10 April, 2009

تـداعـي




لم أعد أستطيع البقاء على وعدي لك بالبُعد، في المرة الأخيرة، عندما اتفقنا على الابتعاد، لكي نثبت لأنفسنا أنّ الحياة ما هي إلا مجموعة من اختياراتنا متراكمة، وألا شيء يجعل حياتنا معقدة أكثر منّا، ومن رؤيتنا لما يحدث، كنّا صادقَـيْن، أردنا أن ندحض ادّعاءات الضعف وقلّة الحيلة التي يلحّنها الشكّاؤون.

ابتعدنا، جمعتَ أمتعتكَ القليلة ورحلتَ عن المدينة، وجمعتُ أمتعتي ورحلتُ عنك، لم تعد تزورني، لأستقبلك، كما كلّ مرة، كعاشقة جاء رفيقها من السفر، ولم أعد أسكن بين يديك كطفلة معها كلّ أنواع الحلوى.

ابتعدنا، غاب عنّي صوتُك، وصرتُ أتمنّى لو أن لديّ آلة خفيّة للتنقل عبر الزمن، أستعملها للرجوع إلى ما قبل معرفتي بك، لأمنع كلّ أسباب الالتقاء قبل أن تحدث، وأجعلك رجلا عابرًا في حياتي، كآلاف الذين عبروا حياتي دون أن يعبروني، أنْ أمنع كل ما حدث بيننا، عناقنا الأوّل، والذي جاء على غفلة منّا وفضح كل ما كانت تخفيه الأفئدة، ثم، قبلتك الناعمة، وكريّات دمائنا المشتركة بعد أنْ لعق كلّ منّا جراح الآخر.

سأكون خائنة، لو فعلتُ وتركتك. لـكنتُ تركتُ لك رسالة كي ترحل أيضًا بآلة أخرى. لكنّا ذهبنا إلى عالَمين مختلفين، أكان ذلك ممكنًا؟

ابتعدنا، ومنذ رحلتَ حلّ الألم مكانك، ما جعلني أظنّ أن أؤلئك الشكّاؤون كانوا محقّون بشكل ما، وأنّ وصالنا منعنا من رؤية معاناتهم، تُـراها أقوى؟ إرادتك في طلاق الحبّ؟ أتمرّ حياتك سلسة كما شئتَ؟ وذاكرتـك إرادية التحكّم، على العكس من ذاكرتي؟ هل استطعتَ أن تنسى كلّ ما حدث بيننا؟

أريد أن أعرف الإجابة، أريد- لو كانت نعم- أن تخبرني كيف، كي أتحكّم في أرشيف ذاكرتي، وأمحو منه ما أريد، وأمنع السلطة التي تمتلكها بعض المواقف ضد اطّراد الزمن، فتأبى دخول الأرشيف، وتقفز أمام وجهي بعناد عاشق يطلب قبلة من حبيبة خجلى متمنّعة، فكلّما تمنّعتْ أكثر اشتدّ عناده، فإذا استسلمتُ، لا تذهب الذكرى وشأنها، بل تصرّ على دعوة إخوتها أجمعين.

وأبكي. وأذكر كم احتوى صدرك دموعي من قبل، الآن لم يعد لي سوى وسادة بها بقايا رائحتك، هل حقًا تشعر بنا الأمكنة التي عبرناها؟ هل تفتقدنا؟ هل تئنّ إن غبنا عنها طويلًا؟

أما إن كانت إجابتك بـ - لا- فتعالَ إليّ الآن، وفورًا، فأنا لا أطيق فراقك أيّها الحبيب.أنا بدونك.. أتداعى.


2 comments:

هانى زينهم said...

لو بايدينا ما نبعدش لحظة ما كناش بعدنا عن اللى حبيناهم ولا رضينا منهم بوعد ولا الف وعد . ما فيش حاجة فى الدنيا ممكن تعوض غياب حبيب ومرارة الذكرى اكبر بكتير من كل نعيم وحلاوة القرب . فى لحظة معينة مرارة البعد بتخلينا نتمنى ان القرب ده ما كانش حصل . يااااه . قلبتى مواجع كتير . الله يسامحك

77Math. said...

المعذرة :(