11 March, 2009

كن صديقي

تلك حالات الاحتفال حيث يبلغ قرص الشمس أقصاه عند الظهيرة. حينها، كلّ ما يتحرّك جميل، وتُحسّ أنّه لا يعوزك شيء. خاصة إذا كان لك صديق... لعلّ كل بدائع الكون من أخطرها إلى أبسطها لا تُغني عن صديق. يُستغنى عن الحبّ، عن الزواج، عن النجاح والأمجاد، يُستغنى عن الرفاهية والثروة، ولا يُستغنى عن الصديق. لا يُستغنى إلّا بالرغم. لا أعرف مَن قال إن الذي يعيش بلا صديق يموت بلا شاهد. كان لي مرّة صديق ومرّة أخرى صديق ثانٍ، وحين خسرتُ صداقتهما أصابني يتم من نوع آخر. وكأنّه خُتم عليّ فلم تعد بي رغبة في صداقة، رغم استمرار حاجتي إليها. صحيح أن الصديق ألزم من الحقّ، وفي الصداقة عرْف الأمومة، وهي في منزلة القربان، وإذا سألتَها شرحاً لسببها أجابت. بعكس العشق، فقوّته في جهلك لأسبابه، وقانونه الجنون. الواقع أن ما يبحث عنه الإنسان في الحبّ قد لا يجده إلّا في الصداقة، مثل الولاء والوفاء، لكن الصداقة فاترة والحبّ لاهب، وهذا ما يقرّبها إلى العقلانيّين وينأى بالحبّ عن غير هواة الحريق.
الاصطدام بقبائح المعشوقة يمكن أن يفضي إلى الطلاق مع فكرة العشق، إلى كراهية النساء. الاصطدام بقبائح الصديق يهزّ، يوجع، لكنّه لا يهدم فكرة الصداقة.
غَدُ المعشوقةِ يُقلق. غدُ الصديق يرخي رأسك على طمأنينة.

________

ثلاثةُ أنواعٍ من البراءة: براءةُ الذين أرادوا خيراً وكوفئوا شرّاً ولم يسعوا إلى انتقام، وبراءةُ الأطفال الذين يموتون، وبراءة مستقيلي الطموح، المدخّنين على أرصفة العالم، يغادرون بيوتهم في الصباح كمكفوفين ويسرّبون إليها في المساء كبُكم.

________


إنَّ أصعبَ عملٍ يأتيه المرء هو أن يطفئ الضوء لينام.


أنسي الحاجّ

No comments: