تقول الأسطورة: "من يتمتع بلذة الحبّ يبقى خاليًا من الأصدقاء، ومن يلتقي بأصدقاء الأبدية تظلّ نفسُه هائمة لا تجد النّفْس التي خُلِقَتْ منها!
كُتِب على الدفء ألا يكون إلا من مصدر واحد، كما الشمس لأمّنا الأرض"
ظلّت تتردد الكلمات في ذهنها وهي تعبُر الطريق صباحًا، قالت لنفسها:" هراء.. هراء.." بالتأكيد هذا ليس صحيحًا، أنا لديّ أصدقاء رائعون، وسَأُزفّ إلى الرجل الذي أحبّ قريبًا. هذه الأساطير يكتبها أشخاص معقّدون يظنون أنّ تجاربهم الشخصية يمكن تعميمها على العالَم بأسره.
وللحظة شعرت بالكراهية تجاه غرور الكتّاب الذين يكون تأثير كلماتهم قويًا، للحظة شعرت بالحنق تجاه كلّ كتاب فضحها أمام نفسِها لأنّها شعرت أنّ الكاتب هتك أكثر أعماقها خصوصية قبل أن يخطّه ليقرأها العالَم! عادت للواقع تتقافز الخواطر في رأسِها، واحدة تقول: "ليتكِ لم تقرئي الكتاب"، وأخرى: "الآن ستفتعلين المشاكل مع خطيبك لتثبتي صحة ما قرأتِ" وثالثة: "بل ستخسرين أصدقاءك وتبقين طيلة العمر في دوامة الزوجة والأم لا تخرجين منها!".
ولأنّها محاسبة ناجحة، وتعلم جيدًا كيف تجمع البيانات وتحللها وتستنتج منها معلومات ملموسة يمكن الاتكاء عليها واتخاذ قرارات حرجة على أساسها، لم تكن سوى أسوأ فكرة هي الأكثر إقناعًا بعد تحليل سريع! قالت لنفسها:"بل سأخسر الاثنين بغبائي! سأخسر أصدقائي أولا لأنني أحب هيثم كثيرًا، ولأنني سأظنّ وقتها أنّ الزواج أكثر أبدية، ثم سأخسر هيثم لأنني سأفتقد أصدقائي وسأشعر أنّه المسؤول عن خسارتي إياهم!" ارتاحت للفكرة، وارتعدت!
لم تعد قادرة على التركيز في عملها، لكنّها أبَتْ أن تستسلم كي لا تَثبُت الفكرة! لن تسمح لهذه الأفكار بهدم حياتها!
بعد الظهر قابلت خطيبها في المطعم المفضّل لكلّ منهما. أخذت تتأمّله. كم هو حنون ومهتمّ، يتصرف بطفولية غريبة في أوقات غير مناسبة، لكنه عيب تافه. من قال أننا نتخلى عن احتياجات الأطفال بمجرّد أن نكبر؟ نفضت رأسها بقوّة.
- معايا؟
- قل لي صحيح هو أنت بتصدق الأساطير؟
- أساطير إيه؟
- أساطير الآلهة اليونانية مثلا. أو أي أسطورة أخرى تشعر لوهلة أنّها حكاية من جَدّة فانتازية ما قادمة من عالم فانتازيا!
- أنا يا رفيقتي في هذه الأشياء لا أصدق ولا أكذب. أنا أقرأها من باب التسلية والمعرفة، قد تكون أحداثًا حقيقية فعلا في الماضي، حدثت بشكل ما، وقد تكون حكايات. كألف ليلة وليلة مثلا، قد تكون قصة حقيقية مؤرخة، وقد تكون حكاية جميلة كتبها أديب واسع الخيال! المهمّ ألا أدع كونها حقيقة أو باطلا يشغلني عن حياتي الحقيقية التي أعيشها أنا!
ابتسمَت لملاحظته، هو ذكي أيضًا، ويعرف كيف يقرؤها حتى عندما تحاول أن تغلق ضفّتي كتابها كي لا تزعج من حولها!
همست له في عذوبة: أنت رائع!
- ألا ترين أنّ الوقت متأخر قليلا لاكتشاف ذلك؟
- ما رأيك أن نقوم بعمل رحلة قبل زواجنا؟ نوع من "توديع العزوبية"، ولنذهب جميعًا لمكان ما في مدينة أخرى، بدلا من أنْ يأخذك أصدقاؤك، ويأخذني أصدقائي كلّ على حدة؟
- تريدين أن تبرهني شيئًا ما؟
- نعم وَ لا.
- لا مشكلة. لكنْ؛ شيء واحد أريده منكِ.
- تمّ !
- أريدك أن تتذكّري أنّ المفرد منها "سَطْر" و"أسطورة"، وأنّ جمعها "أساطير" و" سُطور" لا أكثر!
- أنتَ أسطورتي الحقيقية يا هيثم.
ـ
كُتِب على الدفء ألا يكون إلا من مصدر واحد، كما الشمس لأمّنا الأرض"
ظلّت تتردد الكلمات في ذهنها وهي تعبُر الطريق صباحًا، قالت لنفسها:" هراء.. هراء.." بالتأكيد هذا ليس صحيحًا، أنا لديّ أصدقاء رائعون، وسَأُزفّ إلى الرجل الذي أحبّ قريبًا. هذه الأساطير يكتبها أشخاص معقّدون يظنون أنّ تجاربهم الشخصية يمكن تعميمها على العالَم بأسره.
وللحظة شعرت بالكراهية تجاه غرور الكتّاب الذين يكون تأثير كلماتهم قويًا، للحظة شعرت بالحنق تجاه كلّ كتاب فضحها أمام نفسِها لأنّها شعرت أنّ الكاتب هتك أكثر أعماقها خصوصية قبل أن يخطّه ليقرأها العالَم! عادت للواقع تتقافز الخواطر في رأسِها، واحدة تقول: "ليتكِ لم تقرئي الكتاب"، وأخرى: "الآن ستفتعلين المشاكل مع خطيبك لتثبتي صحة ما قرأتِ" وثالثة: "بل ستخسرين أصدقاءك وتبقين طيلة العمر في دوامة الزوجة والأم لا تخرجين منها!".
ولأنّها محاسبة ناجحة، وتعلم جيدًا كيف تجمع البيانات وتحللها وتستنتج منها معلومات ملموسة يمكن الاتكاء عليها واتخاذ قرارات حرجة على أساسها، لم تكن سوى أسوأ فكرة هي الأكثر إقناعًا بعد تحليل سريع! قالت لنفسها:"بل سأخسر الاثنين بغبائي! سأخسر أصدقائي أولا لأنني أحب هيثم كثيرًا، ولأنني سأظنّ وقتها أنّ الزواج أكثر أبدية، ثم سأخسر هيثم لأنني سأفتقد أصدقائي وسأشعر أنّه المسؤول عن خسارتي إياهم!" ارتاحت للفكرة، وارتعدت!
لم تعد قادرة على التركيز في عملها، لكنّها أبَتْ أن تستسلم كي لا تَثبُت الفكرة! لن تسمح لهذه الأفكار بهدم حياتها!
بعد الظهر قابلت خطيبها في المطعم المفضّل لكلّ منهما. أخذت تتأمّله. كم هو حنون ومهتمّ، يتصرف بطفولية غريبة في أوقات غير مناسبة، لكنه عيب تافه. من قال أننا نتخلى عن احتياجات الأطفال بمجرّد أن نكبر؟ نفضت رأسها بقوّة.
- معايا؟
- قل لي صحيح هو أنت بتصدق الأساطير؟
- أساطير إيه؟
- أساطير الآلهة اليونانية مثلا. أو أي أسطورة أخرى تشعر لوهلة أنّها حكاية من جَدّة فانتازية ما قادمة من عالم فانتازيا!
- أنا يا رفيقتي في هذه الأشياء لا أصدق ولا أكذب. أنا أقرأها من باب التسلية والمعرفة، قد تكون أحداثًا حقيقية فعلا في الماضي، حدثت بشكل ما، وقد تكون حكايات. كألف ليلة وليلة مثلا، قد تكون قصة حقيقية مؤرخة، وقد تكون حكاية جميلة كتبها أديب واسع الخيال! المهمّ ألا أدع كونها حقيقة أو باطلا يشغلني عن حياتي الحقيقية التي أعيشها أنا!
ابتسمَت لملاحظته، هو ذكي أيضًا، ويعرف كيف يقرؤها حتى عندما تحاول أن تغلق ضفّتي كتابها كي لا تزعج من حولها!
همست له في عذوبة: أنت رائع!
- ألا ترين أنّ الوقت متأخر قليلا لاكتشاف ذلك؟
- ما رأيك أن نقوم بعمل رحلة قبل زواجنا؟ نوع من "توديع العزوبية"، ولنذهب جميعًا لمكان ما في مدينة أخرى، بدلا من أنْ يأخذك أصدقاؤك، ويأخذني أصدقائي كلّ على حدة؟
- تريدين أن تبرهني شيئًا ما؟
- نعم وَ لا.
- لا مشكلة. لكنْ؛ شيء واحد أريده منكِ.
- تمّ !
- أريدك أن تتذكّري أنّ المفرد منها "سَطْر" و"أسطورة"، وأنّ جمعها "أساطير" و" سُطور" لا أكثر!
- أنتَ أسطورتي الحقيقية يا هيثم.
ـ