تأملوا معي هذه العبارات، التي –ربما- سمعتموها في حياتكم اليوميّة، أو حتى تفوهتم بها قريبًا.. في يوم من الأيام.
- أنا بخير لله الحمد، فقط أنتظر حصولي على العمل الجديد.. أحاول أن أكون كفؤًا للحصول عليه.
- هناك ترتيبات العرس .. وبعدها شهر العسل .. لا أدري هل نقضي بعض الأيام هنا أم نذهب مباشرة لمدينة أخرى.
- نعم أنا بانتظار الحصول على سيارة جديدة قريبا.
- الله يطول في عمري لأرى أولادكم .. مع أنكم ستجعلوني جدّا !
- بانتظار الحصول على كمبيوتر محمول قريبًا.. كم سأكون مستمتعة بنقل الأشياء وتجهيزه من..إلى !
- لا يمكننا أن نسافر.. نحن بانتظار مولودنا الجديد..!
- زوجي سيعود من الجيش خلال أسبوع. – رغم أنه كل أسبوع يذهب، لكنني كل أسبوع أترقب!-
- هناك رحلة بعد شهرين .. ما رأيكم أن نحجز فيها؟- لا يوجد احتمال أنها قد تلغى !-
- ماذا ستفعل بعد التخرج؟- رغم أنك قد لا تعيش لتفعل-
- أريد فقط أن أنتهي من الدراسة، هناك الكثير من المخططات آمل أن أفعلها.
- سأرى إن كان سيهاتفني غدًا.. – ستعيش حتى الغد في منتهى السعادة كونها حيّة !- - في منتهى الترقب بلغة ألطف-
- هل أحبه؟ الزمن وحده سيجيب ! – بالتأكيد ستعيش هذا الزمن بشغف!-
الترقب .. الأمل .. العيش على أمل القادم .. نحن نعيش الحاضر وأعيننا على المستقبل، أعيننا على ما ليس معنا.. هذه طبيعة بشرية .. هذا الأمر أفكّر به كثيرًا مؤخرًا.. لاحظتُ أنني كذلك ومن حولي دون أن نشعر حتى .. نحن نتحدث عما سنفعل .. نفعل أشياء، قد لا نشعر بطعمها لأننا بانتظار الأحلى..!
وهذا خطأ إن زاد عن حدّه .. أتذكر الـرسم الذي رسمه الرسول عليه السلام على الرمال، رسم ثلاثة خطوط .. | الإنسان | أجله | أمله ، ينتهي أجل الإنسان ولمّا ينتهِ أمله بعد ..
حقيقة .. حقيقة فظيعة .. مريعة .. شنيعة !
أحاول أن أقرر-فقط- أن أعيش حياتي .. فيتلبسني عفريت المستقبل وكأنه يقول: ماذا ستفعلين بي؟ هل ستتركينني وحيدًا دون أن أتلبّسكِ وتتلبسينني؟
هل ستتركيني دون أن تفكّري بي ليلَ نهار كي أكون مطمئنًا؟ ولأنه العفريت .. ولأنني البَشَر .. لأنه يراني ولا أراه .. فإنه ينتصر عليّ..
وفي كلّ مرة أقرر أن أعيش يومي فقط .. أجدني انتقلتُ للغد .. لبعد غد .. للعام القادم ! وهكذا !!
ترى .. متى سينتهي كلّ هذا؟
أعتقد أنه لن ينتهي أبدًا .. لأن الإنسان حتى في قبره، ما بين واحد يقول ربّ أقم الساعة كي يدخل الجنّة، وبين من يقول ربّ لا تقم الساعة لأنه لا يريد أن يذهب للجحيم !
فليجعلنا الله من الفئة الأولى .. وليرحمنا في الدنيا وليرحم ضعفنا.
2 comments:
كتبتُ قبل فترة عن عقدة الانتظار التي تأصلت في مجتمعنا ..
عقدة أصبحت متوارثة وللأسف عند الكثير منا ..
حتى أصبح أطفالنا ينتظرون تحقق أحلامهم .. وهم أحلامنا !!
تقديري
أعجبتني عبارتك:
"حتى أصبح أطفالنا ينتظرون تحقق أحلامهم .. وهم أحلامنا !!"
شكري لمرورك وترك تعليق :)
تحياتي لك.
Post a Comment