26 April, 2009

تريقة


في البدء كانت غلطة حمقاء مني، تسببت بفكّ سير في الطابعة، ومن ثمّ لم يعد يقرأها الجهاز بعد عودتها من التوكيل، جرّبتُ كلّ شيء، كلّ شيء ولا فائدة.. وأكاد أجنّ.


اليوم كلّه مكثت أجرّب، أحذف وأضيف. لا فائدة.


قبل أسبوعين كنت في كرفور مع بعض الأصدقاء، وكان أحدهم يريد شراء طابعة، ونصحته بكانون، خصوصًا أن أحدها كانت شكلها جميل جدًا، أسود في أسود ! لكنّ أحد الأصدقاء أخذ يقلل من شأن الكانون، وفي النهاية ابتاع طابعة سامسونج قلتُ لهم أنها تشبه سلة القمامة ! وأنّه في يوم ما سيقترب منها فيجدها فُتِحَتْ وحدها ليضع فيها القمامة !

ولم أكفّ عن الاستهزاء بشكل الطابعة، أمزح لكنّ شكلها فعلا لم يعجبني، ولم يكفّوا في المقابل عن الاستهزاء بكانوني العزيزة ! والتي بالكاد منعت نفسي من أن أبكي اليوم من شدّة غيظي، فالأوراق التي تحتاج لطباعة قريبًا كثيرة جدًا، ولا أحبّ الطباعة في الخارج، فإن لم تلوّث الفلاشة، فإن شيئًا آخر يحرق دمي لابد أن يحدث.

كلّ ما أتريق على حاجة أو حد أصاب في مقتل، أو يحدث لي شيء ما وكأن أحدًا يهمس لي: لا تفعلي ذلك مرة أخرى، وأقع مرة أخرى


ولا يخفف عني سوى صوت مارسيل


24 April, 2009

من الأعماق

مرّات قليلة جدًا.. لكنّها تحدث دوريًا..تذكّرني بأنْ ألعن الساعة التي وُلِدتُ فيها أنثى.

مرّات قليلة جدًا .. لكنّها تترك حُفَرًا غائرة في قلبي ونفسي .. تجعلني ألعن الساعة التي سكتّ فيها على أنني أنثى !

- وكأنّ لديّ ما أفعله بهذا الشأن!-

مرّات كثيرة جدًا.. جدًا.. تمنّيتُ فيها أن أكون مجرد امرأة عادية، تخشى قيادة السيارات لأنّ "قلبها رقيق"، بينما أنا أقود السيارة بجودة لا بأس بها، وأحبّ القيادة جدًا ولا أخشاها ومصابة بداء مراقبة السيارات وقتما يركنها أصحابها، فإن شاهدتم واحدة محدقة في سيارة تركن، فربما أنا على الأرجح!

أتمنى لو أنني امرأة لا تتحدث مع الرجال لأنّ عليها أن تحمَرّ وتخضرّ إذا ما مرّ بجوارها "تاء غير مربوطة!" فضلا عن محادثة مع أحدهم، بينما لا يحدث معي كلّ ذلك إلا فقط عندما أكون في حضرة من أخذ بمجامع قلبي، وحده يجعلني أخرى أحبّها ولا أعرفها.
أتمنّى لو تكون أقصى أحلامي زوج وأطفال يقولون لي "ماما" بينما لا أتمنى إلا أنْ أسافر قدر ما أستطيع مع حبيب، أو وحدي إن لم يتح لي ذلك.
وإن لم يتح لي السفر. أن أفعل شيئًا مفيدًا في حياتي سوى زيادة تعداد السكّان. ليتني كنتُ عاديّة، تعشق الجدران الأربعة وتكره كل ما هو بلا أبواب مغلقة. تطيل الوقوف أمام محال ملابس الأطفال وعرباتهم، تعشق السوق وتكره المكتبات والورق والكتب، وكل ما هو مكتوب ومقروء. ليتني كنتُ امرأة عادية فلا أنشغل بكلّ هذه الترهات التي أنشغل بها. لا أبكي على ما لا يُبكي غيري، ولا أضحك على ما لا يُضحك غيري. ولا أصمت وقت الثرثرة. وأثرثر وقت الصمت.

ما بتنفع كلمة يا ريت. لا أستطيع تغيير نفسي. ولا أقوى على إقناع هذا العالَم بصحة ما أعتقد

أمنيتي الأخيرة أن أموت بسلام


بـوح

لا يمكن لي أن أهيئَ البهجة، أقصى ما يمكنني فعله أن أتهيّأ لها عندما تأتي، أستمتع بها حتى الثمالة، ثم أتركها ترحل، كي تعود مرة أخرى. لا يمكن أن نطلب من الأشياء التي تسعدنا أن تبقى للأبد. إمّا أنّها ستملّنا أو أننا سنعجز عن إيفائها حقّها لاحقًا، إن اعتدنا وجودها

على البهجة أن تكون كالعصافير، حرّة، وعلينا أن نُهَيّئ أعشاشها لدينا، كي تزورنا كثيرًا


قرّب صوبي تا ضمّك
خربت عمرت. ما يهمّك



22 April, 2009

اللعنة !


أنت أسبابي الوجيهة جدا للفرح وللحياة

أحبك كأبي – ليس لأبي مثيل غيرك
السرداب السحري بينكما يربكني
هل كنت أحتاج لأعرف كم أطمئن
وآمن جانب العالم في اللحظات التي أقتسمها معك لتعرف كم هو مؤلم ما أحمله لك !
هل تعرف كم من صفحات كراستي المهترئة أمتلئ بأسباب تدفعني لحبك
ولتدوين كل اللحظات التي أرغب في الاختفاء فيها في حضنك !
هل جربت أن تبكي من الحب ... وتتألم من الوله


أحبك كأمي التي تشتري لي طبلة صغيرة ودمية بلاستيكية من المولد لأنها ذهبت بدوني ...


