ليؤدبها بالزواج عليها، لو أنّها قالت لهم أنّها لا تنجب هل كانت لتنجو من سياطهم ؟
بعد أن يئست من الجميع .. خلعت زوجها .. واختفت

وبعد سنوات قليلة

زاد عدد ذكور البلد واحدًا !


* * * *


بعد أن أظلمت في عينيها الدنيا تمامًا .. فوجئت بجليدها يذوب أمام نظرته .. أرادت أن تستمر شمسه في حياتها، لكنّ الشتاء حلّ أبكر من المعتاد، وعادت الغيوم من جديد..


* * * *


درجة الحرارة 12 درجة مئوية .. ورغم أنّ أطرافي يمكنها أن تقوم بتوفير ثلاجة الآن، إلا أن قلبي دافئ بوجودك


* * * *

23 December, 2008

برد


تَـعِـبْـت

والطقس لا يساعد على الشفاء

والمطر ينهمر فوق رأسي وحدي

22 December, 2008

فضفضة

أن ترغب في شيء لم يفعله أحد من قبل يعني أنّك تطلب الحرام

بغض النظر عن حكم هذا الأمر، ففي الواقع وبما أنّ ما ترغب فيه ليس من " المتعارف " عليه فأنت تطلب ما ليس من حقك أن تطلبه

فليس من حقك أن تناقشه فضلا عن أن تسعى إليه

متأكدة أن الموضوع قد نوقش من قبل، ربما عند إيمان في مكان ما، سنّ الزواج الآن مرتفع، من الطبيعي أن تجد الشباب والفتيات أنهوا تعليمهم وظلوا دون زواج، بغض النظر إن كانت لم مصادر دخل خاصة بهم أم لا

لكن حديثي يتعلق بذوي الدخول منهم، والذين يصلون إلى مرحلة يختنقون فيها من تحكمات الأهل "في الرايحة والجاية"، والأسئلة الكثيرة التي - وإن كانت بنية الاهتمام - فإنها تأتي في أوقات غير ملائمة، أو أنها تكثر وكأننا إن لم نتزوج فإننا لا نستقلّ أبدًا !

وكأنّ الزواج هو صك النضج الوحيد للبقاء بعيدًا عن الشبهات، وكأنّ الزواج هو الباب الشرعيّ لفعل ما يحلو لك، أنتِ متزوجة يعني أنّكِ شخص مسؤول ولا يحق لأمك أن تقلق عليكِ - إلا إن تأخر إنجابك !- وتأتين لزيارة أهلك وقتما تحبين فأنت معذورة - وعندك بيتك اللي ملهية فيه- وكان الله في عونك

أمّا إن كنتِ تعملين وتريدين الاستقلال في السكن عن أهلك، لأنّك ليس بوسعك استقبال أصدقائك لظروف العائلة- وإن كان الأصدقاء كلهم من الفتيات ذوات الصوت المنخفض- وليس من حقك الخروج والدخول دون المرور بعدة نقاط ضريبية، لأنّ هناك أناس في المنزل أكبر منكِ عليكِ احترام وجودهم ورغبتهم في تملكك حتى آخر قطرة .. لمجرد أنهم عاقبوكِ بجلبك للحياة

لن أسقط نفس الأمر على الشباب، لأنهم لا يحتاجون لهذا الأمر، فهم يخرجون ما بدا لهم، ويجلبون أصدقاءهم فجأة كما يحبون، ويبيتون مع أصدقائهم بمباركة الأهل والمجتمع والوطن

*****

أنا أكره الإلحاح، أفضّل أن أحكي أنا كل شيء عوضًا عن أُسْأل كـ متهم، أحيانًا تستفزني الأسئلة بدرجة كبيرة، بينما قد تجدني أحكي كلّ شيء فجأة ودون سابق طلب !

كلما فكرت في الأمر تذكرتُ جزء " الكهف " الذي قرأته في كتاب جون غراي "الرجال من المريخ والنساء من الزهرة"، كان يقول أن الرجال لا يحبون أن تسألهم نساؤهم كثيرا وتلحّ عليهم عندما يكونون في حالة من الصمت الاختناقي أو ما سماه " عندما يكون الرجل داخل كهفه، دعيه حتى يخرج" بهذا المعنى، لأنهم وقتها يعانون من مشكلة ما، وسوف يبوحون عندما يحتاجون لذلك، ودون إلحاح..

أتساءل: هل جون غراي مخطئ لأنني أيضا كذلك ؟ -بالتأكيد هناك أخريات!- أم أن العيب فيّ أنا؟


"عندما لم تعد تسألني بذلك الأسلوب المستفزّ، أصبحتُ أخبرها قبل خروجي أنني سأنتهي عند الساعة كذا، وأهاتفها قبل أن أعود إلى المنزل لأسألها إن كانت بحاجة لشيء أجلبه معي"

ماذا إن وصلتَ لمرحلة أنّك لا تسمع ما يحبون، ولا يسمعون ما تحب، أنت تحبهم لذلك لا تريد أن تخسرهم، وهم يحبونك ولا يفهمون ذلك، لذلك أنت ترى أنّ الحل أن تبتعد قليلا .. وهم يرون أنك تمزح

بينما كل تلك الأشياء الصغيرة تتراكم داخلك .. ولا تدري متى ستنفجر في وجهك، أو في وجوه الجميع!

أنت فقط تعلم أنّ هناك شيئًا ليس على ما يرام، وأنّك تكبر سريعًا .. وتتذكر قبل خمسة سنوات من حياتك كيف كنت، فلا تصدق أنها خمسة سنوات، تخيلوا أننا منذ بدء حرب العراق شارفنا على إنهاء السنة السادسة ..!

كلما تذكرتُ يوم الاحتلال، وأحسب عدد السنوات الفاصلة بيني الآن وبيني وأنا جالسة أمام الكمبيوتر في السعودية بعد منتصف الليل وأتحدث مع أحد الأصدقاء السعوديين عن هذا الأمر ..قبل أن يعلن الخبر بشكل رسمي

أذكر أنني عندما ذهبت للمدرسة بعدها كتبت في تاريخ الدفتر: اليوم الأول لاحتلال العراق .. وصديقتي السوريّة العزيزة تواطأت معي.. ونظل كذلك عدة أيام، حتى نسلّم الدفتر للمعلمة وتصححه ليعود الدفتر إلينا ونرى الدرجة المكتوبة: صفر وعلى التواريخ علامات استفهام !

فنمحوها بماحي الأقلام، لأننا عَرَبْ ونقدّر حق المعلّم كثيرًا .. ولأن الأوطان في القلوب ليست بين دفتي دفتر رياضيات !

كان هذا عام 2003

شهر مارس

يوم 20

*****

كلما قرأتُ عن مشاكل المتزوجين وسمعتُ منهم، كلّما زادت بهجتي تفاؤلا بالمستقبل المشرك، المشرك إشراكًا لا أدري كنه الشمس التي تسببه ! لذلك أهذي مؤخرًا بأنني سأتزوج من متزوج كي لا يعرف الملل طريقه إلينا ! ويظل هناك باب مفتوح للاشتياق دائمًا ! - فلتخبئ كل واحدة زوجها إذن !-

ولأنني غيورة جدًا .. فلن أكون الثانية، لأنني لن أطيق زواجه بعدي، لذلك أقول أنني لابدّ أن أكون الرابعة لأغلق العداد!

