صعد درجات المنزل وجِلا .. هل يجدها يا ترى؟ بينما تجتاحه الذكريات .. يتذكر كيف كانت مشرقة دومًا .. كانت الشيء الجميل في حياته الصغيرة ..
تذكّر .. منذ متى لم يعزف؟ ياللزمن البعيد .. كيف كان لا يكفّ كل يوم عن العزف .. لكنه الآن لم تلمس أنامله البيانو منذ سنوات طوال .. بعمر هجرته إلى كندا ربما .. وربما أكثر بقليل.
دقّ الباب بيده اليمنى وبيسراه علبة من الشوكولا الفاخرة.
لا أحد يردّ خلف الباب .. ولا أحد يفتح.
هل رحَلَت؟ لا يتصور أن يترك البلد مرّة أخرى دون أن يراها .. أنْ يحادثها ولو قليلا .. لا يمكن أن تكون رحلت.
جاء البوّاب حاملا كيسًا به بعض الحليب .. وضعه بجوار الباب وقال: لا تطرق الباب .. ستفتح هي وتأخذ الحليب ..
وقبل أن يعود من حيث أتى .. تساءل بصوت مرتفع: أنت أحد أقرباءها؟
أجاب بدون تردد : نـعـم.
كيف لا يكون أحد أقرباءها وقد تدرّب على يديها عدة سنوات؟ لم تكن معلّمة فحسب .. بل كانت أمًا ومربيّة فاضلة .. لا يستطيع أن ينسى كل تلك الذكريات في رأسه.
استطرد البوّاب: حبّذا لو جاء أحد للسؤال عليها من حين لآخر.
أجابه أن نعم.
وذهب ناحية الدرج، اتّكأ على الإفريز .. وانتظر.
بعد قليل فُتِحَ الباب لتخرج امرأة كبيرة في السن .. تأخذ الكيس .. ذهب الرجل ناحيتها قبل أن تغلق الباب .. حاولت أن تغلق الباب في وجهه لكنه صرخ قائلا أنا رائد ساعتها حدّقت بوجهه .. التقطت عويناتها من فوق صدرها ونظرت إليه.. ثم ظهرت على وجهها أمارات الرِّضا.
قال لها بينما تعود للداخل :
- هل أستطيع الدخول؟
- نعم .. أغلق الباب خلفك.
وضع علبة الشوكولا على الرف .. وجلس ينتظرها ريثما تقوم بإعداد الشاي.
رأى البيانو القديم .. في مكانه كما هو لم يتحرك، قام ليعزف عليه .. ويتذكر صباه .. بعد مقطوعة صغيرة
سمع صوتها : برافو ..
تذكّر .. منذ متى لم يعزف؟ ياللزمن البعيد .. كيف كان لا يكفّ كل يوم عن العزف .. لكنه الآن لم تلمس أنامله البيانو منذ سنوات طوال .. بعمر هجرته إلى كندا ربما .. وربما أكثر بقليل.
دقّ الباب بيده اليمنى وبيسراه علبة من الشوكولا الفاخرة.
لا أحد يردّ خلف الباب .. ولا أحد يفتح.
هل رحَلَت؟ لا يتصور أن يترك البلد مرّة أخرى دون أن يراها .. أنْ يحادثها ولو قليلا .. لا يمكن أن تكون رحلت.
جاء البوّاب حاملا كيسًا به بعض الحليب .. وضعه بجوار الباب وقال: لا تطرق الباب .. ستفتح هي وتأخذ الحليب ..
وقبل أن يعود من حيث أتى .. تساءل بصوت مرتفع: أنت أحد أقرباءها؟
أجاب بدون تردد : نـعـم.
كيف لا يكون أحد أقرباءها وقد تدرّب على يديها عدة سنوات؟ لم تكن معلّمة فحسب .. بل كانت أمًا ومربيّة فاضلة .. لا يستطيع أن ينسى كل تلك الذكريات في رأسه.
استطرد البوّاب: حبّذا لو جاء أحد للسؤال عليها من حين لآخر.
أجابه أن نعم.
وذهب ناحية الدرج، اتّكأ على الإفريز .. وانتظر.
بعد قليل فُتِحَ الباب لتخرج امرأة كبيرة في السن .. تأخذ الكيس .. ذهب الرجل ناحيتها قبل أن تغلق الباب .. حاولت أن تغلق الباب في وجهه لكنه صرخ قائلا أنا رائد ساعتها حدّقت بوجهه .. التقطت عويناتها من فوق صدرها ونظرت إليه.. ثم ظهرت على وجهها أمارات الرِّضا.