لست حبيبي
لا يسع العالم حبا فوق حبي ولا حزنا أكثر من وجعي ولا جنونا قدر ما يملؤني نحوك
ليلة العيد .. ليلة اللقاء وليلة العمر وليالي الموت والفراق
كل ما بيني وبينك يفوح منه رائحة الرحيل
وأنا أتشبث بجلباب أمي ويد أبي وحضنك
رغم الدفوف والزحام ورائحة البخور ...
أبتسم للوجوه الطيبة التي تحوطنا وتدهشني ..
أبتسم لوجودك وأغلق يدي على أناملك وأمضي

أفكر أنك كل أسبابي الوجيهه جدًا للفرح وللحياة .

نهى محمود


21 April, 2009

توق الدنو



هي لحظة واحدة، جملة واحدة، تستطيع انتزاعك، من كونك أنت الذي تعرف وتخبر، إلى أنت الجديد المتنصل من كل خطوات السابق الذي شكل ذاتك من الداخل والخارج، لحظات، تضعك على فاصل بين زمنين متسارعين متوازيين، تنظر للخلف وأنت تستدعي من تعرف، من عشت فيه وعاش فيك، ترتد للأمام، محاولا الوصول إلى مولود ما بعد اللحظات التي بدأت تتمحور كنقطة ارتكاز نهائية لكل ما في القادم من انبثاقات وإضاءات.


مأمون أحمد مصطفى



17 April, 2009

مجتمع مريض

الموضوع دا استفزني جدًا، وهو في إيه من قبائح المجتمع وتناقضاته مش بتستفزني؟ في إيه أصلا مش بيستفزني؟ رغم إني مشهورة جدًا بدماغي الغير قابلة للاستفزاز أبدًا، ومهما قيل لي فإني لا أتعجّب! هاته واحدة من التناقضات التي أصابتني!

أقلّ شيء قد يستفزني رغم أنّي لا أُسْتفز على الإطلاق ! أتحدّى حد يفكّ الشفرة دي!

في كتاب جون غراي الأخير، الزهرة والمريخ معًا للأبد، يحلّل ما وصل إليه حال الأزواج والزوجات، ويفسّر أسباب الطلاق والشقاق الزوجي بكافّة معانيه المعنوية والماديّة، يقول أنّ شكل العلاقة بين الرجل والمرأة لابد أن يختلف معنويًا كما اختلف ماديًا بحكم الزمن، ففي السابق كانت متطلبات الأسرة السعيدة - السعيدة لا المستقرة فقط-، ذكر يجلب الطعام ويحمي أنثاه وصغارهما، بينما تعتني الأنثى بالـمسكن وترعى الصغار في غياب الذكر - والذي يكون بالأيام على الأقل- حتى يعود، فتعتني به أيضًا، وتتكرر القصّة.

فقط، تصبح هذه أسرة سعيدة جدًا.

وحتى زمن قريب جدًا، جيل جدتي وكثيرات من جيل أمّي (وكثيرات من فتيات جيلي)، كنّ (مازلن) معتنقات لهذا الفِكر، لذلك تجد كل همّ المرأة أن تتزوج شخصًا ينفق عليها ما يكفيها وأبناءها، أو ما لا يكفيها، فهي تكتفي بأي شيء يأتي من رجل، لأن ظلّ الرجل أفضل من ظلّ الجدار.

لكنّ رتم الحياة العصرية جعل الرجل والمرأة يلتقيان فكريًا أكثر من ذي قبل، ما لم يكن يحدث في السابق على الإطلاق، أنا لا أراك كثيرًا لماذا أختلف معك عندما نلتقي؟ نحن لم نكن نعرف حتى معنى الاختلاف حينها.. أنت تفعل ما أحتاج والعكس.

هذا الأمر يذكّرني بالأزواج الذين يعملون في الخليج وزوجاتهم في مصر، بعد عشرين سنة من الغربة يعود الزوج ليعيش مع زوجته وبين أبنائه ليكتشف الكارثة. من هؤلاء؟ ومن هذه؟

أنا كنت متزوجًا هذه منذ عشرين عامًا؟ وهؤلاء من كنتُ أصرف عليهم كل هذه المدة؟ وهي تسأل، من هذا؟ هذا ليس الشخص الذي تزوجته!


( المفترض أن يكون السؤال: هذا ليس الشخص الذي تزوجته دون أن أتعرف عليه نظرا لظروف السفر، ولو سئلت عن تفاصيله لما عرفت الإجابة! هذه زيجة تيك أواي.. والمرء لا يعيش حياته كلها على التيك أواي!! لكنّه اكتشاف متأخر دائمًا )

هذا بالضبط أقرب مثال يوضح الفرق بين علاقة الرجل والمرأة سابقًا والآن.. ومهما يكن من أمر، كانت المرأة تصبر وتتحمّل، لأنّها مقتنعة تمامًا - أو يتمّ إقناعها قسرًا - من كلّ ذكور مجتمعها ونسائه اللاتي وقعن في نفس المأزق، أنّها ستخسر دائمًا إن فقدت الرّجل \ أيّ رجل، بدون أسباب أخرى، أصبحت تلتفت للصغار وتخرج كل عواطفها عليهم حتى نسيت أصلا أنها أنثى، وكثيرات لم يعرفن أصلا أنهنّ " إنسان" طبيعي يفكّر ويتحدث ويسمع ويقرر كيف يعيش وينفذ قراراته ويكون شخصًا مسؤولا عن أوسع من "ماذا سنأكل اليوم"، فضلا عن أنثى من حقّها أن تشعر بأنوثتها، كما يحب الرجل دائمًا أن يشعر برجولته. لم يعد يكتفي الرجال بما كان في السابق بمجرّد الرعاية الإجمالية لهم ولأطفالهم. بل أصبح يريد مزيدًا من الرعاية النفسية والعاطفية والجنسيّة، بينما ظلّت المرأة كزوجة في الصفوف المتأخرة. سواء في تعلّم الأخذ أو المنح. لا تعرف كيف تشبع نفسها عاطفيًا، ولا تفهم نفسية الرجل الذي أمامها، فآخر ما وصلها من النساء قبلها، مبادئ تقدسها جُلّها إن لم يكن كلّها خاطئ..