عندها قالت صديقتي:
كدا إنتِ أوّل واحدة حيتعمل لك
pop
from stack !

هدمت نظريتي فوق رأسي بكلمتها !

لذلك .. أنا بحاجة لحلّ آخر لمعادلتي

*****

أخيرًا ..

إلى صديقي الذي أراد أن يقرأ لي عوضًا عن المقالات المقتبسة .. أهدي هذا المقال

والأصدقاء المذكورين في المقال، لو أنكم قرأتكم هذا يومًا وعرفتم أنني أنا ! .. سلّموا لي على أنفسكم وكونوا بخير

*****

توضيح لابدّ منه
pop from the stack
عندما نقوم بتخزين بيانات بطريقة: من يدخل أخيرًا يخرج أولا
LIFO: Last In First Out
Or
FILO: First In Last Out

stack
الكلمة تطلق على الـ"مكان" الذي يتم فيه حفظ بيانات من نفس النوع
pop()
الاسم البرمجي لعملية الحصول على البيانات بالترتيب العكسي الذي تم إدخالها به

20 December, 2008

لمزيد من الكذب.. أكتب

أنا بنت نيسان شهر الكذب، وليس من عادة الأسماك أن تُصدِّق. غير أنّ لي نُبل الاعتراف بذلك، حتى إنني سمَّيت إحدى مجموعاتي "أكاذيب سمكة"، ولم أتردَّد في تنبيه القارئ بين جملتين، إلى احتمال أن يكون ما يقرأه في رواياتي، منسوجاً من "دانتيل الأكاذيب".

على الرغم من ذلك، كثيراً ما يرفض القارئ إمكانية أن يكون أمام نصّ مُخادع. وينوب عن زوجي في محاسبتي، كما نــاب الشعب الأميركي عن هيلاري في محاسبة بيل كلينتون.

أكبر حماقة تقترفها كاتبة، هي التبرؤ ممّا يُحيط كتاباتها من شُبهات، فليس واجباً أن تُدافع عن عِفَّــة الكتابة وبراءتها، ولا أن تُبرِّر مَزالِــق أبطالها ونزواتهم. فلا أحد سواها يدري أنّ الرواية هي، أيضاً، فــنّ إسناد أقوالك وأفعالك إلى الآخرين.

الكتابــة فعل إرباك واستدراج القارئ إلى كمين لغة ملغومة بالاحتمالات، وبذلك البوح الْمُشفّـر الذي تختفي خلفه المرأة الكاتبة.

شخصياً لا أثق ببراءة القارئ. لـــذا لا أقوم بجهد البحث له عن لغة معصومة تُشبهه، وأُشارك "بودلير" قوله: "أيها القارئ الْمُخادِع، أخــي.. يا شبيهي".

لماذا نحب كاتباً بالذات؟

لا لأنّه يُبهرنا بتفوقه علينا، بل لأنّه يُدهشنا بتشابهه معنا. لأنه يبوح لنا بخطاياه ومخاوفه وأسراره، التي ليست سوى أسرارنا. والتي لانملك شجاعة الاعتراف بها، حتى لهذا الكاتب نفسه. حدث مرّة أن جاءتني قارئــة، وفي حوزتها "فوضى الحَـوَاس"، وقد ملأت الكتاب تسطيراً وإشارات وهوامش، حتى بَـدَا مُنهَكَاً طاعناً في العمر. وعَبَثَاً حاولت أن أستعيره منها، لأعرف ماذا أحبَّت هذه القارئة في تلك الرواية بالتحديد، لكنها رفضت، واعترفت لي بأنّها تخاف إنْ تصفَّحته أن يَشي لي الكثير عنها. لم يُجدِ إقناعي لها بأنها تعرف عني ما يكفي ليكون لي أنا أيضاً حقّ التجسس عليها، ضحكت وأخفَت الكتاب.
وقد سَبَق أن طلبتُ من نزار قبّاني يوماً، أن يبعث لي بنسخة "ذاكرة الجسد" التي في حوزته، لأطّلع عليها. بعدما قال لي ذات مرَّة إنّه وضع كثيراً من السطور تحت الجُمَل التي "كتبته فيها"، ما جعل أصدقاءه الذين أطلعهم على الرواية، ليُحثّهم على قراءتها، يَعجبُون من أمره.

ولكن نـــزار، رحمه اللّه، ضحك ولم يستجب لطلبي، ومازلت حتى اليوم. أنتظر فرصة لزيارة لندن، كي أطلب من ابنته هدبــــاء، إهدائي تلك النسخة، أو السماح لي بتصويرها، عساني أعرف بعض ما أخفاه عني نزار قارئاً. هذه الحادثة جعلتني أعتقد أنّ الكاتب نفسه، عندما يتحوّل إلى قارئ تنتابه أعراض الحياء إيّاها. ففي القراءة حميميَّة، لا تُعادلها إلاّ حميميَّة الكتابــة. لــــذا مثلاً، يُزعجنا ونحنُ نُطالِع كتاباً أو مجلّة، أن يقف أحد خلفنا ويبدأ في مُشاركتنا القراءة، لأنّه لحظتها يكون مُنهمِكاً في مُطالعتنا.

ولأننا اعتدنا ألاَّ نسأل الذين يقرأون لماذا يفعلون ذلك، يُقدِّر سُؤالنا الكتّاب، لماذا هم يكتبون، ففي إمكاني أن أُجيب مُستندة إلى قول "رولان بارت": "الكتابة هي فــن مَــزج الشهوات"، إنني أكتب لمتعة الإقامة في مَخدَع الكلمات. وأظنّ أنّ كثيراً من القارئات يُشبهنني، ويقرأنني لأنهنّ يُشاطرنني قدراً نسائياً لا يخلو من الْمُراوغَة الضرورية، ومن النِّفاق الْمُتوارث، الذي يبدأ من التفاصيل الْمُخادعة للحياة اليومية، وينتهي في مخدع "الشرعيّة". وفي كل مخدع، نحنُ نحتاج إلى مَكر الحَوَاس، ومَكيدة اللغة، لننجو من ورطــة الواقع. فهكذا أنقذت جدّتنا "شهرزاد" رأسها من الموت، عندما راحت في مَخدَع الكلمات، تكيد لـ"شهريار" باللغة ليلة بعد أُخرى. منذ ذلك الحين، أصبح للذاكرة النسائية حِيَــل إحداها الكتابة. وللرواية ذرائع إحداها "تبييض الأكاذيب"، كما يُبيِّض البعض الأموال غير المشروعة.

ومن هنا جــاء قول كاتبة فرنسية: "الروائي كذّاب يقول أشياء حقيقية"، وجاء قول غـــادة السمّان: "العمل الإبداعي كذب مُركَّب". لــــذا، لمزيد من الكذب، سأُواصل كتابة نصوص مُخادِعــة، قصد تبييض أحلام أشترك مع كثير من النساء في نهبها ســرّاً.. مــن الحيــــاة.



