على غُصنِ زيتونةٍ فاجأتْني
مليكةُ جنٍّ
وحالاً بكتْني!
دُهشتُ، ابتسمتُ
سألتُ الرَّياحينَ عمَّا رأيتُ
فعادتْ إليَّ
إلى ناظريَّ
وحينَ التفتُّ
بدمعٍ غزتْني!
على معصمَيها – وأعني المليكةَ – قيدٌ ذميمُ
وفوقَ جبينٍ تمزَّقَ رغماً
سنونٌ تغيمُ
وفي جيبِها حفنةٌ مِنْ تراثٍ
وحبَّةُ مجدٍ، وعزٌّ أليمُ!
وفي الحالِ أدركتُ أنَّ المليكةَ زارتْ بلادي
فصالتْ وجالتْ
ودمعٌ جديدٌ غزا مقلتَيها
ودمعٌ قديمُ!.
تظنُّونَ في هذهِ اللَّحظاتِ بأنِّي
كأيٍّ مِنَ الشُّعراءِ الَّذينَ تباكَوا فحسبْ!
ولكنَّني في نعيمِ اختياري
يقدِّسُني الشَّعبُ قربَ احتضاري
ويلعنُني الوقتُ في كلِّ حينٍ
ويغفرُ لي الرَّبُّ في كلِّ دينٍ
وتحملُني الأرضُ رغماً، بصمتْ!
أنا في بلادٍ تعلَّمتُ منها
قراءةَ حظِّي وكشفَ الغيوبِ
وبصَّرتُ فيها، وآمنتُ فيها
وأحببتُ فيها فزيدتْ ذنوبي
أنا في بلادٍ
ستمطرُ يوماً كلاماً
فنجني بصمتْ!.
كذا حالُنا مذْ غزانا المغولُ
وذا عهدُنا مذْ سبتْنا الفصولُ
فعكَّا وحيفا ويافا
ونابلسَ تلكَ الَّتي في ثراها
تعفَّنَ مليونُ شابٍّ وبنتْ
وما زلنا نبكي بصمتْ!
تقولونَ في هذهِ اللَّحظاتِ: هراءْ
ولكنَّني لا أرومُ البلاءْ
ولا أنشرُ الحزنَ في كربلاءْ
ولا أكتبُ الدَّمعَ في كلِّ عينٍ
وفي كلِّ راءٍ
وفي كلِّ باءْ!
أنا في بلادٍ
تعيشُ على ديَّةِ الشُّعراءْ
وتنبشُ أحزانَها مِنْ أتونِ العراءْ
وتحيا بصمتْ
وتعرى بصمتْ
وتفنى بصمتْ!.
وأُلقي بصمتْ
وأنتمْ تزيدونَ صمتَ البلاغةِ في شفتَيَّ
هما، همْ، ونحنُ، وأنتِ، وأنتْ!
أنا في بلادٍ
تعيشُ بصمتٍ، تغنِّي بصمتٍ
وتشكو بصمتٍ، وتصغي بصمتْ
فعشتُمْ وعشنا وعاشوا، وصمتْ!
عمر حكمت الخولي
No comments:
Post a Comment