"من اُسْتُغْضِبَ ولم يغضب فهو حمار"
سمعتها مؤخرًا وذهلتُ، بحثت قليلا في جوجل، وجدت أنها تنسب للإمام الشافعي، منسوبة لعمر بن الخطّاب أيضًا.. وخطأ وافتراء للرسول عليه السلام.. !
نعم .. إلى هذا الحدّ من الجهل وصلنا، ليس الكذب على الرسول فهو ليس بجديد، ومئات الأحاديث الضعيفة تؤكد ذلك، فلا أسهل من خداع الناس والضحك عليهم باختلاق بالأحاديث المغرّضة، والتي لا هدف لها سوى إخضاع الناس لمن ابتدعها، كثير من أحاديث ذمّ النساء والإنقاص من شأنهن، أحاديث فضائل الأعمال موضوعة ومكذوبة لأغراض سياسية في المقام الأوّل، وإلهاء الناس بشؤون دينية عبادية بحتة عن الانشغال بسياسة الدولة.
وإنما لأن هذا القول ببساطة منافي للعقل والمنطق وبعض أبسط أخلاق العرب والتي أكّدها الإسلام التي تحث على ضبط النفس وكظم الغيظ والحِلم و"لا تغضب.. لا تغضب" كما أوصى الرسول عليه السلام.! عدم مجادلة الحمقى "وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما"(الفرقان:63)
و كظم الغيظ، وعدم إظهار الغضب، ليس من باب الضعف وعدم القدرة على الانتقام، بل العكس."
والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين" (آل عمران:134).
لم يُذكر في السنة أن الرسول كان يغضب لنفسه أبدًا، وإنما كان يغضب أشد الغضب عندما تنتهك حرمات الله، والعرب طالما قدّروا الحليم وقالوا: اتقّ شرّ الحليم إذا غضب، وفي وصف الرجال ذكروا أنّ أسوأهم سريع الغضب بطيء الرضا، وأحسنهم خلقًا بطيء الغضب سريع الرضا، وفي وصف النساء كرهوا المرأة التي تنغص على زوجها، وفضّلوا" الودود .." وقال عليه السلام:"شرّ النّاس من اتقاه الناس خشية شرّه"، وقال عليه السلام لأحد الصحابة:"إنّ فيك خصلتين يحبّهما الله ورسوله، الحِلْم والأناة"..
أذكر أنّ رجلا جاء إلى عمر رضي الله عنه يشكو إليه خُلق زوجته، فسمع امرأته تستطيل عليه بلسانها، وهو ساكت لا يرد عليها ، فانصرف الرجل قائلا :" إذا كان هذا حال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب فكيف حالي ؟ فخرج عمر فرآه موليًا فناداه : ما حاجتك يا أخي ؟ فقال : يا أمير المؤمنين جئت أشكو إليك خُلق زوجتي واستطالتها علي، فسمعتُ زوجتك كذلك، فرجعتُ وقلتُ: إذا كان هذا حال أمير المؤمنين مع زوجته ، فكيف حالي ؟ فقال عمر: تحملتها لحقوق لها علي، فإنها طباخة لطعامي، خبازة لخبزي، غسالة لثيابي، مرضعة لأولادي، وليس ذلك بواجب عليها، وسكن قلبي بها عن الحرام، فأنا أتحملها لذلك. فقال الرجل: يا أمير المؤمنين وكذلك زوجتي. قال : فتحملها يا أخي فإنما هي مدة يسيرة" انتهى
ولو بقيت أذكر القصص التي تدل على كذب هذا القول، فلن أنتهي ببساطة
ملاحِظْ :
1. قرأت في دراسة نفسية أنّ الشخصين عندما يتحاوران وهما غاضبين، فإنّ جزءًا مهما من العقل يكون مغيّبًا تمامًا، وتكون الأفعال وردود الأفعال ناتجة عن غريزة بحتة، غريزة الغضب، ويتساوى في ذلك الإنسان مع البهائم تمامًا.
2. حد يقدر يقول إن اللي في الصورة اللي فوق دي عاقلين ؟
3. ترى ما سيكون المشهد اللاحق ؟
can't wait to see !
