24 February, 2011

يا خادم الحرمين .. أوامركم ليست طموحاتنا

انطلاقًا من كوننا جميعًا إخوة في الوطن العربي الكبير.. ولأنَّ مدونة الصديق "فهد الحازمي" "سم ون" تعرضت لهجوم إثر نشره للموضوع الأخير "يا خادم الحرمين .. أوامركم ليست طموحاتنا".. أنشر مقاله هنا..

أمس الأربعاء سعد الجميع بعودة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بالعافية والسلامة من رحلة علاجية طويلة.. وقد صادف تاريخ عودته مع قيام الثورات العربية الشعبية بما أعاد فتح الملف الإصلاحي داخل وطننا.. فالجميع توقع أن يعود أبو متعب بحزمة (مفاجآت) إصلاحية ينير بها مستقبل الوطن لأن الجميع يؤمن أن الملك عبد الله هو الأقدر على طرح هذه الإصلاحات خصوصاً في وقت حساس كهذا..
كانت طبيعة النقاشات في تويتر (#SaudiMataleb) تتركز حول توقعاتنا عما سيصدر من قرارات بعد عودة الملك ، وكنت ضمن من توقعوا انفراجاً في باب الإصلاحات الداخلية في البلد ، كما وصلت لدرجة من الحسم إلى أن القرارات ستكون جذرية هذه المرة ولن تعالج المظاهر بشكل سطحي. توقعت هذا لأسباب كثيرة منها أن هذه اللحظة هي لحظة تاريخية ونادرة في تاريخ الشعوب العربية وهناك رغبة شديدة لاستلهامها وانتقالها من بلد لبلد أو تحولها لفزاعة تسرع من الإصلاحات الجذرية فيمكن من خلال هذه الإصلاحات المرتقبة تجنب هذه العاصفة وتحقيق المطالب، والسبب الثاني هو اتجاه البلد إلى نقطة تتفاقم فيها الملفات الشائكة يوماً بعد يوم ولاندري كيف ستكون نهايتها، فعلى سبيل المثال نشر البنك السعودي الفرنسي قبل أيام تقريراً يؤكد فيه مأزق العمالة في السعودية، وكانت النسب والأرقام مخيفة بحق، حيث كل المؤشرات تدل دلالة واضحة على اتجاه الأزمة للتفاقم والتصعيد.. دعك من العودة المرتقبة لعشرات الآلاف من الطلاب المبتعثين بشهادات محترمة وما ستسببه من  مزيد ترهل في سوق العمل، وبالتالي مزيد من البطالة، إضافة إلى ملف أزمة العقارات والإسكان وغيرها من المشاكل والمعاناة التي تمس كل بيت سعودي. والسبب الثالث هو أن أي إصلاحات سياسية في هذا الوقت سيكون لها قاعدة شعبية واسعة مؤيدة خصوصا من الشباب -تأثراً بالثورات المجاورة- وسيكون هذا محفزاً قوياً وحجة حاسمة لبعض الأجنحة الإصلاحية داخل مؤسسة صناعة القرار. والسبب الرابع هو الضغوط الدولية والتي بلا شك تحث على الإسراع في عملية الإصلاحات الداخلية تجنباً للاحتقان المستقبلي. والسبب الخامس هو المستقبل السياسي الغامض داخل مؤسسة الحكم، الأمر الذي لا يخفى على مواطن والذي يجعل من مطالب الإصلاح أكثر حتمية… إلى غيرها من الأسباب الكثيرة..
ولكن سرعان ما تلاشت كل تلك الآمال لكي أُصاب بالإحباط الشديد جراء ما شاهدته من قرارات، حيث أنها -وعلى الرغم من كونها لم تحتو على قرار إصلاحي واحد – لم تعالج ملفي البطالة والإسكان بتلك الفعالية التي تقتلع المشكلة، ومن الواضح أن الأزمة ستتفاقم في الأيام القادمة.
ولكن.. الجديد في هذه المرة، هو حجم رفض الشباب لهذه (المكرمات) وإجماعهم على بعدها عن طموحاتهم، وصادف هذا الرفض خروج خطابين حصلت على شعبية واسعة في الشبكات الاجتماعية ، الخطاب الأول هو (نحو دولة الحقوق والمؤسسات) والذي وقعت عليه مجموعة كبيرة من الشخصيات الوجيهة والشابة في المجتمع، وأما الخطاب الثاني فكان خطاب شباب ٢٣ فبراير – كما يحلو لهم ان يسموه – وقد كان متواضعاً (جداً) مقارنة بالخطاب الأول.
لايمكن تفسير شعبية الخطابين بين الشباب وتأييدها، إلا بأنها فعلاً مست الآمال المنتظرة وجسدتها، وهذا الشيء هو ما يغيب على مؤسسة صناعة القرار. حيث ما زال صناع القرار في بلادي يعتقدون أن هذه المطالب هي مطالب نخبوية فقط، وأن الشعب إما انه لايؤمن بها، أو أنه أجبن من الإعلان عن إيمانه بها، أو أنه “ما عندك أحد” من الأساس و “كلن يطرد ورا لقمة عيشه” ولا همه إصلاح ولا رأي.. او أي اعتقاد آخر.
هناك فجوة حقيقية بين من يصنعون القرارات وبين الشباب السعودي، سواء كانت فجوة عُمرية أو فجوة في الفهم. فالفجوة العمرية تبدو واسعة جداً بمقارنة بتلك التي كانت في أول مجلس وزراء سعودي حيث كان مجلس شبابي بمعنى الكلمة، والفجوة في الفهم تبدو واضحة جداً من خلال لغة القرارات الملكية التي اعتادت على النمط القديم وهو ضخ المليارات تلو المليارات ليكون الشعب سعيداً ويعيش رغيداً بدون أن يطالب بحقوقه المشروعة.
