رواية طويلة؛ طويلة؛ ثقيلة الوزن ثقيلة الكلماتِ ثقيلة على الرّوح .. للكاتب السعودي "عبده خال"
لو أنَّك في حالة انعدام وزن؛ تكره الدّنيا وتحتقر البشر؛ ربما ستعينك هذه الرواية على الانغماس بحالتك أكثر؛ وربّما تقوم بإخراجك من حالتك عندما تعرف أنَّ حالَك أهونُ من حالِ غيرك؛ بينما لو كنت من النوع الرقيق الهشّ الذي يتأثر بكلمة ويبكي لها أيَّامًا وليالي، فلا أنصحك أنْ تقرأ الرواية أصلا؛ لأنّك ستصاب بالاكتئاب وربّما تستيقظ فزعًا من نومك كي تتأكّد أنّك في بيتِك لا بيتِ الأمير؛ حيث مبدأ القصّة ومنتهاها.
"طارق" .. اسم جميل لشابّ أراد الخروج من فقر حارته التي نشأ بها في إحدى ضواحي جدّة؛ فشاء له سوء حظّه؛ وقدره العاثر؛ أن يعمل في قصر الأمير، الذي لا يعرف أحدٌ اسمه؛ لا يجرؤ أحد على نطقه، الكلّ يشير إليه بـ "السيّد"..
السيّد الكبير توفّي؛ وجاء بعده ابنه؛ السيّد العابث..
في كلّ أرجاء الرواية تفوح رائحة الأموال المحرّمة، والمتعة المحرّمة، والتقزّز الواجب.. ترميك من أعلى مصافّ الإنسانية إلى أقعى قيعان الانحطاط البشريّ، تصوّر ما يمكن أنْ يصل إليه الإنسان إذا نزعتَ عنْه الضّمير تمامًا، منحته النفوذ المطلق والقوّة والمال والسلطة والجاه، ثمّ لم ترسِل أحدًا ليحاسبَه..!
مهنة "طارق" في القصر كانت محدّدة منذ اليوم الأول، ستقوم بهتك عرض منْ يغضب عليه "السيّد". عندما يريد "السيد" أنْ يمنح أحدًا درسًا أو يكسر عينه أو يريه من الأقوى، يرسل له "طارق"، فيقوم بمهمّته القميئة أمام أعين "السيّد" الظافرة.
في القصر، كُلُّ شيءٍ مُسَجَّل، كُلّ همسة، كُلّ حركة، كُلِّ انتهاك، حتى وصل الأمر إلى بيوت من يعملون به أيضًا، كُلّ شيء مسجّل، وهذا أوّل بند غير مكتوب في لعبة الحقارة والخسّة، "سيكون لديّ ما يدينك ويذلّك ويذهب بك خلف كوكبنا هذا فعليك أنْ تكون صاغرًا على الدوام.."
"تهاني"؛ حُبّ طارق الأوّل والأخير، وكما يقول عنها أنّها الطّهر الوحيد في حياته المليئة بالقذارة، الطهر الوحيد، قام بتدنيسه في ليلةٍ مشؤومة كانت سببًا في أنْ يقتلها أبوها ويداريها التراب. ولا تعرف أمّها ذلك إلا بعد عشرين عامًا منْ مقتلها.
"تهاني" .. الصبيّة اليافعة التي أحبَّتْ شيطانًا في جسدِ إنْسان. ومنحتْه كُلَّها ذاتَ ضعْفٍ فكان ضريبة ذلك أنْ تمنح روحَها. وتصمِت للأبد.
ونساءُ القصر نوعان؛
زوجة السيّد وبناته وأمّه، أو بلفظ آخر، الأميرات، وخادماتهنّ. والنوع الثاني: نساء المتعة، وهنّ كُثْرْ .. واللواتي أصبح إعطاؤهنّ أموالهنّ وظيفةً أخرى لـ "طارق"..
الهاربات من بيوتهنّ، المطلقات في سنّ صغيرة والمتزوجات قهرًا وزوجاتٍ للمبادلة أو عِوضًا عنْ مال غير موجود!
بينما الذكور هناك نوعٌ واحد؛ تتبرأ منهم السماء وتلعنهم الأرض.