أحلام مستغانمي

16 December, 2008

من حقنا



من حقّنا نحلم


مثلا


مثلا النّاس سعيدة
وشاطرة مش بليدة
وقريبة وبعيدة
بتحضن بعضها



مثلا


مفيش جراح
والخنقة بقت براح
وأنا لو تعبت.. أرتاح
في حضن قلبه



مثلا



الكون جميل
والنيل بقى ألف نيل
ووطن ملوش مثيل
في الدنيا كلها



15 December, 2008

وداعًا ليتل سيزر

مطعم كامبريج


من الطبيعي أن يحتاج الشخص لتغيير جو من حين لآخر .. طبيعي أن تخرج مع أصدقائك عندما تحتاج إلى التحدث، أو قضاء بعض الوقت بعيدًا عن أيّة التزامات، نذهب إلى أيّ مطعم أو كافيه يحتوينا، رغم أن حديثنا غالبًا يكون حول الجامعة وأمورها وحول البرمجة والمواد الدراسية عمومًا !!

لكنّ الحديث يكون ممتعًا رغم ذلك ! والجلسة لا يملّ منها .. ولا تنتهي إلا لأنها يجب أن تنتهي ! عندما تبدأ الهواتف بالرنين، ونجد أنّنا مطلوبون لا لشيء إلا لأن هذا يكفي، أو أننا يجب أن نكون هناك .. وحسب

المهم .. أننا عندما قررنا ذلك يوم الأمس الأسبق، خسرت\خسرنا مكانًا كان من أفضل الأماكن عندي ..

ليتل سيزر محطة الرمل .. المكان الوسيع والسلطة المتاحة دائمًا تجعلني أفضّله في كلّ مرة نحتاج فيها للحديث .. إلى أن ضبطنا لديهم

bugs !!

ولأننا لسنا خبراء في هذا النوع من الـ "باجز" ولأننا في مكان حيث لا يجب أن يحدث هذا ! ناديت النادلة لأقول لها: إيه دا !

نظرت لي باستغراب نظرة تقول - ايه الدلع اللي انتِ فيه دا - !! ثم ذهبت لتنادي ندلا آخر (متعمَّدة) فيأتي ليقضي على الصرصار بمنديل ورقي، وبكلّ رقة يضغط على الحائط .. ثم يبتعد وهو يبحث في الأرض كمن فقد شيئًا ثمينًا

قبلها بثوانِ .. رأيتُ واحدًا على الجدار المقابل لي خلف أحد السياح مباشرة، تبادلت مع اثنين من الأصدقاء نظرات: هل رأيتما ما رأيتُ ؟
أجابا: نعم !

مباشرةً بعدها .. نظرت صديقتي خلفي، لتشير لوجود آخر .. قمتُ وناديت الأخت .. كما حكيتُ بالأعلى

بعد رحلة البحث الفاشلة ذهب الندل ولم يعد ! لكنني لن أعود للمكان أبدًا .. على جثة صراصير البلد بحالها !! قام أحد الأصدقاء ليقتله بحذائه لكنه فشل أيضًا !

واضح إنهم متغذيين في المطعم كويس !

تبادلنا المقاعد .. لأنني لن أستمتع بتناول الطعام وهناك صرصار قد يأتي ليشاركني لقمتي ! أو على الأقل أجده متجولا على جسدي دون حق
!!

بعد قليل .. طلب صديق من الندل مناديل .. وبكل صفاقة سحب منديلا من الطاولة المجاورة وناوله إياه سائلا إن كان يريد المزيد؟ ولما أجاب: ياريت .. سحب آخر من ذات الطاولة بذات الـــــ ........ !!!!!!!!


ولم يتحدث أحد .. لم يتحرك أحد .. للأسف .. سقطوا من نظري تمامًا .. في الأماكن المحترمة .. أتوقع - منذ بدء الحكاية- أن يطلبوا منا تغيير الطاولة ويحملوا الصحون في المكان الآخر .. ثم يقوموا بإبادته إبادة شاملة

أو على أقل تقدير الاعتذار .. أو

كلا .. ولا اختيار من هذه

كنت أتوقع منذ البدء ألا أرى أيّة صراصير

ماذا حدث بعد ذلك؟ أكملنا طعامنا باستمتاع طبعًا ! وانقلب الموضوع تهريجًا على كلّ شيء ! هل يوجد مطعم آخر يقدّم إثارة أكثر لزبائنه من باج يقدَّم إلى ديباجرز ؟


مع إن الكول سلو تبعهم حلو، ومع إنّ المكان كان مريحًا لي جدًا .. ومع أنّه المكان الوحيد الذي ذهبتُ لأتناول صحنًا من السلطة وحيدة عندما لم أجد من يذهب معي


لكنني اعتزمتُ عدم دخوله مرة أخرى

الموضوع منتهي .. دي مسألة مبدأ

!!

ممكن لو عملوا زي مطعم كمبريج الموجود في الصورة، أفكّر أغيّر رأيي

14 December, 2008

رسالة قصيرة


إليك خذني


ضمّ إليك بقايا فرح


ضمّني برفق


وأشْعِلْ توقيت الحزن


وحين يمرّ ما يكفي من الانطفاء


وأتخفّف من كلّ شيء


شدّ إليك أنا العاشقة


وإيّاك أن تفلتـَ - نـِي

12 December, 2008

معسكرات الاعتقال العاطفي

من أجمل أقوال الإمام علي (كرَّم الله وجهه)، قوله: "أحبَّ مَن شئت فأنتَ فاقده", وهو يُذكِّرنا بقول آخر له: "لكلٍّ مُقبل إدبار وكلُّ مُدبرٍ كأن لم يكن", لكأنَّ علينا أن نعيش السعادة كلحظة مهدّدة، ونتهيّأ مع كل امتلاك.. لحتميّة الفقدان.. وكما يقوم نزار قبّاني بـ"تمارين" يوميّة في الحبّ، علينا أن نقوم يومياً بالتمرُّن على فاجعة فِراق أقرب الناس إلينا، كي نُحافظ على لياقتنا العشقيّة.. ونقوّي عضلة القلب، بالانقطاع فترة عن الذين نحبّهم.

وما أعنيه هنا، هو فراق الْمُحبين، وما يليه من آلام النهايات ذلك أن الأجمل كان لو استطعنا الاحتفاظ بجمالية البدايات.. لو أن الحب لم يمضِ بنا صوب خلافات وشجارات، واكتشافات تشوّه الحلم فينا، وتجعل الحُبّ الكبير يموت صغيراً.

