12 July, 2008

ألــوان

أحمر..أصفر..أخضر

أحمر..أخضر

أخضر



أحــــــــــمـر

قالت له: صدقني لا أدري ماذا يحدث لي..ربما مللتُ من كلّ هذا.! أنا آسفة.. أعلم أنّ هذا فظيع، حسنًا، أفضّل ألا أتحدث وأنا في هذه الحال، أنا أهذي كثيرا، أرجوك لا تغضب..

اقترب منها وحاول أن يضمّها إليه لكنها أجفلت مبتعدة، نظرت إليه وفي عينيها نظرة خاوية، قالت بصوت جاف: أرجوك ليس الآن..

قال: حبيبتي.. أأنتِ خائفة مني؟!

كلا.. لكن.. لا أدري، هناك شيء ما يبعدني عنك، أشعر أنك مختلف، أو أنا المختلفة، لا أدري، أرجوك اذهب الآن .. لا تغضب مني..

بدا عليها الاستياء من نفسها حقًا!

لم يجد ما يفعله، قبّلها سريعا على جبينها، يعلم أنها ستعود إليه وتعتذر عمّا قالته، إنها ليست سيئة، وهو أكثر من يعرفها في هذا العالم، لقد أحبّها طوال حياته، ولن يتخلّى عنها..

قالت له بصوت منخفض: لا تغضب مني أرجوك...لا أدري..ما الذي يحدث لي، أحيانا أشعر أنك طيب، لست مثلهم، لكنكم في النهاية – دائما- تتشابهون.. أرجوك لا تتركني!

نظر إليها نظرة أخيرة دامعة، ثم خرج متأثرا..

أصـــــــــــــفـر

هاتفها ذات صباح لاحق، أجابته سريعا قائلة: يا للنور الذي يأتي إليّ من الهاتف، كيف يا ربِّ كنتُ سأحيا لو لم أستيقظ على هذا الصوت صباحا؟!

سمعت ابتسامته...!

تعرف صمته عندما يبتسم، إنه صمت مميز، بخلاف صمته الذي يقول فيه كلاما !

أخيرا تحدث، قال: يا إلهي ما هذا التقدّم الهائل؟! أشتقتِ كما اشتقتُ ؟!

ضحكت تلك الضحكة الصافية، التي ما يكاد يسمعها حتى يخفق قلبه في حبّ ويتمنى لو يضمّها إليه..

أضافت: لو أنني اشتقتُ كما اشتقتَ أنت لهاتفتك أولا..!

وصمتت قليلا ثم استطردت: أنا اشتقتُ أكثر، لذلك...أنا أنتظرك اليوم..ماذا قلت؟!

صرخ بتأثر: أوه.. كلا.. أنتِ تمزحين ! هل تعنين ذلك حقًا؟! الآن سأكون عندك !!

خفق قلبه بقوة عندما وصلته ضحكتها تلك ثانيةً، تلا ذلك إنهاء المهاتفة..

أخـــــــــــــضــر

جالسةً بجواره ورأسها متكئ على كتفه الأيمن، بينما يدها تعبث بحريّة في شعره القصير، وهي تقرأ بصوت مرتفع من ديوانٍ لأبي القاسم..

كــان فــي قلبـيَ فجـرٌ, ونجـومْ, وبحـــارٌ, لا تُغَشِّـــيها الغيــومْ

وأناشـــيدُ, وأطيـــارٌ تحـــومْ وربيــعٌ, مُشْــرِقٌ, حـلوٌ, جـميلْ

كــان فــي قلبــي صبـاحُ وإيـاهْ وابتســامات, ولكــن... واأســاهْ!

آه! مــا أهــول إعصـارَ الحياة! آه مــا أشــقى قلـوب النـاس! آهْ!

كــان فــي قلبـي فجـرٌ, ونجـومْ.

فــإذا الكــلُّ ظــلام وسـديمْ.

نظرت إليه، فأخذ الكتاب من يدها ووضعه جانبًا، رفع وجهها إليه ليراه بوضوح، نظر في عينيها طويلًا، لا يريد أن يشعر سوى باللحظة الحالية، هو يعلم أنها الآن بأفضل أحوالها وأنها لن تمنعه من فعل أي شيء..طالما كانت بهذا الهدوء..

تمتم بصوتٍ متهدج متألم: آهٍ قطتي الصغيرة ..

اعتدلت في جلستها، لن تسمح بتعكير هذا الصفْو بسببِ خزعبلاتِ أفكارها..

قالت له برفق: ما رأيك أن نتنزّه قليلًا؟

وافقها، منذ متى لم يخرجا سويّة؟! فقط لو يعلم ما الذي يلمّ بها في لحظاتٍ يشعر هو أنهما قريبان من بعضهما للغاية.

اختارا ممشى قريبًا من الشاطئ وسارا متشابكي الأيدي وهما يترنمان ببعض القصائد..انتهى بهما السير حتى مطعم ذي إضاءة خافتة، لطالما جمعتهما الكثير من الأشياء، كلاهما يحبّ تناول الطعام على ضوء الشموع..

كلاهما يحب القراءة لنفس الشعراء، ونفس الكتّاب، ويفضّل سماع الموسيقى ذاتها..ما الذي يحدث إذن ؟ لن يفكّر بالأمر...سيدعه للقَدَر، هو متأكد من أنها تهيم به وكفى!

منحها باقة ورد..

وعلى بطاقة صغيرة خُطَّت كلماتٍ رقيقة من تأليفه، كان كلاهما يكتب أيضًا، وتتميز كتاباتهما بالرقي والجودة..ومهارة تطويع الكلمات لما يريدان قوله..

شكرتْه بحرارة على الكلمات الرقيقة..وأخذا يتبادلان الحديث الضاحك حتى فرغا من العشاء.

صمتا برهة، أخذت تتأمله، قامت فجأة وابتعدت، كان يتعذّب من هذا الوضع...وهي أيضًا، كان يشعر بذلك..

استقلّت أول سيارة أجرة...أخفت وجهها بمنديلها الكبير، وأخذت تبكي كطفلة..

أحمر..أخضر

أخضر


No comments: