28 November, 2008

الحب أعمى.. لاتحذر الاصطدام به

كلّما رُحـــت أُوضّب حقيبتي لأيِّ وجهة كانت، تذكّرت نصيحة أندريه جيد: “لا تُهيئ أفراحك”، وخفت إن أنا وضعت في حقيبتي أجمل ثيابي، توقُّعاً لمواعيد جميلة، وأوقات عذبــة، قد تهديني إياها الحياة، أن يتسلّى القَدر بمعاكستي، وأشقى برؤية ثيابي مُعلَّقة أمامي في الخزانة، فيتضاعف حزني وأنا أجمعها من جديد في الحقيبة إيّاها من دون أن تكون قد كُوفِئَت على انتظارها في خزائن الصبر النسائي، بشهقة فرحة اللقاء••

و”الرقص على قدميـ(ـه)”، حسب قول نــزار قباني•

مع الوقت، تعلّمت أن أفكَّ شفرة الأقدار العشقية، فأُسافر بحقيبة شبه فارغة، وبأحلام ورديّة مدسوسة في جيوبها السرّية، حتى لا يراها جمركيّ القدر فيحجزها في إحدى نقاط تفتيش العشّاق على الخرائط العربية•
بتلك الثياب العادية التي لا تشي بأي نوايا انقلابية، اعتدت أن أُراوغ الحياة بما أُتقنه من أدوار تهويميّة تستدعي من الحبّ بعض الرأفـــة، فيهديني وأنا في دور “سندريللا” أكثر هداياه سخاءً•


ذلك أنّ الحـبَّ يحبُّ المعجزات• ولأنّ فيه الكثير من صفات الطُّغاة•• فهو مثل صدّام (حسب شهادة طبيبه )“يُبالغ إذا وهب، ويُبالغ إذا غضب، ويُبالغ إذا عاقب”• وكالطُّغاة الذين نكسر خوفنا منهم، بإطلاق النكات عليهم، نحاول تصديق نكتة أنّ الحب ليس هاجسنا، مُنكرين، ونحنُ نحجز مقعداً في رحلة، أن يكون ضمن أولويات سفرنا، أو أن يكون له وجود بين الحاجات التي ينبغي التصريح بها•
يقول جــان جـاك روسو: “المرأة التي تدَّعي أنها تهزأ بالحبّ، شأنها شأن الطفل الذي يُغني ليلاً كي يطرد الخوف عنه”•
من دون أن أذهب حدّ الاستخفاف بالحبّ، أدَّعي أنني لا آخذه مأخذ الجدّ•

في الواقع، أبرمت ما يشبه مُعاهدة مُباغتة بيني وبين الحبّ، وأن يكون مفاجأة أو “مفاجعة”• فهو كالحرب خدعة• لــذا، أزعــم أنني لا أنتظر من الحب شيئاً، ولا أحتاط من ترسانته، ولا ممّا أراه منهمكاً في إعداده لي، حسب ما يصلني منه من إشارات “واعـــدة”، واثقة تماماً بأنّ أقصر طريق إلى الحب، لا تقودك إليه نظراتك المفتوحة تماماً باتِّساع صحون “الدِّش” لالتقاط كلّ الذبذبات من حولك، بل في إغماض عينيك وترك قلبك يسير بك•• حافياً نحو قدرك العشقيّ• أنتَ لن تبلغ الحب إلاّ لحظة اصطدامك به، كأعمى لا عصا له•

وربما من هذا العَمَـى العاطفي الذي يحجب الرؤيــــة على العشّاق، جــاء ذلك القول الساخــر “أعمــى يقــود عميـــاء إلى حفـرة الزواج”• ذلك أنّه في بعض الحالات، لا جدوى من تنبيه العشّاق إلى تفادي تلك المطبّات التي يصعب النهوض منها•


ثــمَّ، ماذا في إمكان عاشق أن يفعل إذا كان “الحب أعمى”، بشهادة العلماء الذين، بعد بحث جاد، قام به فريق من الباحثين، توصَّلوا إلى ما يؤكِّد عَمَى الْمُحب• فالمناطق الدماغيّة المسؤولة عن التقويمات السلبية والتفكير النقدي، تتوقف عن العمل عند التطلُّع إلى صورة مَن نحبّ• ومن هذه النظرة تُولدُ الكارثة التي يتفنن في عواقبها الشعراء•
وبسبب “الأخطــــار” التي تترتَّب عليها، أقامت محطة “بي•بي•سي”، بمناسبة عيد العشّاق، مهرجاناً سمَّته “مهرجان أخطار الحب”، استعرضت فيه كلَّ “البــــلاوي” والنكبـــات، التي تترتَّــب على ذلك الإحساس الجــارف، من إفلاس وانتحار وفضيحة وجنون.


أحلام مستغانمي

8 comments:

La RoSe said...

شكراً ماث على النقل :)

الرسام الواقعي said...

كلمات تخاطرني بشدة-كلمات ام افعال؟!-....