وبرغم هذا، لا أُوافق محمود درويش، حين يقول "لا أُحبُّ مِنَ الحب سوى البدايات", فليست البدايات هي التي تصنع الحبّ، إنها ذلك الذهاب والإياب العشقي نحو الحب وداخله.. ذلك الكوكتيل العجيب من العواطف الْمُتداخلة الْمُتدافعة الْمُتناقضة، مدّاً وجزراً، صدّاً ووصلاً.. حبّاً وكراهية، التي تصنع أُسطورة الحب، وتُحبّب للمحبِّين عذابه وتقلّباته فـ"من ده وده.. الحبّ كده"، ولا مجال لقطف وروده من دون أن تُدمي يدك بل ثمَّة مَنْ عَلَشان الشوك اللِّي في الورد يحبّ الورد"، وهو نفسه الذي غنّى "مضناك جفاه مرقده وبكاهُ ورُحّم عوّده"، حتى جاء مَنْ يُزايد عليه في المازوشيّة العاطفية، مُعلناً من غرفة العناية الفائقة للعشَّاق "عش أنتَ إنِّي متُّ بعدك"، وقد كان موته السريريُّ متوقّعاً لدى كلّ محبِّي أغانيه، مذ أعلن في أغنية شهيرة أن "الحب من غير أمل أسمى معاني الحياة"، ما جعل من الموت حبّاً.. أجمل أنواع الميتات! وهـي طريقة شاذَّة في الحب، لا أتباع لها إلاَّ في العالم العربي، حيث لتشوّهات عاطفية يطول شرحها، عندما لا يجد الإنسان العربي حاكماً يتكفل بتنغيص حياته، وخنق أنفاسه، ورميه في غياهب السجون، يتولّى بنفسه أمر البحث عن حبيب طاغية جبّار، يُسلّمه روحه كي يفتك بها.. حُبّاً، بعد إدخاله إلى معسكرات الاعتقال العاطفي، وتعذيبه عشقاً حدّ الموت.

وبسبب هذا الواقع الذي انعكس على أغانينا، يصعب إحصاء الجرائم العاطفية في الأغاني العربية، التي كثيراً ما يُضاف إليها جريمة هتك المغني ذوق المستمعين، وثقب مسامعهم بعويله وفي حمّى تكاثُر الجمعيّات التي تظهر كل يوم باسم ضحايا الإرهاب، وضحايا الفيضانات، وضحايا البنايات المهدّدة بالانهيار، اقترح أحد القرّاء الجزائريين تشكيل جمعية ضحايا الحب من طرف واحد وأظن أن الموسيقار فريد الأطرش، كان يصلُح رئيساً شرفياً لها، لو أنه لم يكن ضحية فعلية من ضحاياها!

وخَطَــر لي أن أزيــد على اقتراح هذا القارئ، أن يكون لهذه الجمعيّة فرع في كلّ دولة عربية، وألاَّ يقتصر الانخراط فيها على العشَّاق وحدهم، بل يشمل أيضاً المواطنين العرب، الذين يعانون من أوطان لا تُبادلهم الحبّ، ولا يعنيها أن تسحق الحاجة هامتهم، أو تتقاذف المنافي أقدارهم.. في المقابل، أُطالب بإغلاق معسكرات الاعتقال العاطفيِّ، التي يقبع في زنزاناتها عشاق سُّذج، تصوّروا الحياة العاطفية بثوابت أزلية، وذهبوا ضحية هَوسهم بعبارة "إلى الأبد"، معتقدين أن كلَّ حبّ هو الحبُّ الكبير والأخير، فوقعوا في براثن حب مُسيَّج بالغيرة وأسلاك الشكوك الشائكة، ومُفخّخ بأجهزة الإنذار ونقاط التفتيش، غير مدركين أن الحب، رغم كونه امتهاناً للعبودية، هو تمرين يومي على الحرية أي على قدرتنا على الاستغناء عن الآخر، حتى لو اقتضى الأمر بقاءنا أحياناً عاطلين عن الحب.

نــــزار يرى عكس هذا حين يقول "أُريد أن أظلّ دائماً نحلة تلحس العسل عن أصابع قدميك.. حتى لا أبقى عاطلاً عن العمل!".

الْمُشكِلة في كون العشاق يسعدون بعذابهم، ولا أمل في إنقاذهم من استعباد الحبّ لهم!





أحلام مستغانمي

10 December, 2008

بوح مجنون

أنا: أريده شاعرًا ومبرمجًا ومجنونًا ويفهمني ويشبهني !

فهل أنا جشعة ؟

في البرمجة حرف (و) في شرط ما .. وقبل ذلك في المنطق الرياضي، تعني أن هاء الغائب هذه لن تتحقق إلا بتحقق ما بعدها كلّه دون إسقاط شرط واحد !


نرمز لها بالرمز (&&) بدل الـ (و) في الكود وحينها يكون الشرط أقوى وتحقيقه أكثر صعوبة!


عندما آتي المنزل وقت الغداء-الطعام عمومًا- .... ويقال لي - كعادة المصريين في هذه المواقف- حماتك بتحبّك ! أردّ: وأنا بحب ابنها ! وأفكّر، هل يحبني هو أيضًا كما أفعل ؟



ثم أطرد التساؤل من تفكيري .. لأنني حينها أتذكر رغمًا عنّي المقولة المصرية السائدة والتي أكرهها تمامًا: خد اللي يحبك مش اللي تحبه ! مقولة بشعة أنانية بكل المقاييس وأتجرأ لأقول حقيرة جدًا وتدل على ثقافة الشعب وطريقة تفكيره الـ (أنا) جدًا ! بغض النظر عن افتتاحيتها التي تذكرك بواحد في سوق خضار وحينّقي كوسا مثلا ! مقولة تزايد على مشاعر إنسان لأجل أن يعيش آخر منعمًا هانئ البال وكأنه يجود على الآخر بأنه منحه نفسَه وقربه ! مجرّد الفكرة تثير غثياني!


تمامًا كالمثل النفاقي الشهير، كُلْ اللي يعجبك والبس اللي يعجب النّاس ! ما دام الأكل يصب في معدتك حيث لا يوجد جيران طالعين نازلين، ولا يوجد فلانة وعلّانة .. يبقى "أعمل اللي يعجبني"


بينما الملابس تظهر للجميع .. لابدّ أن أرتدي ما يعجب الناس كي يرضى عليك الله وترقد بسلام في قلوب الآخرين ! أو في عيونهم التي لا يسدّ فضولها سوى التراب !


أمثال لا تزيد المريض سوى مرضًا .. ومن لا يفهم غباءً وتبعيّة .. ولا عزاء للبقية


ذات مرّة وأنا عائدة من الجامعة وجدتُ عند المصعد إحدى الجارات تعرض على طفل أخرى شوكولا، فرفضتها- الأم- بحجة: عندنا فوق ! فقالت لها المانحة (وكنتُ أعرفها جيّدًا) : أنا لا أسأل إن كان عندكم أم لا .. وعَرَضَتْ مرة أخرى ..ورفضت .. فإذا بي أقول لـ"طنط" التي أعرفها: هاتِها لي أنا! في حد يقول لأ على شوكولا؟ أي حاجة ممكن تترفض إلا دي !


صورة أخرى من صور النفاق الاجتماعي .. أنا لديّ لذلك لن آخذ منكِ ! لست أقلّ منك ولا أحتاج عطيتك ! ألم أقل سابقًا أن بعض النساء يستحققن الحرق في محرقة جماعية على أفكارهنّ الغبيّة التي يتوارثنها ويورثنها، مفسدات أجيال متوالية دونما ذرة ضمير

المهم أنني كنتُ صائمة يومها وأعطيتُ لأمي الشوكولا بعد أن حكيتُ لها الحكاية ! لا أدري إن كانت طنط الأخرى قد أحرجت بتصرفها الطفولي - وهو ما أتمناه حقا !- أم أن مخّها أكبر\أصغر من أن يصل لهذه النقطة ولم تر سوى واحدة ملهوفة على قطعة الشوكولا عشان ما عندهم في البيت - يا حرام - !