أعتقد أن المهمة المشروعة حاليا هي توضيح عمق هذه الفجوة أولا، ثم ردمها…  حتى نبين لهم أننا فعلاً شباب مختلف تماماً عما يتصورون، يتحدث لغة مختلفة تماماً عما يعتقدون، لايريد المكرمات، ولايريد الهبات، بل يريد الإصلاحات الداخلية، ويريد المشاركة الفعلية، ويريد المساهمة في البناء.
كلنا يعرف أن القرارات التي سمعناها بالأمس -خصوصاً المتعلقة بالبطالة والإسكان- ستفقد فاعليتها لسبب واحد، هو أن المنظومة نفسها سوف تعيد إنتاج الفساد وأللا فاعلية، وسوف تبدد هذه الثروات يميناً وشمالاً بغض النظر عن مدى (نزاهة) القائمين عليها. فلا يمكن إذن أن نبدأ بإصلاح حقيقي وجذري إلا بإصلاح المنظومة نفسها وإعادة ترتيبها بما جرت عليه أمم الأرض التي سبقتنا في ذلك، ولسنا بدعاً منهم.
ولذلك.. يجب وابتداءً من اليوم، أن نصطحب هذه المطالب معنا، ونعلنها في كل مكان حتى تكون شعاراً لنا، ونرفع بها أصواتنا حتى يسمعنا من حولنا :
1. أن يكون مجلس الشورى منتخباً بكامل أعضائه، و أن تكون له الصلاحية الكاملة في سنّ الأنظمة و الرقابة على الجهات التنفيذية بما في ذلك الرقابة على المال العام، و له حق مساءلة رئيس الوزراء و وزرائه.
2. فصل رئاسة الوزراء عن الملك على أن يحظى رئيس مجلس الوزراء و وزارته بتزكية الملك وبثقة مجلس الشورى.
3. العمل على إصلاح القضاء وتطويره ومنحه الاستقلالية التامة، وزيادة عدد القضاة بما يتناسب مع ارتفاع عدد السكان وما يترتب على ذلك من كثرة القضايا.
4. محاربةُ الفساد المالي و الإداري بكل صرامة و منع استغلال النفوذ أياً كان مصدره و مقاومة الإثراء غير المشروع و تفعيلُ هيئة مكافحة الفساد لتقوم بواجبها في الكشف عن الفساد و مساءلةُ من يقع منه ذلك و إحالته إلى القضاء.
5. الإسراع بحلّ مشكلات الشباب و وضع الحلول الجذرية للقضاء على البطالة و توفير المساكن لتتحقق لهم بذلك الحياة الكريمة.
6. تشجيع إنشاء مؤسسات المجتمع المدني و النقابات و إزالة كافة العوائق التنظيمية التي تحول دون قيامها.
7. إطلاق حرية التعبير المسؤولة وفتح باب المشاركة العامة وإبداء الرأي، وتعديل أنظمة المطبوعات ولوائح النشر.
8. المبادرة إلى الإفراج عن مساجين الرأي و عن كل من انتهت محكوميته أو لم يصدر بحقه حكم قضائي دون تأخير. و تفعيل ” الأنظمة العدلية” بما فيها ” نظام الإجراءات الجزائية” و التزام الأجهزة الأمنية و “المباحث العامة” بتلك الأنظمة في الايقاف و التحقيق و السجن و المحاكمة و تمكين السجناء من اختيار محامين للدفاع عنهم و تيسير الاتصال بهم و محاكمتهم محاكمة علنية حسب ما نصت عليه تلك الأنظمة.
..
مع توفر هذه المطالب، سوف نضمن أن قرارات كالتي أصدرت اليوم ستكون نقلة نوعية في الحياة المعيشية لكل مواطن، وسنضمن تماماً أن تصل كل هللة، إلى المستحقين من غير يد طائشة تلعب بها ذات اليمين وذات الشمال -كما هو حاصل من قديم الزمن وسيحصل مع هذه القرارات-..
ومع توفر هذه المطالب كذلك سوف نضمن أن البيئة مناسبة للبدء الفوري في حل مشكلة البطالة التي تؤرق كل مسؤول.. وحل مشكلة الإسكان.. وجميع المشاكل التي أرقتنا لسنوات طويلة..
ومع توفر هذه المطالب كذلك سوف ندرك أننا لن نحتاج لإرسال البعثات إلى الخارج لأن تعليمنا سيكون قوياً ومحفزاً للإبداع وجامعاتنا ستكون قادرة على تخريج الكفاءات والقوى البشرية التي ستلج السوق العاملة بكل عزم واقتدار..
ومع توفر هذه المطالب كذلك سوف يشعر كل مواطن وأجنبي -مهما كان عادياً- بكرامته داخل بلده مادام أنه قادر على محاكمة كل من يهينه سواء كان مواطناً أو مسؤولاً وسيأخذ حقه منه حسب ما تقتضيه العدالة..
ومع توفر هذه المطالب كذلك ستضمن المرأة عيشة كريمة تحترم كيانها و وجودها وتضمن لها ممارسة حقوقها المقررة بدون تعسف ولا وصاية..
وأخيراً لعلكم تلاحظون أن المطالب أعلاه نفسها المطالب الواردة في خطاب (نحو دولة حقوق ومؤسسات) ، وفي الواقع فإن الأربعة نقاط الأولى تحمل مضامين ما يسمى بالملكية الدستورية -المصطلح الذي يجب أن نحفظه جيداً- … وأنا أثق ثقة تامة أن صانع القرار يدرك هذه المطالب ولكنه بعد لم يدرك شعبيتها بين الشباب … شباب الانترنت!