مؤخرًا، وبعد استقلال النساء ماديًا عن الرجال، بعد انكسار صورة المرأة التي لا تستطيع أن تعيش دون رجل لأنه العائل الوحيد لها، لا أكثر،"حروح فين يعني أنا والعيال؟" كما سمعتها من نساء، أصبحت العلاقات أكثر تعقيدًا.. وأكثر تعقيدًا هنا أراها أنا أكثر إنسانية. في السابق أتخيل أنّ المعاملة لم تكن "إنسانية" بالمستوى اللائق.


"التعقيد" الآن هو أنّ رتم الحياة أصبح يحتّم عليهما أن يتفقا فكريًا، ويحتاج كلّ منهما أكثر لمن يشبع الآخر عاطفيًا، وبحسب جون غراي، فإنّ على كل منهما أن يفهم نفسية الآخر جيدًا وطريقة تفكيره، فلم يعد يكفي أن يجلب الرجل الطعام والحماية، لأن المرأة لا تحتاجهما الآن، بل تحتاج إلى التفهم والحنان وإلى من ينصت إليها وإلى متاعبها في العمل أو في الحياة عمومًا.. ويحتاج الرجل بالمقابل إشباعًا عاطفيًا مماثلا ويحتاجان معًا إلى احترام متبادل.


لم يعد يكفي الرجل أن تهتم المرأة بصغاره أكثر منه، لأن "بيقولوا" الأمومة فطرة والأبوّة ممارسة، وأنا أرى كلاهما ممارسة لا أكثر، ورأيت قناعتي هذه في كتاب "أصل الفروق بين الجنسين"، والذي ربما أكتب عنه لاحقًا، باختصار.. لو ربينا الطفل الذكر من صغره على أنه أنثى – في مصر بالذات!- فسيقول عندما يكبر: نفسي أبقى أمّ !


أنا نَفْسِي عندما ألاطف طفلا ويبادلني ذلك، أستطيع أن أمارس معه ما يسمّى بالأمومة. الأمومة ليست صعبة بقدر التربية. والتي للأسف لم يعد أحد يقوم بها.


مقولة "الأم هي اللي تربي مش اللي تخلّف" صحيحة إلى حد بعيد.


الإنسان أكثر الكائنات تعقيدًا. لم يكن هذا التعقيد ظاهرًا من قبل لأنّ العلاقات كانت قائمة على غرائز فقط. لذلك كانت ناجحة أغلبها ! مهما كان الرجل يخون كانت المرأة تصبر، لأنها ليس لها عائل، ومن العار أن تعود إلى منزل أهلها. هذا فضلا إذا شعرت أن الخيانة طعنًا فيها أصلا، هذا الكلام كان سابقًا وحتى فترة قريبة. هذا مثال فقط.

بينما الآن لم يعد هذا الكلام سائدًا بين شريحة كبيرة من النساء، وإن كانت لا تكفي بعد لتغيير المجتمع.

هل أصبحت الإنسانية صعبة لهذه الدرجة؟


طيب. لم أبدأ بعد فيما استفزّني أصلا للكتابة. كل هذه كانت مقدمة لابدّ منها. الرجل في المقال أعلاه- إن لم تكونوا قد قرأتموه- في الأربعين ولم يتزوج بعد لأنه غير مقتنع بالزواج كغرض في حد ذاته، ولا يتخيل نفسه مقتربًا "هذا الحد" من شخص ما مالم يكن يحبّه .. فهو لا يطيق نفسه أحيانًا فكيف بآخر؟


( ذكّرني بمقال قاله أحد الأشخاص في منتدى زمان، أنه لا يتخيل كيف لامرأة أن تسمح لنفسها أن تعرف أدق تفاصيله، وأن تفتش جيوبه وتقلّب في أشيائه الخاصّة بأيّ حق كان) ..


فعلا من يكون له الحق أن أمنح له نفسي وجسدي دون أن أحبّه وأرغب في قربه كما يرغب في قربي؟ لماذا يأتي شخص غريب ليس له علاقة قرابة بي، تتيح له ورقة واحدة أن يأخذ منّي ما لا يستطيعه أحد وبمباركة الجميع؟ ويفرض عليّ أن أتقبله كما هو؟ لماذا أكتب على نفسي ميثاقًا غليظًا دون أن أكون مستعدة للموت من أجل هذا الشخص؟ ربما أكون مبالغة قليلا. لا أحد يموت لأجل أحد هذه الأيّام. ولم أوضع في هذا الموقف لأحكم. رغم أنّ "الميثاق الغليظ" يوحي بشكل ما بالتضحية بالروح.

ما عليناااااااا دعوني أغيّر السؤال.

لماذا أمنح أحدهم سلطة دينية عليّ (ولن أقول مجتمعية لأني كفرتُ بالمجتمع الحالي) دون أن أكون فعلا راضية بكلّ هذه السلطة ومستمتعة بها؟ لماذا أقيّد نفسي؟

في المقال الذي جعلني أكتب كلّ هذا الكلام.. الفتاة تعترف بزمالة (أو صداقة) أو أيًا كان اسمها، بينها وبين بطل القصّة الأربعيني، وعندما يعرض عليها أن يمرّ عليها في العمل ليأخذها ويذهبا إلى أية مكان كي يتحدثا، ترفض بحجة "الناس تقول علينا إيه" لكنّها في ذات الوقت تخبره أنها ستذهب إليه في المنزل كحلّ بديل للهروب من"اللي الناس حتقوله علينا" ..