ردًا على سؤالي في أول سطر ، قالت أختي: عندك كام بليون شخص في الكرة الأرضية

قلت لها: جبتِ التايهة يا بنت .. كيف فاتني ذلك ؟

كم أنا ضيّقة الأفق


تصبحون على مكالمة ممن تحبون

:)


تظهير (التحديث ظهرًا !)

لأنه ليس كل من يقرأ هذا بعيدًا عمن يحب، دعوني أغيّر الديباجة لأنها غير دقيقة

لأقول

تمسون على صوت من تحبون

ذكروني أن أشرح هذا كوديًا فيما بعد

!

مأتم الأحلام

استوقفني قول للكاتبة كارولين أهيم: "الحصول على دماغ يستطيع الكتابة، معناه الحصول على دماغ يعذبك", ولو أنها خبرت لعنة الحصول على دماغ عربي، لأدركت نعمة عذابها، ولقاست بمقياس ريختر للألم، فاجعة أن تكون كاتبة عربية في زمن كهذا.

ذلك أن الكاتب العربي يشهد اليوم تأبين أحلامه شيء ما يموت فيه، ويُشعره بخـواء النهايات ثمَّة عالم جميل ينتهي، وهو يستشعر ذلك، وينتظر مذهولاً حلول الكارثة زمـن انتهى بأحلامه ومثالياته ونضالاته.. وقضاياه المفلسة نشعر بخفّة الألم، لا خفّة من أزاح عن كاهله مشكلات حملها عمراً بكامله، بعدما عثر لها أخيراً عن حلول، وإنما خفة مَن تخلّص أخيراً من أوهامه.

سعادتنا تكمُن في فاجعة اكتشافنا، أنه لم يعد في إمكان أحد أن يبيعنا بعد الآن قضية جديدة، مقابل أن يسرق من عمر أبنائنا جيلاً أو جيلين آخرين فالشعارات الْمُعلَّبة، الجاهزة للاستهلاك التي عشنا عليها، انتهت مدّة صلاحيتها، وأصبحنا نعرف من أي "سوبرماركت" استوردها أولياء أمورنا، وكم تقاضى بعضهم، ومازال، مقابل تسميمنا ومنع نموّنا الطبيعي، واختراع حروب وكوارث لإبقائنا أذلاّء، فقراء، ومرعوبين.

لقد اختصر محمد الماغوط، نيابة عن كل المبدعين العرب، سيرته الحياتية في جملة واحدة: "ولدتُ مذعوراً.. وسأموت مذعوراً" فالمبدع العربي، مازال لا يشعر بالأمان في بلد عربي وإذا كان بعض الأنظمة يتردّد اليوم قبل سجن كاتب أو اغتياله، فليس هذا كرماً أو نُبلاً منه، وإنما لأن العالم تغيّر وأصبحت الجرائم في حق المبدعين لا تمرُّ بسرِّية، بل قد يُحاسبه عليها العالم المتحضّر، كلما جاءه مقدماً قرابين الولاء له، طالباً الانتساب إليه.

كيف في إمكان الكاتب العربي أن يكون ضمير الأمة ولسان حقّها، وهو منذور لمزاجية الحاكم وأُمية الرقيب وأهواء القارئ، الذي أصبح بدوره رقيباً يعمل لحسابه الشخصي، وقد يتكفل بإصدار فتوى تكفّرك أو تُخوّنك، محرّضاً الشارع عليك، فتخرج مظاهرات تطالب بسفك دمك وكسر قلمك، وتُدخلك القرن الواحد والعشرين من بوّابة المحاكم وغرف التحقيق والسجون؟ يقول برناردشو: "الوطن ليس هو فقط المكان الذي يعيش فيه الإنسان، بل هو المكان الذي تُكفل فيه كرامته وتُصان حقوقه"

وهي مقُولة تجعلنا نكتشف ما نُعانيه مِن يُتم أوطان لسنا مواطنين فيها فكيف نكون فيها كُتّاباً، ونحن نقيم في ضواحي الأدب وضواحي الحرية، خارجين لتوّنا مذعورين من زمن ثقافة الشارب العريض، والقصائد التي تُلمِّع حــذاء الحاكم، وتُبيِّض جرائم قُطّاع طُرق التاريخ، لنقع في فخّ العولمة.. فريسة للثقافات الْمُهيمنة ولطُغاة من نوع جديد، لا يأتونك على ظهر دبّابة، إنما يهدونك مع رغيف البنك الدولي.. مسدساً ذهبياً تطلق به النار على ماضيك؟ وقد قال أبو الطالب الدمستاني "إنْ أطلقت نيران مسدسك على الماضي، أطلق المستقبل نيران مدافعه عليك" ولا أدري كيف في إمكاننا إنقاذ المستقبل، دون أن نعي الواجب التأمُّلي للمبدع ودوره في حماية الهوية العربية، ذلك أن معركة الألفية الثالثة ستكون ثقافية في الدرجة الأُولى، وعلينا ألاَّ نكون مُغفلين ولا مُستغفَلين أمام هيمنة ثقافية، لا يمكن أن تكون بريئة.


إنَّ المبدع والمثقف العربي، هو آخــر صرح بقي واقفاً في وجه بعض حكّام، لا ينتظرون إلاَّ غفوة أو غفلة منه ليسلّمونا شعوباً وقبائل إلى الغرب، على طبق العولمة أو التطبيع وهذا المبدع العربي، الذي حدّد نفسه منذ أجيال "مبدع الضدّ"، قد يأتي يوم لا يجد فيه قضية عربية تستحق منه مشقّة النضال، ويومها سنبلغ عُمق الكارثة!


أحلام مستغانمي

09 December, 2008

تأمُّلات مُتأخِّرة.. في الحبّ

سأظلُّ أطالب بإغلاق معسكرات الاعتقال العاطفـيِّ، التي يقبع في زنزانتها عشّاق سُذّج، تصوّروا الحياة العاطفيّة بثوابت أزليّة، وذهبوا ضحيّة هَوَسِهِم بعبارة "إلى الأبــــد"، معتقدين أنّ كلَّ حُبٍّ هو الْحُبُّ الكبير والأخير، فوقعوا في براثن حبٍّ مُسيَّج بالغيرة وأسلاك الشكوك الشائكة، ومُفخّخ بأجهزة الإنذار ونقاط التفتيش، غير مُدركين أنّ الحُبّ، على الرغم من كونه امتهاناً للعبوديّــة، هو تمرين يوميّ على الحرّية، أي على قدرتنا على الاستغناء عن الآخر، حتى لو اقتضى الأمر بقاءنا أحياناً عاطلين عن الحبّ.