يقول "طارق" بعد أنْ تزوجت أمّه بعد فترة قصيرة من وفاة أبيه: " يبدو أنَّ المرأة تمنحك الجسد للمتعة، وتضنّ بقلبها عليك، تبقيه نابضًا حيًا، لتوفر مشاعرها الفياضة وتسكبها على أبنائها، هذا في المجمل، أما أمي فذكرياتي معها مشوشة، وكلما اكتشفت شيئا من سيرتها، عدت أنقّب في ذلك التشويش عما ينفي أو يثبت صحة المقولات التي تصلني"
ويقول في أثناء فِكْرة: "تكون إنسانيًا مع المرأة عندما لا يكون لك مغنمًا بها، أما إذا تحركت شهوتك نحو جسدها، فكلّ فعل إنساني تقدمه لها إنما هو إجادة متقنة للفخ المعدّ لاصطياد جسدها..."
شعرتُ بانقطاع السرد أحيانًا في الرواية، كأنّي أعرف أنّ الكاتب هنا قد أخذ عطلة، ثم عاد ليكملها فيما بعد، وهو أمر منتشر في الروايات السعودية عمومًا، ولا أدري لماذا، وهذا ليس رأيي وحدي على أيَّة حال.
كما أنَّ الرواية ليست من عالَمِ الخيال؛ بعض السعوديين ومن عاشوا في السعودية يؤكدون واقعيتها، لذلك عليك – بعد أن تنتهي الرواية – أنْ تُعيد وضوءك، تغسل روحَكَ بالحبيب ثلاثًا، ثمّ لا تحاول التفكير كثيرًا في أنَّ هناك بشرٌ مثل "طارق" و"السيّد" .. يمشون على الأرض!
أخيرًا؛ يمكنني القول بِكُلِّ ثقة: اكتب في روايتِك عن الشذوذ والجنس والجنس، ودُسَّ بعض الحَكَايا؛ وستضمن جائزةً ما!
لو أنَّك في حالة انعدام وزن؛ تكره الدّنيا وتحتقر البشر؛ ربما ستعينك هذه الرواية على الانغماس بحالتك أكثر؛ وربّما تقوم بإخراجك من حالتك عندما تعرف أنَّ حالَك أهونُ من حالِ غيرك؛ بينما لو كنت من النوع الرقيق الهشّ الذي يتأثر بكلمة ويبكي لها أيَّامًا وليالي، فلا أنصحك أنْ تقرأ الرواية أصلا؛ لأنّك ستصاب بالاكتئاب وربّما تستيقظ فزعًا من نومك كي تتأكّد أنّك في بيتِك لا بيتِ الأمير؛ حيث مبدأ القصّة ومنتهاها.
"طارق" .. اسم جميل لشابّ أراد الخروج من فقر حارته التي نشأ بها في إحدى ضواحي جدّة؛ فشاء له سوء حظّه؛ وقدره العاثر؛ أن يعمل في قصر الأمير، الذي لا يعرف أحدٌ اسمه؛ لا يجرؤ أحد على نطقه، الكلّ يشير إليه بـ "السيّد"..
السيّد الكبير توفّي؛ وجاء بعده ابنه؛ السيّد العابث..
في كلّ أرجاء الرواية تفوح رائحة الأموال المحرّمة، والمتعة المحرّمة، والتقزّز الواجب.. ترميك من أعلى مصافّ الإنسانية إلى أقعى قيعان الانحطاط البشريّ، تصوّر ما يمكن أنْ يصل إليه الإنسان إذا نزعتَ عنْه الضّمير تمامًا، منحته النفوذ المطلق والقوّة والمال والسلطة والجاه، ثمّ لم ترسِل أحدًا ليحاسبَه..!
مهنة "طارق" في القصر كانت محدّدة منذ اليوم الأول، ستقوم بهتك عرض منْ يغضب عليه "السيّد". عندما يريد "السيد" أنْ يمنح أحدًا درسًا أو يكسر عينه أو يريه من الأقوى، يرسل له "طارق"، فيقوم بمهمّته القميئة أمام أعين "السيّد" الظافرة.