طيب بالذمة مفيش ناس في العمارة؟ دا سؤال عارض كدا خارج النص.

بس الفكرة في المدى الذي أوصل الناس لعمل أشياء دون أن تسأل نفسها للحظة "ربنا حيقول عليّ إيه!" أو "الحاجة دي حرام ولا حلال ولا مش عارف ونفسي أعرف" عن نفسي، كثير جدًا من الأشياء لا أجد لها سوى رقم3، مش عارفة ونفسي أعرف وعارفة إني لو سألت مش حوصل لحاجة لأني قرأت القرآن وكثير من السنّة ولا فائدة.. لذلك أستشير ضميري، لأنّ الله ترك الكثير من المسكوت عنه رحمةً بنا.

مش دا موضوعنا. المهم، الناس ممكن تكذب عشان الناس ما تزعلش، أو تكذب عشان ما نتعاقبش، أو – كما سمعت عندما كنت في المدرسة - كان بعض الشباب يسجّل للفتيات مكالمات هاتفية ساخنة، فيهددها بإسماعها لأبيها فتخشى عقاب أبيها وتذهب لمقابلة الشاب- تصحيح خطأ بخطأ ألعن- ومن ثمّ تمنحه جسدها كي لا يمنح أبيها ما يثبت أنّها قابلته!

السعودية بقى، يحدث هذا في مصر بأشكال أكثر تنوعًا لكن الفكرة واحدة !

"الجحيم هو الآخرون" كما يقول سارتر.. أي أنّ "الجحيم هو أن تعيش في مجتمع يحشر كل واحد فيه أنفه في شؤون الآخرين عوضًا عن شؤونه الخاصّة"..


قال رجل لعلي بن أبي طالب كرّم الله وجهه، أنّه يرّبي أبناءه على ما تربى هو عليه، فنهره عن ذلك، وقال له: إنّك تربيهم لزمن غير زمنك. أو بلفظ آخر قال: ربّوا أبناءكم لجيلهم فإنهم قد خلقوا لجيل غير جيلكم.


فلماذا نمارس جميعًا نفس الخطأ؟ الرجل يقول: زي ما أبويا عمل فيا، والمرأة تقول: زي ما اتربيت حربّي؟ وأكثر من ذلك، فإنهم يعاملان بعضهما كما رأوا أبويهما يعاملان بعضهما، بغض النظر عن صحة ذلك من عدمه، واختلافه من أسرة لأخرى.


مش معقول يا ربّي كلهم بيكرروا الخطأ نفسه، لأنهم ليس لديهم الرغبة في التغيير أو أنهم يخافون مسؤولية التغيير وتحمّل تبعات ذلك – وهو الأرجح - !


وكأنهم لو ربوا أبناءهم على غير ما تربوا هم سينتج عن ذلك ديناصورات مثلا !


وأخيرًا.. ملخص كل ما سبق كلمة واحدة. لا فائدة!


ما بعد الآخر.. اكتشفت أغاني حلوة لنَنّوس ! أيوة أيوة، كنتُ أظنّ أن ذوقي صار هابطًا لكن لها أشياء لا بأس بها..



لمسة إيد



14 April, 2009

أصدقاء المراسلة

عنوان قديم جدًا، منذ صِغَري وأنا أراه في المجلات، وأرى بعض الأشخاص الذين يضعون صورهم لأجل التعارف، لكنني لم أقتنع يومًا بأن أراسل أحدًا لا أعرفه، في المرات القلائل التي ابتعتُ فيها مظروفات وطوابع وكتبت رسائل حقيقية وبعثتها بالبريد كانت لصديقات المدرسة، واحدة في سوريا، وأخرى في السودان، بعد أن ذهبت كلّ واحدة إلى بلدها لإكمال الدراسة الجامعية، جرّبتُ الأمر مرات لا تتعدى أصابع اليد الواحدة ثم التهيتُ عن ذلك بالرسائل القصيرة والمكالمات على فترات بعيدة.. ما شجعني على ذلك أن رسالة صديقتي السورية في إحدى المرات وصلتني مفتوحة، ومن ثم معاد إغلاقها باللاصق الشفاف، ما دعاني إلى سؤالها في الرسالة التالية إن كانت هي الفاعلة، أم أنه الأمن لدينا أم لديهم ! أعتقد أن هذه الرسالة لم تصل أبدًا.. لا أذكر الحقيقة فقد كان الأمر قبل عدة سنوات.. أربعة ربما.

ورغم أنني، وقبل ثلاثة أعوام، قد اتخذتُ قرارًا نهائيًا بعدم التحدث إلى من لا أعرف على الإطلاق من خلال الانترنت، مع وجود استثناءات طبعًا، لكنني اشترطت على نفسي أنني لن أتحدث إلا مع من رأيتُ وجهًا لوجه، والتزمتُ بذلك تمامًا، على المسنجر على الأقل.. بالطبع هناك استثناءات هنا وهناك، لكنّها كلّها لم تجعلني أخرق التزامي مع نفسي لنفسي.