نزار قبّاني الذي قال في الحب الشيء وعكسه، لفرط ما عاش تطرّف الحبّ وتقلّباته، كتب يقول: "أريد أنْ أظلّ دائماً نحلة تلحس العسل عن أصابع قدميك، حتى لا أبقى عاطلاً عن العمل!".
ثمَّة عشّاق لا أمل في إنقاذهم من العبوديّة. إنهم يصرُّون على العمل خَدَمَاً لدى مولاهم الحبّ، على الرغم من كونه طاعناً في التنكيل بِخَدَمِهِ!


هو الْحُــبّ..
وماركيز ينصحك: "لا تمت من دون أن تُجرِّب جَمَال حمل عبئه".
تضحك، هو لا يدري أنّ حمولتك تلك، قصمت ظهر أيامك• في البدء، يحملك الحبُّ لفرط خفّتك، ولا أحد آنذاك يُنبِّهك بأن عليك أن تحمله بعد ذلك بقيّة عمرك.. في البدء، أنت فراشة.. كائن من غبار وطيش، تحملك بهجتك، ثمّ تنتهي دابّة تنوء بحمل خيباتها.
يا حمّال الأسيّة "خُذ من الحب ما تشاء، وخذ بقدره من عذاب"، نصيحة من "عتّال عاطفيّ" أقعدته الذكريات!

***

* الفرح ثرثار. أمّا الحزن فلا تستطيع أن تقيم معه حواراً.
إنه منغلق على نفسه كمحار.
بلى.. في إمكانك إغاظة الحزن بالفرح.
تكلّم ولو مع ورقة.

***

* كلّما رأيت من حولي نساءً في كامل انتظارهنّ، يشكون البطالة العاطفيّة، ورجالاً أعياهم الترقُّب لبرق ينذر بصاعقة عشقيّة، وقصّة حب "أبديّة"، حضرني قول جون كيندي: "لا تسأل ماذا يمكن لوطنك أن يفعل لك، بل ماذا عليك أن تفعل من أجله".

بالمنطق نفسه، على العاطلين عن الحبّ أن يسألوا ماذا عليهم أن يفعلوا من أجل الفوز به. فلا يمكن طلب الحب بالتكلفة الأقل. الحب إغداق، إنه يحتاج إلى سخاء عاطفيٍّ يتجاوز قدرة الناس العاديين على الإنفاق. لذا، الحبُّ فضّاح لِمَن دونه، لأنّه يُعرِّي البخلاء، حتى الذين يعتقدون أنهم أعطوا.. لمجرّد أنهم أنفقوا عليه!

***

*غادِر بيتك كل صباح، وكأنك على موعد مع الحب.

تهيأ له بما أُوتيت من أناقة• يحلو للحب أن يُباغتك في اللحظة التي تتوقّعها الأقل:

"وجدتها
في وقت لم أُنادِها فيه
فوق محطّة لم أنتظرها عليها
في لحظة لم أتهيأ لقدومها
في مكان لم أبحث فيه عنها
في مساء لم أُعطِّره لاستقبالها
في بقعة أرض لم تكن مهيأة لها".


أحلام مستغانمي

برج العقرب

بُرْجِي

رغم أنني لستُ من هواة تصديق الهراء الذي يُكتب عن هذه الأشياء، ولست من النوع الذي إذا اتفق أو اختلف مع محدثه للمرة الأولى بادر لسؤاله: انت برج كذا؟ لأن كذا لا يتوافق مع كذا .. وكل هذه الخرافات ..

إلا أنني أؤمن بعلم الأفلاك والأنجم .. لا أدري إن كانت تؤثر على الإنسان أم لا كدورة اكتمال القمر مثلا !

أؤمن أن اكتمال القمر يؤثر في البشر، وأن اكتماله يؤثر في مزاجياتهم وعقولهم !

قرأتُ هذا الكلام في كتاب" حول العالم " للكاتب فهد عامر الأحمدي .. -والبركة في جوجل!- كنتُ حينها في الصف الثاني الثانوي، عندما قرأتُ كتابه الذي يجمع أغرب وأعجب المعلومات في شتّى المجالات

بُرْج العقرب

أحبّ من وقتٍ لآخر أن أقرأ في تحليل الشخصيات الخاصة بالبرج الخاص بي، وأعرّج على الأشخاص الذين يهمّني أمرهم .. وهكذا

من الأشياء التي تنطبق عليّ تمامًا

أنني أؤمن (أحبّ) الأسباب الخفيّة !

هناك أشياء أرضى بالجزء المجهول فيها ولا أتساءل كثيرًا كيف حدثت .. مثلا .. أن يعرف أحد ما شيئًا لم أقله لأحد .. لا أبحث كثيرًا خلف ذلك ..

الإنسان هو أغرب مخلوق وجد على سطح الأرض ! "نحن اكتشفنا عالم الحيوان .. لكننا إذا فهمنا الإنسان، وقتها سنعرف الله" جملة قرأتها ..

عمومًا .. أعتقد أن الكثير من الأشياء المذكورة في وصف أصحاب البرج تنطبق عليّ، ورغم أنّ صديقتي العزيزة برج العقرب أيضًا .. ورغم انطباق كثير من الصفات العامّة عليها أيضًا .. إلا أننا نختلف في كثير من الأشياء..وليس كل من قابلتُ من هذا البرج اتفقت معهم، فكريًا أو روحيًا.. القضيّة إذن ليست مجرد برج !


من مشاهير هذا البرج .. ويكفي واحد منهم فقط !
فيروز، ماري أنطوانيت، ماري كوري، مارتن لوثر، ثيودور روزفلت، الأمير تشارلز ، بيل جيتس، بيلي صانداي، سالي فيلد، روبرت كنيدي، روك هدسون، كلود مونيه، فيفيان لي، بابلو بيكاسو ، ريتشارد بيرتون، ديلان توماس، إنديرا غاندي، جريس كيلي


من طريف ما قرأت مؤخرًا

هو .. برج مائي
هي .. برج هوائي
الاتنين مع بعض .. حياتهم زعابيب ومطره وانفلونزا طول العمر
----
هو .. برج ترابي
هي .. برج ناري
الاتنين مع بعض .. حياتهم قزاز هيتكسّر ويتفتفت على دماغهم ودماغ اللي يعرفهم
----
هو .. برج ناري
هي .. برج مائي
الاتنين مع بعض .. حياتهم ميّه مغليه وتسلخات وصباحو وحوحه
----
هو .. برج هوائي
هي .. برج ترابي
الاتنين مع بعض .. حياتهم عَفَرَه وجو ملبّش وحوادث نتيجة عدم الرؤيه
----
هو .. برج ناري
هي .. برج هوائي
الاتنين مع بعض .. حياتهم نار مشعلله ومِشَعوطه وحد ينادي المطافي
----
هو .. برج مائي
هي .. برج ترابي
الاتنين مع بعض .. حياتهم مطيّنه بطين ونهارو زروطه
----

الاستنتاج النهائي

تعددت الأبراج .. والنتيجه منيّله بنيله


08 December, 2008

اقتباس

إنها لضرورة قصوى في هذا الزمن الشائه، أن يتحصن الإنسان بوعي سياسي وعقائدي يحميه من الضياع، وعي تتأكد فيه هويته ويتكثف شعوره بالانتماء، ومن المؤكد أن أجدر من يتحصن بهذا الوعي السياسي العقائدي هم أصحاب القلم الذين ينطلقون في أداء دورهم النضالي من جبهة الفن والفكر والشعر. فلابد لهؤلاء من اتخاذ موقف من الحياة، وموقع ينطلق منه سلوكهم وأفكارهم وأعمالهم الأدبية. فمثل هذا الموقع ومثل هذا الموقف يضيئان لهم الطريق ويمنحانهم عناصر رؤياهم، ومن خلالهما تنبثق مضامين إنجازاتهم الفكرية والفنية والأدبية.