قال لها بينما تعود للداخل :
- هل أستطيع الدخول؟
- نعم .. أغلق الباب خلفك.
وضع علبة الشوكولا على الرف .. وجلس ينتظرها ريثما تقوم بإعداد الشاي.
رأى البيانو القديم .. في مكانه كما هو لم يتحرك، قام ليعزف عليه .. ويتذكر صباه .. بعد مقطوعة صغيرة
سمع صوتها : برافو ..
لم تنسَ.
- منذ زمن لم أعزف.. لكن هذه أعرفها جيدًا.
- ما الذي منعك؟
- العمل.
قالت فجأة: نسيتُ الماء على النار .. سأقوم بعمل شاي لك . قال لها: كلا لقد شبعتُ منهما .. كلّما دخلتُ مكتبًا شربتُ شايًا أو قهوة. ارتاحي أنتِ .. أتريدين أن أعمل لكِ شايًا ؟
- لا .. فقط أطفئ الغاز .. وأحكِم إغلاق الأنبوبة فهي تقوم بتسريب الغاز.
- حسنا.
- جلبتُ لك شوكولا من مطار زيونيخ خصّيصًا.. خذي تذوقيها. أخرج واحدة قام بفتحها لها وناولها إيّاها .. فأكلتها بتلذذ طفلة بلعبتها الأولى!
- لماذا هاجرت؟
- إنها الحياة.
أخذا يتحدثان .. يتضاحكان ويتبادلان الذكريات.. ومرّ الوقت بهما دون أن يشعرا.
حتى حان وقت الرحيل... تبادلا السلام على الباب .. قبّلت يده .. وقبّلها شاكرًا ..
وذهب.
إلى هنا انتهى الفيلم - بطولة ماجدة الخطيب- بتصرّف مني لأن ذاكرتي تقوم بعمل أفضل مصفاة لم تُصَنّع حتى الآن .. ما أحببته في الفيلم أنه صوّر تلك العلاقة الجميلة بين الطالب والمعلّم وألقى عليها الضوء..
علاقة لا تحدث كثيرًا .. أو أنها تحدث لكنّ أحدًا لم يفكر فيها بهذه الطريقة..
اعتدتُ أنا أن أزور مدرستي الثانوية .. لم أفعل هذه السنة .. لا أدري هل لأن المعلمة الوحيدة التي أهتم لأمرها وتتذكرني عندي في قائمة المسنجر .. أم خوفًا من أن أفاجأ بسقوطي من ذاكراتهنّ.. هن اللاتي يمرّ عليهن مئات الطلبة كل عام .. لا أدري
ربما السبب أنني فاقدة الإحساس بالزمكان .. سأتحدث عن هذا لاحقًا في موضوع آخر .. فقط ذكّروني !
وربما أفعلها وأذهب . لا أحد يدري ما قد أقرر في لحظة جنون .
العلاقة بين المعلّم .. والطالب .. منذ صغري وأنا أراها مميزة .. خاصة .. احترام متبادل .. وحب قد يكون من جهة الطالب أكثر .. لأنه ينبهر غالبًا بما يحمله أستاذه من معلومات وما يمنحه من نصائح دون حتى أن يشعر .. أتحدث هنا عن بعض المعلّمين ..
لأن هناك من لا يستحق شرف أن يكون معلّما .. هؤلاء لا أتحدث عنهم ..
أتحدث عن ورثة الأنبياء .. الذين يعلمّون الناس .. وفي تصرفاتهم وآرائهم تجدهم مشاعل للطريق الصحيح..
للأسف هناك الكثير من الطلبة والطالبات يرون الأمر بشكل مختلف .. يرون أن المعلم مجرد شخص جاء ليقول ما عنده كي يأخذ مبلغًا من المال آخر الشهر .. وبالتالي فلا داعي أبدًا لاحترامه .. وواجبه أن يقوم بمسح السبورة وسكب ما عنده من كلام فاضي والخروج دون المساس بكرامة أحد الطلبة .. وإلا يكون قد تعدّى على حدوده !
المشكلة مشكلة جيل .. أعلم هذا
لكن النماذج المشرّفة سواء من المعلّمين أو من الطلبة .. ما زالت موجودة.. ولها فقط يكون
الحنين.
- منذ زمن لم أعزف.. لكن هذه أعرفها جيدًا.
- ما الذي منعك؟
- العمل.