8 comments:
انا اول مرة اسمع المقولة دى اصلا اول ماشفتها قلت اكيد كذب
أصبح من الطبيعى أن تشك فى الحديث عندما تسمعه لاول مرة هككذا تسير الأمور معى أشك ثم اتأكد
اتفق مع ماقراتيه فى الدراسة النفسية فأوقات عندما تصل بى درجة الغشب الى حد لا أطيقه اشعر بأننى مغيبة العقل تماماً
ولكنى أعمل على تحسين هذه العادة السيئة
:S
البطئ الغضب خير من الجبار و مالك روحه خير ممن يأخذ مدينة ، فأكلة من البقول حيث تكون المحبة خير من ثور معلوف و معه بغضة
صباحك سكر
بصراحة انا اول مرة اسمع عن المقولة دى وباتفق معاكى انها مش صحيحة
وقت الغضب يغيب العقل و يتملك الانسان ثورة عارمة قد تحطم كل ما يتصوره امامه وقتها
قد يتحكم الانسان فى غضبه وتلك قوة لا يقوى عليها الكثير من الناس
ما بعد الصورة قد يحدث تصادم عنيف فقد تملك منهم الغضب الا انا كان من منهم اقل غضبا واستطاع ان يحكم عقله قبل فوات الاوان
تحياتى
يويو
اول مره ادخل مدونتك ....جميله بجد.....وعلى فكره الاحاديث الضعيفه كتيره ومنتشره للاسف بسبب ضعف فى قلوب البعض لييسروا لانفسهم امور حرمت عليهم
دمتى بخير.....تقبلى مرورى
بصى يا ايمان الغضب والهدوء انفعالات اسانية عادية . فى وقت الغضب طبيعى ان الانسان يغضب وفى وقت الهدوء طبيعى الانسان يبقى هادى ومش بيفتكر وقت الغضب اى مقولات مهما كانت مهمة . المشكلة فى الظروف اللى بيعيش فيها الانسان .
فتاة
شكرا لك
:)
هاني
أتحدث عن الغضب الحيواني لا عن الغضب الإنساني الذي يصيب الناس كلها بمقدار عادي،
أتحدث عن الغضب عن الذي ينتهي بتكسير أشياء وعلاقات ونفوس وأشياء جميلة
وليس الغضب الـ"طبيعي"
طبيعي أن نغضب وليس من الطبيعي أن يكون الغضب هو منهاج حياة، ماذا لو تبنى أحدهم الكلمة أعلاه؟
حيغضب من الهوا !
تحياتي لكم جميعًا
السلام عليكم
مدوّنة رائعة للغاية ،
تعرفت عليها مؤخّرًا وشدّتني لتصفّح أرشيفها حتّى وصلت هذا الموضوع الذي استوقفني قليلاً وأحببت أن أعقّب عليه رغم قدمه
بداية أنا أوافق بشدّة العبارة المنسوبة للامام الشافعي ولا أرى فيها بأسًا..
وأبدأ مداخلتي بما أشرتِ إليه من أنّه يروى عن الرسول عليه الصلاة والسلام أنّه كان يغضب عندما تنتهك حرمات الله، أي أنّ الغضب ليست صفة مذمومةً على إطلاقها، وبذات المنطق يمكن القول إن الحِلم صفة ليست محمودة على المطلق..
إذا قيلَ رِفقاً قالَ للحِلمِ موْضِعٌ .. وَحِلْمُ الفتى في غَيرِ مَوْضِعه جَهْلُ
يعني أنّ عدم الغضب أحيانًا يعني البلادة وعدم الإحساس، وهذا ما قد تتحفّظين عليه لأوّل وهلة ولا يتقبّله البعض متذكّرين المآثر التي تردّد دائمًا عن كظم الغيظ وفضله، لكن ألا يعني كظم الغيظ أن غيظًا كان موجودًا وكُظم؟! و كَظَمَ تعني لغةً: ردّ وحبس، أيّ أن الغضب موجود. من منطلق هذه الفكرة يمكن أن نفهم ونتفهّم دون تحفّظ قول الشافعي: "من استُغضب ولم يغضب فهو حمار"
وأذكر أنّه في حديث تغيير المنكر جاء: "فمن لم يستطع.. فبقلبه؛ وذلك أضعف الإيمان" أضعف الإيمان أي إنه لا أقلّ إيمانًا ولا أكثر سوءًا من أن تجد نفسك متعايشًا ومتكيّفًا مع وضع منكَر. هي اللامبالاة في أبشع صورها عندما تصبح قادرًا على تقبّل وضع أعوج دون أن تجد في صدرك انزعاجًا (أو غضبًا) منه!
يقول أبو حامد الغزالي في إحيائه:
"فمن مال غضبه إلى الفتور حتى أحسّ من نفسه بضعف الغيرة وخسّة النفس في احتمال الذلّ والضيم في غير محلّه فينبغي أن يعالجَ نفسه حتى يقوى غضبُه، ومن مال غضبه إلى الإفراط حتى جرّه إلى التهّور واقتحام الفواحش فينبغي أن يعالجَ نفسه لينقص من سَورة الغضب ويقف على الوسط الحقّ بين الطرفين"
عذرًا للاطالة
:)
لا أختلف معك؛ وإن كنتُ لا أزال على موقفي بشأن الجُملَة لأنّها تدلّ على أنَّ الشخص بلا عقل.
استُغْضِب .. فعل مبن للمجهول؛ تعني أنَّ أحدا فعل شيئًا أو قال قولًا للشخص لكي يثير غضبه؛ ومن كمال العقل ألا يتأثر الشخص بمجرّد سماع قول أو نبأ..
"يا أيّها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإٍ فتبيّنوا"
إذًا.. أنا أتفق معك على مبدأ الغضب حين يستحق الموقف ذلك.
Post a Comment