الرحلة الأصعب..فدوى طوقان

عيد آخر بدونك

بقلم: أحلام مستغانمي
نيابةً عن روحي


-غيرة-
أغــار من الأشياء التي
يصنع حضوركَ عيدها كلّ يوم
لأنها على بساطتها
تملك حقّ مُقاربتك
وعلى قرابتي بك
لا أملك سوى حقّ اشتياقك
ما نفع عيد
لا ينفضح فيه الحبُّ بكَ؟
أخاف وشاية فتنتك
بجبن أُنثى لن أُعايدك
أُفضّل مكر الاحتفاء بأشيائك
ككل عيد سأكتفي بمعايدة مكتبك..

مقعد سيارتك
طاولة سفرتك
مناشف حمّامك
شفرة حلاقتك
شراشف نومك
أريكة صالونك
منفضة تركت عليها رماد غليونك
ربطة عنق خلعتها لتوّك
قميص معلّق على مشجب تردّدك
صابونة مازالت عليها رغوة استحمامك
فنجان ارتشفت فيه
قهوتك الصباحيّة
جرائد مثنية صفحاتها.. حسب اهتمامك
ثياب رياضية علِق بها عرقك
حذاء انتعلته منذ ثلاث سنوات
لعشائنا الأوّل..


-طلب-

لاأتوقع منك بطاقة
مثلك لا يكتب لي.. بل يكتبني
ابعث لي إذن عباءتك
لتعايدني عنك..
ابعث لي صوتك.. خبث ابتسامتك
مكيدة رائحتك.. لتنوب عنك


07 December, 2008

هدوم العيد

سألتني إن كنتُ سأبتاع ملابس العيد

قلتُ لها: أنا لم أبتع ملابس لعيد الفطر وهو العيد الأهم- ولا تسألوني لماذا- كي أبتاع ملابس لهذا العيد،

وقالت لي صديقة: نحن لا نحتفل به لأنّه كبير !

شعرتُ أنّ كلمتها في مكانها المناسب .. لا نحتفل به لأنه كبير ! تمامًا كأن يكون من العيب أن تأكل مصاصّة لأنك كبير!

نحن نحتفل أقلّ كلما كبرنا .. والأشياء التي تفرحنا تصبح بطعم مختلف، أشياء يراها آخرون شديدة العاديّة ! أو شديدة الإملال !

من قال أن كلّ النفوس يمكن أن تهيّأ لنفس الفرح ؟ أو لذات الحزن؟

العيد .. محاولة لتهيئة جميع القلوب للفرح، لكنّها تفشل مع القلوب المهمومة، أو العقول المشغولة بأمور أخرى

العيد ليس يومًا في السنة أتهيأ له بملابس جديدة، ولا بصلاة أصليها فأشعر بالسعادة العارمة فجأة.. فرحتي في فؤادي، وعيدي يوم تتجدد روحي ونفسي .. لا يوم أرتدي ملابس جديدة .. على رأي فيروز: أنا مابدّي أعراس، أنا كان بدّي الحب

فاليوم الذي أرى فيه حبيبي عيد

اليوم الذي أقضيه مع أصدقائي عيد

اليوم الذي أتقدم فيه علميًا أو عمليًا عيد

اليوم الذي أستفيد فيه معلومة جديدة، أو أفهم شيئًا لم أكن أعرفه .. عيد

وبالتأكيد .. عيد الأعياد .. سيكون اليوم الذي أدخل فيه جنّة الآخرة !

كثرتْ أعيادي إذن فهل من مستعير ؟




هامش .. غير مهمّش !
شكري لـحنا السكران .. لأنّ الأغنيات التي يذيّل بها مواضيعه تبهجني
هي عيد بحد ذاته !

اسمحوا لي أن أفعلها هذه المرّة


ارحمني يا ألله

لا تطرحني من أمام وجهك

وروحك القدوس

لا تنزعه منّي

نجّني من الدماء

ولك يليق المجد يا ألله

06 December, 2008

اليوم أوقن أنني لن أحتمل

اليوم أوقن أنني لن أحتمل !!

اليوم أوقن أن هذا القلب مثقوب ومجروح ومهزوم

وأنّ الصبر كَلّ …

وتحول لجّة حزني المقهور .. تكشف سوقها كل الجراح وتستهلّ

هذا أوان البوح يا كل الجراح تبرجي

ودعي البكاء يجيب كيف وما وهل؟

زمنًا تجنبتُ التقاءك خيفةً .. فأتيت في زمن الوَجَلْ

خبأت نبض القلب

كم قاومت

كم كابرت

كم قررت

ثم نكصت عن عهدي .. أجل

ومنعت وجهك في ربوع مدينتي .. علقته

وكتبت محظورًا على كل المشارف .. والموانئ .. والمطارات البعيدة كلها

لكنه رغمى أطلّ ..

في الدور لاح وفى الوجوه وفى الحضور وفى الغياب وبين إيماض المقل

حاصرتني بملامح الوجه الطفولى .. الرجل

أجبرتني حتى اتخذتك معجما فتحولت كل القصائد غير قولك فجة

لا تحتمل ..

صادرتني حتى جعلتك معلمًا فبغيره لا أستدلّ

والآن يا كل الذين أحبهم عمدًا أراك تقودني في القفر والطرق الخواء

وترصدًا تغتالني .. انظر لكفك ما جنت

وامسح على ثوبي الدماء

أنا كم أخاف عليك من لون الدماء !

...

لو كنت تعرف كيف ترهقني الجراحات القديمة والجديدة

ربما أشفقت من هذا العناء..

لو كنت تعرف أنني من أوجه الغادين والآتين أسترق التبسم

أستعيد توازني قسرًا ..

أضمك حينما ألقاك في زمن البكاء

لو كنت تعرف أنني أحتال للأحزان … أرجئها لديك

وأسكت الأشجان حيث تجئ .. أخنق عبرتي بيدي

ما كلفتني هذا الشقاء!!

ولربما استحييت لو أدركت كم أكبو على طول الطريق إليك

كم ألقى من الرهق المذل من العياء ..

ولربما .. ولربما .. ولربما

خطئي أنا

أني نسيت معالم الطرق التي لا أنتهى فيها إليك

خطئي أنا

أني لك استنفرت ما في القلب ما في الروح منذ طفولتي

وجعلتها وقفا عليك ..

خطئي أنا

أني على لا شئ قد وقعت لك .. فكتبت

أنت طفولتي .. ومعارفي .. وقصائدي

وجميع أيامي لديك

...

واليوم دعنا نتفق

أنا قد تعبت ..