في القصر، كُلُّ شيءٍ مُسَجَّل، كُلّ همسة، كُلّ حركة، كُلِّ انتهاك، حتى وصل الأمر إلى بيوت من يعملون به أيضًا، كُلّ شيء مسجّل، وهذا أوّل بند غير مكتوب في لعبة الحقارة والخسّة، "سيكون لديّ ما يدينك ويذلّك ويذهب بك خلف كوكبنا هذا فعليك أنْ تكون صاغرًا على الدوام.."
"تهاني"؛ حُبّ طارق الأوّل والأخير، وكما يقول عنها أنّها الطّهر الوحيد في حياته المليئة بالقذارة، الطهر الوحيد، قام بتدنيسه في ليلةٍ مشؤومة كانت سببًا في أنْ يقتلها أبوها ويداريها التراب. ولا تعرف أمّها ذلك إلا بعد عشرين عامًا منْ مقتلها.
"تهاني" .. الصبيّة اليافعة التي أحبَّتْ شيطانًا في جسدِ إنْسان. ومنحتْه كُلَّها ذاتَ ضعْفٍ فكان ضريبة ذلك أنْ تمنح روحَها. وتصمِت للأبد.
ونساءُ القصر نوعان؛
زوجة السيّد وبناته وأمّه، أو بلفظ آخر، الأميرات، وخادماتهنّ. والنوع الثاني: نساء المتعة، وهنّ كُثْرْ .. واللواتي أصبح إعطاؤهنّ أموالهنّ وظيفةً أخرى لـ "طارق"..
الهاربات من بيوتهنّ، المطلقات في سنّ صغيرة والمتزوجات قهرًا وزوجاتٍ للمبادلة أو عِوضًا عنْ مال غير موجود!
بينما الذكور هناك نوعٌ واحد؛ تتبرأ منهم السماء وتلعنهم الأرض.
يقول "طارق" بعد أنْ تزوجت أمّه بعد فترة قصيرة من وفاة أبيه: " يبدو أنَّ المرأة تمنحك الجسد للمتعة، وتضنّ بقلبها عليك، تبقيه نابضًا حيًا، لتوفر مشاعرها الفياضة وتسكبها على أبنائها، هذا في المجمل، أما أمي فذكرياتي معها مشوشة، وكلما اكتشفت شيئا من سيرتها، عدت أنقّب في ذلك التشويش عما ينفي أو يثبت صحة المقولات التي تصلني"
ويقول في أثناء فِكْرة: "تكون إنسانيًا مع المرأة عندما لا يكون لك مغنمًا بها، أما إذا تحركت شهوتك نحو جسدها، فكلّ فعل إنساني تقدمه لها إنما هو إجادة متقنة للفخ المعدّ لاصطياد جسدها..."
شعرتُ بانقطاع السرد أحيانًا في الرواية، كأنّي أعرف أنّ الكاتب هنا قد أخذ عطلة، ثم عاد ليكملها فيما بعد، وهو أمر منتشر في الروايات السعودية عمومًا، ولا أدري لماذا، وهذا ليس رأيي وحدي على أيَّة حال.
كما أنَّ الرواية ليست من عالَمِ الخيال؛ بعض السعوديين ومن عاشوا في السعودية يؤكدون واقعيتها، لذلك عليك – بعد أن تنتهي الرواية – أنْ تُعيد وضوءك، تغسل روحَكَ بالحبيب ثلاثًا، ثمّ لا تحاول التفكير كثيرًا في أنَّ هناك بشرٌ مثل "طارق" و"السيّد" .. يمشون على الأرض!
أخيرًا؛ يمكنني القول بِكُلِّ ثقة: اكتب في روايتِك عن الشذوذ والجنس والجنس، ودُسَّ بعض الحَكَايا؛ وستضمن جائزةً ما!
2 comments:
أأيدك اكرهها اختي قرأت القصة بالنيابه عني لتخبرني بشكل مختصر فقطعتها ورفضت قرأتها لوتكون اخر قصه ماراح اقراها موناقصه اكتئاب :/
:)
اليوم كتبت كلاماً كثيراً .. مطابقاً لحدٍ كبير مع كلامك .. حول روايته فسوق !!
لا أجد في الكاتب أي شيء يسعف النفس لتخرج من أثقالها .. بل على العكس .. يغرقك " كما ذكرتِ " أكثر وأكثر في أوحال نفسك المؤلمة !
Post a Comment