"سوف يأتي يوم،وهو غير بعيد،تتنبه المدينة فيه الي ان الرجل المتفوق الذي ينشده العلماء في الغرب لن يخلق لهم من التمرين لقوي العقل وقوي الجسد ولا من فحص خلايا المزوجين بالمجهر حتي ولا من تلقيحهم بالمواد الكيماوية او تطعيمهم بغدد القرود.ان الرجل
الكامل او الاقرب الي الكمال انما هو ابن الحب الكامل ،فالمحبة وحدها هي السبيل المؤدي الي ادراك الحق والقوة والجمال.".....هل الحب الكامل موجود؟!....

"أواه كيف لا أحن الي الابدية وأضطرم شوقا الي خاتم الزواج،الي دائرة الدوائر حيث يصبح الانتهاء ابتداء.انني لم أجدحتي اليوم امراه اريدها أما لابنائي الا المرأة التي احبها لانني احبك ايتها الابدية!...انني احبك،ايتها الابدية...
اين هذه الهتفة الرائعة تصدو في أعماق روح تتطير من الزوال من ابتسامة الملحد الصفراء وهو لا يري وراءه وامامه الا العدم والزوال بل يكاد يري وجوده خدعة وخيالا كاذبا"...هل ممكن ايجادها في الواقع ام انها مثالية لدرجة لا يمكن العيش معها الا في الخيال؟!

"لكي يعيش الانسان وحيدا ،عليه ان يكون حيوانا، او الها،قال ارسطو.تبقي حالة ثالثة،عليه ان يكون الاثنين معا ...فليسوفا"...

"المراة المتكاملة تقترف الادب كما تقترف خطيئة غير مميتة،علي سبيل التجربة،بالتفاتها هل لاحظناها،او لكي نلاحظها"...هل هي فعلا متكاملة؟!...

"ان الرجل الحقيقي يطلب امرين:المخاطرة واللعب،وذلك ما يدعوه الي طلب المراة،فهي اخطر الالعاب..."هل فعلا الامر لعبة؟!...

77Math. said...

LaRose

العفو .. دا أقل حب :D

مجهول

أختلف معك بشأن الألعاب .. إهانة للمرأة أن تصفها بأنها أخطر الألعاب .. يمكن أن تطلقها على أي شيء آخر سوى الإنسان

وإلا فالرجال لعبة النساء ..والكلّ يلعب بالكل لكنها لن تكون خطرة خاصّة لمن لا ضمير له !

على كلّ

أنا لا أرى أن الحب لعبة .. وتبهرني قصص الحب الأفلاطونية القديمة .. الحب لأجل الحب .. أشيااء لا تُفهَم في هذا الزمن ..

تحياتي

الرسام الواقعي said...

اذا انت معتقدة أنني مع فكرة اللعبة.
الخاطرة:ما يخطر بالقلب(النفس) من أمر أو رأي ،أو معني.
سيدتي؛كل خاطرة تحمل من المعاني ما يناقض الاخري...اذا لايمكن تعميم اي منهم.
سيدتي؛ما كتبت ليس بكلماتي ولكن أفعالي.
لكن؛كل منهم يمثل تجسيد أو وصف لموقف حياتي واقعي لا استطيع تجاهله...
لا تنسي سؤالي لك "هل فعلا الامر لعبة" المتبوع بعلامة تعجب،مما يدل ،علي أنني هنا لست لأصدر احكام عامة،او نظريات ،أو أقوم بدور الناصح...
(الذي اكرهه رغم قيامي به).
أنت تحدثتي عن الضمير،والحب من أجل الحب...أنا هنا لا اتحدث عن مثل...ليس ما نقوله دائما من المثل نفعله!!!!...
أتذكر كلمة لنيتشه(صاحب الكلمات؛ من كتاب:هكذا تكلم زرادشت)"أنا لا أفند المثل بل أكتفي بوضع القفاز عند تناولها".
كثيرا ما تفهمي كلامي حرفيا او أنه موجه لك بالذات!!!!...

77Math. said...

شكرا للتوضيح :)

الرسام الواقعي said...

عفوا...شكرا لتفهمك.

نور الدين (محمد الجيزاوى) said...

أهلا بالفاضلة الكريمة

...
قرأت موضوعك وكررته اكثر من مرة
واحمل لك فضل نقله إلينا
لأنى دائما أقول أيهما اروع هل الزهرة أم عين الشاعر التى تصوغها شعرا

حقا الحب قدر كالموت لا يمكنك ان تسير اليه بل هو ياتى اليك
وبعد الموت إما الجنة أو النار وكذا الحب بعد الضربة الاولى والافاقة الاولى تجد نفسك إما ترفل فى أثواب النعيم
وإما تتقلب بين أطباق الجحيم

وكلاهما قدرك
...
إسمحى لى سيدتى أن ادعوكى على إستحياء
لزيارة مدونتى ولكم اشعر بالخجل أن ادعو البحر لزيارة حفر على شطآنه

دعوتك لقراءة قصة كتبتها بمدونتى هى من ثلاث أجزاء ارجو أن تقرأيها بترتيبها ويعنينى للغاية رأيك ويبهجنى تصويبك
القصة بعنوان(الحصان والاميرة )

لك تحياتى ما طلعت الشمس
.....
نور الدين محمود

77Math. said...

نور الدين

أخجلتم تواضعًا ندّعي وجوده !

سآتي لزيارتك وأردّ بأجمل فرصة حتى لا أظلم القصّة
شكرًا للدعوة، وللرد الجميل

لك تحياتي

:)