ولم يعد في القلب ما يكفى الجراح

أنفقت كل الصبر عندك .. والتجلد والتجمل والسماح

أنا ما تركت لمقبل الأيام شيئا إذ ظننتك آخر التطواف في الدنيا

فسرحت المراكب كلها .. وقصصت عن قلبي الجناح

أنا لم أعد أقوى وموعدنا الذي قد كان راح

فاردد إليّ بضاعتي ..

بغي انصرافك لم يزل يدمى جبين تكبري زيفا

يجرعني المرارة والنواح

اليوم دعنا نتفق

لا فرق عندك إن بقيتُ وإن مضيتُ!

لا فرق عندك إن ضحكنا هكذا - كذبًا -

وإن وحدي بكيت!

فأنا تركتُ أحبتي ولديك أحباب وبيت

وأنا هجرتُ مدينتي وإليك - يا بعضي - أتيت

وأنا اعتزلت الناس والدنيا

فما أنفقت لي من أجل أن نبقى؟!!

وماذا قد جنيت ؟؟!!

وأنا وهبتك مهجتي جهرًا

فهل سرًا نويت؟؟!!!

اليوم دعنا نتفق

دعني أوقع عنك ميثاق الرحيل

مرني بشيء مستحيل

قل لي شروطك كلها .. إلا التي فيها قضيت

إن قلت أو إن لم تقل

أنا قد مضيت … !!!



روضة الحاج

04 December, 2008

روبابيكيا




ناديتُ بائعَ الروبابيكيا
أعطيتُه كُتُبًا لم أعد أقرأها
وأوراقًا اهترأتْ بي
وقلبًا .. ذاب ألمًا
وبقايا عقلٍ مفتّت..


قال: يا سيدتي، أراكِ منحتِني كلّك
قلتُ: وهكذا نمنح أنفسنا للنهايات
التي تَعِدُ بإعادة تكويننا من جديد..
أين لي –إذن- بأخرى من أشيائي؟
أريد كُتُبًا لا تحتوي آلامنا ..
ولا تُثير اشمئزازي حواراتها
أريد أوراقًا خلقت لأسجّل عليها سعادتي
وعقلا يفكّر في كلّ النور حوله..


أريدُ وطنًا يحتوي فزعي


بكى البائع..الشاري
وقال: اعذريني سيدتي
فهذا الحبيب مشغول..
هذا ما ألملم بقاياه منذ ورثت المهنة عن جدّي
!

03 December, 2008

أمنيات نسائية.. عكس المنطق

طالما تردّدت في الاعتراف بأحلامي السريّة، خشية أن تهاجمني الحركات النسويّة. وحدي ناضلت كي يعيدني حبّك إلى عصور العبودية، وسرت في مظاهرة ضد حقوق المرأة، مطالبة بمرسوم يفرض على النساء الحجاب، ووضع البرقع في حضرة الأغراب، ويعلن حظر التجول على أي امرأة عاشقة، خارج الدورة الدموية لحبيبها.

***

قبلك حققت حلم الأُخريات، واليوم، لا مطلب لي غير تحقيق حلمي في البقاء عصفورة سجينة في قفص صدرك، وإبقاء دقات قلبي تحت أجهزة تنصّتك، وشرفات حياتي مفتوحة على رجال تحرّيك. رجل مثلك؟ يا لروعة رجل مثلك، شغله الشاغل إحكام قيودي، وشدّ الأصفاد حول معصم قدري. أين تجد الوقت بربّك.. كي تكون مولاهم.. وسجّاني؟
امرأة مثلي؟ يالسعادة امرأة مثلي، كانت تتسوق في مخازن الضجر الأنثوي، وما عاد حلمها الاقتناء.. بل القِنانة، مذ أرغمتها على البحث عن هذه الكلمة في قاموس العبودية. وإذا بها تكتشف نزعاتك الإقطاعيّة في الحبّ. فقد كنت من السادة الذين لا يقبلون بغير امتلاك الأرض.. ومن عليها.
كانت قبلك تتبضّع ثياباً نسائية.. عطوراً وزينة.. وكتباً عن الحرية. فكيف غدت أمنيتها أن تكون بدلة من بدلاتك.. ربطة من ربطات عنقك.. أو حتى حزام بنطلون في خزانة ثيابك. شاهدت على التلفزيون الأسرى المحررين، لم أفهم لماذا يبكون ابتهاجاً بالحريّة، ووحدي أبكي كلّما هدّدتني بإطلاق سراحي. ولماذا، كلّما تظاهرت بنسيان مفتاح زنزانتي داخل قفل الباب، عُدت لتجدني قابعة في ركن من قلبك.
وكلّما سمعتُ بالمطالبة بتحقيق يكشف مصير المفقودين، خفتُ أن يتم اكتشافي وأنا مختفية، منذ سنوات، في أدغال صدرك.
وكلّما بلغني أن مفاوضات تجرى لعقد صفقة تبادل أسرى برفات ضحايا الحروب، خفت أن تكون رفات حبّنا هي الثمن المقابل لحرّيتي، فرجوتك أن ترفض صفقة مهينة إلى هذا الحد.. ورحت أعدّ عليك مزايا الاعتقال العاطفي.. علني أغدو عميدة الأسرى العرب في معتقلات الحب.



أحلام مستغانمي

01 December, 2008

عندما أترجّل من أرجوحتي .. أريدك




جميلةٌ هي ابتسامتُك لي
لا تُلقِ بها بعيدًا عن وجهي
افتتح بها يومك، وغدي
ثم افعل ما تشاء !


ابق هنا ..
معي..
عندما أترجّل من أرجوحتي
أريد أن أراك ..
كما أراك الآن..
أنا أحلّق بعيدًا لكن عيناي عليك..
وفؤادي بين ضلوعك يشاطرك ضجيج الانتظار..
تعلم أنني أكره الانتظار
لذلك ..
ألهو بالمراجيح حتّى تأتي..


عندما أترجّل من أرجوحتي
أريد أن أراك ..


احملني برفق..
لأنّني جُرِحتُ في غيابك
لم يحذّرني أحد .. فوقعتُ
وتمنّيتُ وجودك لأسقط على ذراعيك
فتكونَ جُرْحيَ الأوّل !


عندما أترجّل من أرجوحتي
أريد أن أراك ..


أن أجوب برفقتك طرقات المدينة
وأركض بجوارك على شاطئ البحر
وأسبقك ..
أو تسبقني..
المهمّ أن الفائز سينال قُبلتَه التي اتفقنا عليها !

وسنبني قصرًا من الطّين
ثم نضحك كثيرًا من سُخْفِ تصرّفنا
ونرتدي مرّة أخرى أقنعة الكِبار
وندخل إلى قاعةِ الواقع
على وعدٍ
بزيارة أخرى لمتحفِنا الخفيّ
المليء بالسخافات
والعشق المعتّق..



عندما أترجّل من أرجوحتي
أريدك..بكل ما فيك..
لن أسألك..لماذا وأين
ولن أفتعل شجارًا كباقي النساء
كي تراضيني بقبلة
بل سأفتعل قصيدة
لا يُشبِعُ وَجْدُها..
سوى أغنية
نغزل ألحانها معًا