صداقة المراسلة، أن تكتب رسالة طويلة عن نفسك وحياتك، تسأل أحيانًا وتجيب أخرى، وتحكي بدون اختيار كلمات، اللهم إلا لتعبّر عن نفسك أدقّ، لم أجرّبها سوى مع صديق عربي قديم، عبر البريد الالكتروني، لم أره يومًا ولم يرني، لكنني كنت أستمتع كثيرًا بالكتابة إليه، وأنتظر رسائله بلهفة.. منذ ما يزيد عن العام، انقطعت الرسائل تمامًا من الجهتين.. أحتفظ بمعظمها وإن كنتُ قد فقدتُ البعض بسبب مشكلة الإنكودنج الغبيّة، ما جعلني، بينما راجعتها مؤخرًا أرسل له لأرى إن كان مازال على قيد الحياة.. لكنني لم أتلقّ ردًا.

على أيّة حال. اقتبستُ بعض الأشياء - بتصرّف - والتي أعجبتني، تحمل تاريخ 2006، لربّما.

الكتابة في المنتديات بصورة غير واعية هي بحث عن إثبات ذات. ذلك مهم وليس سلبيا كما يعطي الانطباع به. لكن فائدة ذلك الإدراك هو في اختيار تمييز الأولويات. أحيانا أحيانا ما لا يكون إثبات ذاتك مقدما على تصريف متغيرات حياتك الأخرى. ما زلت أدرك إنني لم أحب المنتديات عامة. لقد اقتربت فقط من بعضها أفهم الآن أن السبب كان بوضوح هو ما يمكن تشبيهه بعلمانية تلك المنتديات: إهمال جانب الواقعية فيها. أو ربما تمثله بالواقعية التي تشبه زمان براءة ماضيا، ما قبل أن نحصل على مسؤوليتنا الوجودية. لكن خرق هذه القاعدة، أو تشويه الواقعية الطفولية الحلم تلك يهشم الصورة الخيالية لهذا الحلم.

ما بين الأحلام والحاجات والحياة تتوارى المعادلة. أعرف أن هناك من يبحث عن الحلول الكاملة. كما أن هناك من يرضى بأنصاف الحلول.

قرأت مؤخرا في مقدمة لنسخة رقمية من فيلم طارد الأرواح الشريرة، وهو فيلم لم أره بعد، كلمة شدتني. يقول مخرج الفيلم على لسانه هو إن أي فيلم بالنسبة إليه ينبغي أن يكون "تجربة نفسية". ما أعتبره معادلا لـ "تجربة إنسانية". هذه قيمة أي عمل فني. هذه قيمة أي أدب.

أعجبت بيوري بونداريف، وقدمت ليرمنتوف. وقرأت أيضا لديستويفسكي. أعتبر نفسي متذوقا للأدب، بمعنى الاستمتاع به، لذلك لا معنى لاعتزاله بهذا المعنى. لكنني لم أعتبر نفسي كاتبا قط وقلتها مرارا لأشخاص كثر. لا أشك أنني قلت ذلك لك. عندما جاءت المنتديات قدمت لي حافزا استفزني للكتابة، وقبل مجيئها لم استفز (رغم أنني كنت كتبت كتاباتي الجنينية). الآن توقفت حتى عن قراءة الأدب، لغير مانع صريح وهكذا عرضا. فلربما نسيت. لكنني صرت بقليل أكثر ثقة، وصديقا متعديا جدا.

أعجبتني كلمتك: الكثير من المجهول والقليل من الوضوح نصادفه في حياتنا. هذا جميل على أنه خاوي المعنى. لكنه جميل.

ولا بأس، ليس من السهل أن نحدد منجزاتنا في سنتين أوعشر. ربما لأن الحياة ليست معادلة خطية، ولا هي من الدرجات الأولى، كما أن كثيرا من عواملها غير محدد، وكثير من متغيراتها غير مستقل، وفيها "الكثير من المجهول والقليل من الوضوح نصادفه" في تحليلنا. حصلت على عمل الآن. أخبرك إذن حتى لا أكون تجنبت الحديث عن حياتي بالكامل في الأيام الماضية.

ستصلك رسالتي قبل الأحد المجيد وسيكون ذلك شيئا جيدا جدا، رغم أنه لن يغني عن لجان الوزارة وفيالق الدعم المعنوي العظيمة، لكنني لن أصبح وزيرا كما تعلمين كي أقوم بكل ذلك.

وهكذا أصبحت صديقا مهذبا جدا.

:)

صديقك


_____________________

مرحبا.

كتبت ردّا طويلا ورائعا وكل هذه الأشياء. ثم – بلمحة عبقرية واحدة مني- طيّرته!!

أندهش أنني لستُ حزينة ولا متعجبة ولست مندهشة!! يا إلهي، أنا بالفعل لست طبيعية على الإطلاق، بالفعل أنا اقتربت من حافّة اللابشرية ربما!

ما علينا.

سأرى إن كنت أستطيع استعادة ما سكبته الذاكرة. كنتُ أقول أنني أعتقد أنك تفتقد كلا الأمرين الكتابة نفسها وبالفصحى..نحن أحببنا القراءة والكتابة وأصبح من الصعب ألا نسكب مشاعرنا على الورق كلما شعرنا بكبت ما.

ذاكرة الجسد..مع احترامي أخالفك الرأي، بما أنك وجدت أسلوبها بسيطا وتقليديا، وأنا وجدته مبهرا و (واو) ! إذن أنت هو المتعمّق أدبيا لا أنا ! لأنني اعتبرت فائق الجودة ما اعتبرته أنت "عاديا"

لا تتواضع إذن رجاء.

ما أعجبني في الرواية . بعيدا عن الأسلوب.حديثها عن الوطن بطريقة تجعلك تشعر أنها تتحدث عن وطننا العربي الكبير، لا عن الجزائر وحسب..هي أسقطت ذلك في شخوص الأبطال.