قالت فجأة: نسيتُ الماء على النار .. سأقوم بعمل شاي لك . قال لها: كلا لقد شبعتُ منهما .. كلّما دخلتُ مكتبًا شربتُ شايًا أو قهوة. ارتاحي أنتِ .. أتريدين أن أعمل لكِ شايًا ؟
- لا .. فقط أطفئ الغاز .. وأحكِم إغلاق الأنبوبة فهي تقوم بتسريب الغاز.
- حسنا.
- جلبتُ لك شوكولا من مطار زيونيخ خصّيصًا.. خذي تذوقيها. أخرج واحدة قام بفتحها لها وناولها إيّاها .. فأكلتها بتلذذ طفلة بلعبتها الأولى!
- لماذا هاجرت؟
- إنها الحياة.
أخذا يتحدثان .. يتضاحكان ويتبادلان الذكريات.. ومرّ الوقت بهما دون أن يشعرا.
حتى حان وقت الرحيل... تبادلا السلام على الباب .. قبّلت يده .. وقبّلها شاكرًا ..
وذهب.
إلى هنا انتهى الفيلم - بطولة ماجدة الخطيب- بتصرّف مني لأن ذاكرتي تقوم بعمل أفضل مصفاة لم تُصَنّع حتى الآن .. ما أحببته في الفيلم أنه صوّر تلك العلاقة الجميلة بين الطالب والمعلّم وألقى عليها الضوء..
علاقة لا تحدث كثيرًا .. أو أنها تحدث لكنّ أحدًا لم يفكر فيها بهذه الطريقة..
اعتدتُ أنا أن أزور مدرستي الثانوية .. لم أفعل هذه السنة .. لا أدري هل لأن المعلمة الوحيدة التي أهتم لأمرها وتتذكرني عندي في قائمة المسنجر .. أم خوفًا من أن أفاجأ بسقوطي من ذاكراتهنّ.. هن اللاتي يمرّ عليهن مئات الطلبة كل عام .. لا أدري
ربما السبب أنني فاقدة الإحساس بالزمكان .. سأتحدث عن هذا لاحقًا في موضوع آخر .. فقط ذكّروني !
وربما أفعلها وأذهب . لا أحد يدري ما قد أقرر في لحظة جنون .
العلاقة بين المعلّم .. والطالب .. منذ صغري وأنا أراها مميزة .. خاصة .. احترام متبادل .. وحب قد يكون من جهة الطالب أكثر .. لأنه ينبهر غالبًا بما يحمله أستاذه من معلومات وما يمنحه من نصائح دون حتى أن يشعر .. أتحدث هنا عن بعض المعلّمين ..
لأن هناك من لا يستحق شرف أن يكون معلّما .. هؤلاء لا أتحدث عنهم ..
أتحدث عن ورثة الأنبياء .. الذين يعلمّون الناس .. وفي تصرفاتهم وآرائهم تجدهم مشاعل للطريق الصحيح..
للأسف هناك الكثير من الطلبة والطالبات يرون الأمر بشكل مختلف .. يرون أن المعلم مجرد شخص جاء ليقول ما عنده كي يأخذ مبلغًا من المال آخر الشهر .. وبالتالي فلا داعي أبدًا لاحترامه .. وواجبه أن يقوم بمسح السبورة وسكب ما عنده من كلام فاضي والخروج دون المساس بكرامة أحد الطلبة .. وإلا يكون قد تعدّى على حدوده !
المشكلة مشكلة جيل .. أعلم هذا
لكن النماذج المشرّفة سواء من المعلّمين أو من الطلبة .. ما زالت موجودة.. ولها فقط يكون
الحنين.
نشرلأول مرة في يونيو، 2008
2 comments:
ذكرتنى تدوينتك بالأستاذ محمد بيومى، كان يدرس لى اللغة العربية والدين فى السنة السادسة الابتدائية بالمدرسة. ما زلت أذكر أحاديث كاملة له وشرحه للآيات بل وتعبيرات وجهه فى بعض المواقف. كان يجعلنا نقرأ قطعا أدبية كاملة بالتشكيل الصحيح وعندما أخطأت مرة وقرأت كلمة "الممرضات" بفتح التاء ظل يردد "نعم؟؟" اٍلى أن قرأتها بكسر التاء ومن يومها لم أنس أبدا أن جمع المؤنث السالم ينصب بالكسرة. جزاه الله عنا خيرا
كثير من المعلمين أثرّوا في حياتي .. من المدرسة وفي الجامعة ..
جزاهم الله جميعًا كل خير وأكثر من أمثالهم
تحياتي لك :)
Post a Comment