2 comments:

يحيى said...

مثلما يقول كراكتير أرسله لي صديقي من موقع مصراوي من بضعة أيام، أقول : لا وجود لزر التغيير!

مهما وعد أي حاكم عربي حالي بأنه سيغير من وجه دولته تماماً فهو كاذب، فالذي جعله لسنين و سنين قابع على قمة الفساد مسترخي هانيء ا لبال لن يتغير فجأة الآن، و سيفضل بأي لحظة من اللحظات أن يستخدم القمع و العنف، السعودية لا تختلف عن بقية الدول العربية في هذا بشيء.

من حديثي مع عدة سعوديين وجدتهم يصدقون الفكرة التي طالما تمنى نظامنا المصري السابق أن يجعلنا نصدقها، أن الحاكم -سواء ملك أو رئيس- هو إنسان جيد و طيب، نقي و خير، و أن الفساد بالدولة أو المملكة هو نتاج مجموعة مجتمعة حوله تستغله و تشوه الحقائق بعينه و ما إلى ذلك، و هذا هو سبب وجود آمال بأن الملك سيمنحهم ما يريدون مع عودته فهو، بنظرهم، إنسان رائع و سيستمع لهم لأنه يهتم بتحقيق العدل و الإصلاح لكن ملك السعودية لا يختلف عن أي حاكم عربي، و ظهر هذا من رميه لمزيد من الفتات لشعبه ظناً أن الشعب سيكتفي بهذا، تماماً كما فعل رئيس تونس قبل أن يسقط، و كما فعل رئيس مصر، و كما سيفعل كل تالي.

لا أقصد بكل هذا أن المطالب المقدمة هي لشباب متوهم، لا، بل على العكس تماماً، فتقديم المطالب هو خطوة أولى ليتم رؤية مدى الإستجابة إليها، أعني، قبل كل ثورة يتم تقديم مطالب أولاً قبل قيام الثورة، ما أقصده بحديثي السابق هو ألا يتوقعوا أن يستجيب الملك لها، فالملك ليس شخص طيب رائع على قمة نظام فاسد يخفي عنه الوقائع، بل هو راعي النظام الفاسد و القائم عليه و المحافظ على إستمراره، و لم يجد جديد الآن ليتغير شخصه بزاوية 180 درجة هكذا بلا سبب، فكما رأينا، حتى رغم الأحداث العربية الحالية، مازال الحكام لا يهمهم الإصلاح أو التخلص من الفساد، بل يهمهم فقط إسكات شعوبهم، بأية طريقة متاحة الطرق المتاحة.

هذا تعليقي على مقال فهد الحازمي، و أضيف عليه أن هذا الهجوم على مدونته إن كان بسبب نشر هذا المقال فلا أوضح من هذا الفعل للتدليل على مدى رغبة هذا النظام بإسكات شعبه و عدم إختلافه من قاعه لقمته في شيء عن النظم الفاسدة الأخرى، ثم أخيراً أذكر لكِ تقديري لنشركِ مقاله هنا، و إن أمكنكِ الحصول لي على أذن منه بنشر مقاله بمنتدى جسد الثقافة سيرتفع كلا من تقديري و إمتناني كثيراً.

77Math. said...

فهد ترك الباب مفتوحًا لكل من يريد نقل مقالته.

افعل ذلك.