أعجبتني كلمتها:
أمة تحتفي بخساراتها, وتتوارث منذ الأندلس فن تجميل الهزائم والجرائم بالتعايش اللغوي الفاخر معها.
عندما نغتال رئيساً نسمِّي مطاراً باسمه, وعندما نفقد مدينة نسمِّمي باسمها شارعاً, وعندما نخسر وطناً نطلق اسمه على فندق,وعندما نخنق في الشعب صوته, ونسرق من جيبه قوته, نسمّي باسمه جريدة

بخصوص الروايات الالكترونية فلدي "شفرة دافنشي" ولا أظن أني سأقرأها خلال الخطّة الخمسية القادمة! لأنني شاهدت الفيلم، ولا يبدو أن لدي وقت لمستر دان براون إن كان هذا اسمه كما أذكر!

أنا كلية علوم كما تعلم - أيضا- نحن لا نمزح هنا!

إن كان لديك قصصا لأصدقائك الروس وتجد أنني ربما أستمتع بها فسأكون سعيدة إن أرسلتها..لا تكن طويلة :S

عن الغربة، أنا في بلدي فعليا وبين أهلي جسديا، لكنني غريبة الروح، كما قلت لك من قبل، أننا نصبح حكماء أكثر كلما كان حزننا أعمق!! أضف عليها ووحدتنا أشد!!

"الاكتئاب جميل يا إيمان إذا كان ذلك هو الثمن. قرأت يوما ما قولا مأثورا لكاتبة مجهولة: "نحن نصبح حكماء أكثر كلما كان حزننا أعمق". فعلى الحكمة ألا تكيّل بالبتنجان."

هل تعلم شيئا؟ أشكرك بحرقة! أشعر أنني يمكنني أن أشعر بسعادة إذا اكتأبت بعد ذلك..شكرا لك بحق..

أنت تفهم إذن هذه الأشياء:D

مرفق ملف به تعليق على بعض قصصك، كنت قد كتبته في اليوم الذي استلمته منك..

إيمان. بعد التحية


12 April, 2009

Falling in love with you

Wise men say
Only fools rush in
But I can't help
Falling in love with you.


Shall I stay
Would it be a sin
If I can't help
Falling in love with you.


Like a river flows
Surely to the sea
Darling, so it goes
Some things are meant to be.


So take my hand
Take my whole life, too
For I can't help
Falling in love with you.


Some things are meant to be.


Take my hand
Take my whole life, too
For I can't help
Falling in love with you.

Andrea Bocelli
Can't Help Falling In Love

11 April, 2009

بهجة البوح

أن تبوحَ بحبّكَ لمَن يحبّك دون أن يجرؤ على البوح، سعادتان تتغامران. وإذا دخل في البوح قولٌ ما لا يُقال، تَفَتَّح المغلقُ عن مصيرٍ جديد، بل عن مصيرين جديدين، وامَّحَت آفاقٌ ونشأت آفاق، وتفجّر السيلُ برفعِ السدّ. هذه اللحظة، إذا كان المُسِرُّ والمُسَرُّ إليه على موجةٍ واحدة، هذه اللحظة ولادة جديدة، أو هكذا يُخيَّلُ في غمرةِ أصوات الجان. ويستفيق ما كان مطموراً، ويأخذ شرعيّته ما كان مخجولاً به، ويزدوج المُفْرَد، وتزهر العزلة، وتدقّ أجراسُ عرسِ المغارة.وتتلألأ العينان بأدفأ النجوم: نجوم اغتنامِ ما تيسَّرَ من حلال الحرام...

أنسي الحاج


10 April, 2009

تـداعـي




لم أعد أستطيع البقاء على وعدي لك بالبُعد، في المرة الأخيرة، عندما اتفقنا على الابتعاد، لكي نثبت لأنفسنا أنّ الحياة ما هي إلا مجموعة من اختياراتنا متراكمة، وألا شيء يجعل حياتنا معقدة أكثر منّا، ومن رؤيتنا لما يحدث، كنّا صادقَـيْن، أردنا أن ندحض ادّعاءات الضعف وقلّة الحيلة التي يلحّنها الشكّاؤون.

ابتعدنا، جمعتَ أمتعتكَ القليلة ورحلتَ عن المدينة، وجمعتُ أمتعتي ورحلتُ عنك، لم تعد تزورني، لأستقبلك، كما كلّ مرة، كعاشقة جاء رفيقها من السفر، ولم أعد أسكن بين يديك كطفلة معها كلّ أنواع الحلوى.

ابتعدنا، غاب عنّي صوتُك، وصرتُ أتمنّى لو أن لديّ آلة خفيّة للتنقل عبر الزمن، أستعملها للرجوع إلى ما قبل معرفتي بك، لأمنع كلّ أسباب الالتقاء قبل أن تحدث، وأجعلك رجلا عابرًا في حياتي، كآلاف الذين عبروا حياتي دون أن يعبروني، أنْ أمنع كل ما حدث بيننا، عناقنا الأوّل، والذي جاء على غفلة منّا وفضح كل ما كانت تخفيه الأفئدة، ثم، قبلتك الناعمة، وكريّات دمائنا المشتركة بعد أنْ لعق كلّ منّا جراح الآخر.

سأكون خائنة، لو فعلتُ وتركتك. لـكنتُ تركتُ لك رسالة كي ترحل أيضًا بآلة أخرى. لكنّا ذهبنا إلى عالَمين مختلفين، أكان ذلك ممكنًا؟

ابتعدنا، ومنذ رحلتَ حلّ الألم مكانك، ما جعلني أظنّ أن أؤلئك الشكّاؤون كانوا محقّون بشكل ما، وأنّ وصالنا منعنا من رؤية معاناتهم، تُـراها أقوى؟ إرادتك في طلاق الحبّ؟ أتمرّ حياتك سلسة كما شئتَ؟ وذاكرتـك إرادية التحكّم، على العكس من ذاكرتي؟ هل استطعتَ أن تنسى كلّ ما حدث بيننا؟

أريد أن أعرف الإجابة، أريد- لو كانت نعم- أن تخبرني كيف، كي أتحكّم في أرشيف ذاكرتي، وأمحو منه ما أريد، وأمنع السلطة التي تمتلكها بعض المواقف ضد اطّراد الزمن، فتأبى دخول الأرشيف، وتقفز أمام وجهي بعناد عاشق يطلب قبلة من حبيبة خجلى متمنّعة، فكلّما تمنّعتْ أكثر اشتدّ عناده، فإذا استسلمتُ، لا تذهب الذكرى وشأنها، بل تصرّ على دعوة إخوتها أجمعين.

وأبكي. وأذكر كم احتوى صدرك دموعي من قبل، الآن لم يعد لي سوى وسادة بها بقايا رائحتك، هل حقًا تشعر بنا الأمكنة التي عبرناها؟ هل تفتقدنا؟ هل تئنّ إن غبنا عنها طويلًا؟

أما إن كانت إجابتك بـ - لا- فتعالَ إليّ الآن، وفورًا، فأنا لا أطيق فراقك أيّها الحبيب.أنا بدونك.. أتداعى.


09 April, 2009

كان اللي كان


نكد ... نكد

الشعور بالعجز مؤلم جدًا

أكثر منه فقد من وجودهم يسبب الدفء

وبعض البهجة غير المعلنة


وآدي اللي كان

أغنية نكدية جدًا

لا أهديها لأحد


06 April, 2009

شــرّ



يمكن لأي أحد وبسهولة أن يكون شريرًا.. ببساطة يمكنك أن تجرح وتقسو، يمكنك أن تحطّم قلب من أمامك وتدهس روحه، لا أسهل من النزول الأخلاقي، والانحطاط في التعامل والألفاظ.. تمامًا كما أن نزول الدَرَج أسهل من صعوده، كذلك الرقيّ الإنساني صعب جدًا لأنه عكس الطين الذي منه خلق الإنسان، لأنه يعتمد على الرّوح، الرقيّ في التعامل والمشاعر والكلام صعب جدًا.. الأسهل هو النزول.. ورغم أن الإنسان مخلوق من روح وطين بالنصف، لكنّ الطين أثقل، كثافته أعلى - ما أدراني بكثافة الروح !- وبالتالي جاذبيته أكبر، الرّوح تحتاج لمجاهدة كي نرتقي بها..

نستطيع ببساطة أن نعبّر عما يضايقنا بألفاظ بذيئة، ولا أستثني نفسي من ذلك، ولا أقول أنني أحاول حتى، خاصّة مؤخرًا، المقربون يعرفون أنني أتفوّه بما يجيء في الأفلام أحيانًا، ولا أرمي باللائمة عليها طبعًا لأن لديّ عقل، أحيانًا ألوم ظروف المعيشة الحالية والتي جعلتني أتفوه بألفاظ لم أكن أجرؤ على حتى سماعها، وكنت أستنكر من يقولها أمامي، فإذا بي أتقنها، كالتلميذ عندما يتفوق على أساتذته !

كنتُ أقول، يمكن ببساطة أن تلقي بمشاعر الآخرين عرض الحائط، فتضيء الأنوار وهم نائمون، وترفع صوت أيًا كان ما تسمعه بينما رأسهم يكاد ينفجر من الصداع، يمكنك أن تطيل الحديث في الهاتف وأنت تعلم جيدًا أن هناك من يحتاج إليه، أو ينتظر مخابرة ما، ألا تراعي من يجلس معك كما تراعي أصدقاءك أو كما تراعي النّاس الذين لا يعرفونك حتى عندما تجلس بالخارج، أن تصفق الباب داخلا وخارجًا، أن تعرف تمامًا ما يغضب من أمامك وتفعله عن عمد، أن تعرف موضوعًا يكرهه ويكره الحديث حوله ليصبح فجأة موضوعك المفضّل كلما رأيتَ وجهه، أو تجده يحبّ شيئًا ما فتتعمد ألا يكون متوفرًا.. سهل جدًا.

لماذا قالوا قديمًا:"الأدب فضّلوه على العلم" ؟ مع أنني أعترض على المثل، لأن العلم الحقيقي يدعو للأدب وتهذيب النفس، لكن الأدب لا يدعو للعلم.. لكن. ربما يكون من باب أن الجاهل المهذب أفضل من عالم مغرور، لأن الأخير سيكون مؤذ جدًا، سيعرف جيًدا كيف يؤذي، بعكس الأول، فسيكون كالنيترون، متعادلا ! لن ينفعك كما لن يضرّك -رغم أن الجهل مضرّ في كثير من الأحيان ! - ما علينا ! هذه دائرة لن أحاول الخوض فيها أكثر.

الصعب أن تفعل العكس.. أن تتصرف بلباقة وكياسة طيلة الوقت، صعب جدًا

تأتي عليّ أحيانا أوقات أكون كما تطلق عليّ صديقتي "عُصَاب متحرّك"، أكون كقنبلة موقوتة صِفْرُها قد يكون أيّ شيء، أُستفز بسرعة ويغضبني ما لا يُغضِب عادةً، يبكيني ما لا يفعل عادة، أكون في أسوء حالاتي- وليس لهذا علاقة بالهرمونات، كما سيقفز لرؤوس البعض - والتي أتمنى فيها لو أنّ أحدًا ينهي الأمر سريعًا بخنقي، أو أهرب بالنوم وأتمنى ألا أستيقظ أبدًا، كي لا أرى من خرج على رؤوسهم "عُصابي"، أو أريهم وجهي مرّة أخرى. لكنني في كل مرة أصحو وأجد ما يحتاج للمعالجة !

كثيرًا ما أتساءل، ماذا ينقصني؟ ما مشكلتكِ الكبرى التي تجعلك تكتبين وكأنك خبيرة بشؤون الحياة والنّاس، وما أنتِ إلا لا شيء في تجارب وخبرات الحياة، وفي حُكْمِ المصريين أنا لم أدخل الدنيا بعد !* رغم أن عمري يقترب من ربع القرن، ربما هذا ما يزعجني؟ هل سأبدأ بالتحوّل وأبدأ بعدّ عمري تنازليًا كالنساء اللاتي كنت - وما زلتُ- أسخر منهنّ ومن إخفاء أعمارهنّ كأنها أسرار حربية أو أمن قومي ! وأقول عندما أسأل عن ذلك بوجه ينضح بالغباء: " هم سبحتاشر سنة بس !"

هل أقوم بتمثيل دور الحكيمة التي لا يعجبها شيء، وتريد تغيير الكثير من الأشياء فلا تستطيع بسوى بما يمكنها، أن تكتب، وتكتئب، ويشتعل قولونها العصبي على أقلّ شيء. رغم مرور شهرين على مواظبتي على التمارين الرياضية إلا أنني كما أنا قبلها تمامًا، خسرتُ ما أريد من وزن، لكن صحتي ليست جيدة أبدًا، لا نفسيًا ولا ماديًّا..
أحاول وضع يدي على المشكلة، ولا أستطيع، هل هو الشعور بالحماقة وضياع الحقيقة؟ هل أنا أوّل أو آخر واحدة ستنهي الدراسة الجامعية وتخوض الحياة العملية؟

في أول محاضرة هذا العام سألنا الدكتور كيف نشعر ونحن طلبة بكالوريوس، كنت أتمنى أن أخبره شعوري، لا أدري مم خجلت، قلت لصديقتي أنني أشعر أني أقف على سطح مبنى عال وبعد أن تنتهي السنة سأسقط !



* يقولون ذلك على العزّاب

04 April, 2009

وداع

سأنفيك اليوم خارج حدود مسامّي، وأشقّ بيننا مسافة بحـر فقابلني عند منتصف القصيدة الأخيرة، كي تستعيد أشياءَكـ: قلب كان ينبض لي، وعقل راق له أن يفكّر بك كثيرًا. وشعور بالأمن كنت ألتذ به جوارك، وبعض ضحكاتي الصافية معك.


قابلني عندما ينتصف الزمان بين الرغبة والمنع. ويرقص الوقت على جراح نسيناها ولمّا تتركنا بعد، لا أدري من سأعشق إن فقدتك. ربما أخلقُ آخر يشبهك يسكنني للأبد. لا أدري من سأسأل إن فقدتُك. ربّما أتخيّل أنني أسألك وأجسّد طيفك ليجيبني. ربما يعشقني أحدهم فأجعله أنت.


ربما أحتفظ برسالتك الأخيرة، تلك التي تنازلت فيها عن قوانين صمتك وأرسلتها، كي أقرأها كلما اشتدّ وجعي، حتى الكلمة "وداع" ليست تحتوي حروفًا متشابكة، وكأنّها تعبّر فعليًا عن استحالة أدنى معاني اللقاء، حتى اللغة تئنّ من وجع تطبيقها، ولا تقوى على مخالفة الواقع، وما يحدث بعيدًا عن الكتب، والافتراض.


تراني سأقوى؟ سأستطيع أن أعيش حياتي كاملةً دون التفكير بك، ولا التساؤل عن الذي تفعله الآن، هل تعمل؟ هل تجلس ويدك تحتوي كتفها بينما تشاهدان التلفاز؟ أم أنّها تلوذ بذراعيك طلبًا لدفء لا أجده؟


لا أدري عنك، دائمًا يتصرف بنو جنسك بما يذهلنا نحن النساء. أو لنقل، بما لا نتصوره، لا أدري شيئًا عنك، لأكون صادقة معك. فقط أحببتك من وجهة نظري، ورسمت لك صورة جميلة، كنت تؤكدها من بعيد. لكنني لم أعرف قط إن بادلتني يومًا هذه المشاعر. ولن أعرف. ولن أكذب لأقول أنني لا أريد أن أعرف. بالطبع أريد أن أعرف بشدّة. لكن. ما فائدة المعرفة المريرة؟ أفضّل الجهل على معرفة تقود للمرارة وحسب. الجهالة تجعلك أسيرًا لاحتمالات عديدة، بينما تصفعك المعرفة بما لا تريد مواجهته، بما ظللت تخشاه طيلة حياتك القصيرة، الطويلة الأحداث.


قريبًا جدًا.. اليوم – ربما- سأنفيك خارج حدود مدني، سأقوم بتطهير مملكتي عرقيًا مما سواي، سيبقى القليل جدًا، إن ظلّ هناك مواطنون لم يختلطوا بك، سأشنّ حربًا شعواء على من – حتى- قد يكون- يُضْمِر لك الولاء. لن أسمح بخيانات قلبية أخرى. فقد سئمتُ باكرًا جدًا، بأي حق حصر الشاعر السأم فيمن يجاوز الثمانين؟ كم يمتلك صبرًا لا أطيقه. ولا أتصوّر كيف طاقه هو!


قريبًا.. ربما غدًا، سأنفيك خارج حدود عقلي، ولن أجيب اتصالاتي بك، ولن أردّ على رسائلي إليك، وسأتجاهل أيّ بادرة شوق تظهر في الأفق قبل أن تكتمل، سأعتقلها قبل أن تتهور وتصل إليك.


قريبًا.. لا أدري متى. هل تساعدني كي أعرف؟


ابريل 2009