06 March, 2008

مــــــــــش مــــــمـــكـــــــن

كنت قد اتخذتُ قرارًا بعدم الحديث حول المرأة مرة أخرى وما تواجهه، قررتُ أن أنشر بعض القصص، شيئًا من الأخبار، أتحدث عن الكيك الذي أحبه وأحب إعداده...أي شيء آخر لا يجعلني أتذكر
.
لكن ما يحدث أكبر من أن أسكت عليه
.
أو لا أغضب له
.
أو لا أشعر بحزن دفين لأجله
.
اقرؤوا معي هذا المقال
وبعدها تحدثوا
لأنني لن أعلق
! يكفي ما يفعله قولوني العصبي
_____
نشرت العربية. نت الاثنين الماضي خبراً مفاده أن معقب معاملات نجح في ابتكار طريقة لتغليف بطاقة الأحوال الشخصية للمرأة تعمل على إخفاء الصورة وتبرز البيانات الخاصة بصاحبتها, وأطلق على اختراعه "جراب الحشمة" موضحاً أن فكرته جاءت نتيجة معايشته معاناة النساء خلال عمله اليومي في مهنة التعقيب, واللاتي عادة ما يعمدن إلى طمس صورهن عند اضطرارهن إلى تقديمها للرجال في بعض الجهات التي لم تنشأ بها أقسام نسائية؛ وأوضح الخبر أن "المخترع" بدأ تجاربه على بطاقة أخته مشيراً إلى أنه طرح منتجه بعد استشارته لإمام مسجد وعدد من الموظفين في الدوائر الحكومية, الذين أيّدوا فكرته ثم طرحها في السوق للبيع بالجملة مؤكداً أن منتجه لم يحتج لأي تصديق أو تصريح للبيع وأن الاختراع لقي رواجاً لم يتوقعه فقد باع 30 ألف نسخة خلال عشرة أيام!
خبر من هذا النوع يثير عدة تساؤلات, على سبيل المثال: ما الفائدة إذاً من وضع الصورة على البطاقة؟ لم يغفل الخبر هذه الناحية فقد ذكر أن الموظف يكتفي بالبطاقة دون الالتفات إلى الصورة مع ضرورة وجود ولي أمر للتعريف بصاحبة البطاقة, ولكن السؤال يبقى: لماذا وُجدت البطاقة الشخصية إذا كانت لن تساهم في استغناء المرأة عن "الولي"؟
من هذا التساؤل ينبثق تساؤل آخر: ألا يحمل هذا الفعل الممثّل بما يسمى "جراب الحشمة" تعدياً على خصائص وزارة الداخلية التي صرح بعض مسؤوليها أن البطاقة الشخصية للمرأة ستصبح إلزامية خلال بضع سنوات على الأكثر؟ وهل أصبحت آراء إمام مسجد وبعض موظفين حكوميين بمثابة مرجع آخر يعوّل عليه الفرد ليتنصل من أمر مهم له أثره الكبير في الأمن الاجتماعي؟ ألم يسنّ قانون البطاقة الشخصية للمرأة بغاية الحدّ من عمليات تزوير الشخصية التي كانت تتم عندما تأتي امرأة وتدعي أنها واحدة أخرى لتستولي على حقوقها؟ ألم يقم بعضهم باصطحاب أخته على أنها زوجته للتنازل له أمام القاضي عما هو حق للزوجة مثلا؟ ألم يصطحب بعض الرجال محظياتهم من زواج مسيار أو ما شابه, مع إظهار البطاقة الأسرية على أن المرأة التي معه هي أم الأولاد؟!
كثيرة هي الأمثلة التي تدل على ضرورة أن يكون للمرأة بطاقة أحوال شخصية خاصة بها, فإذا كانت الصورة ستغطى بجراب الحشمة فمن الذي يضمن أن هذه البطاقة خاصة بصاحبة هذه المعاملة وليست لغيرها؟!
هذه الفكرة المْرَضية التي سميت (اختراعاً) ما هي إلا دلالة على أمرين اثنين: الأول هو عدم الثقة بالموظفين الحكوميين الذين يعتقد صاحب "الاختراع" وأمثاله أنهم سوف ينظرون إلى صورة المرأة نظرة جنسية بحتة, والسؤال المطروح هنا: ألم يعد ثمة شغل شاغل لدى الموظف الحكومي سوى "البحلقة" بصورة امرأة من بلده لا تظهر سوى وجهها, مع أن لقطات البورنو أصبحت في متناول الأطفال – وليس البالغين فقط - على الفضائيات والنت والموبايل وغيرها؟!
والأمر الثاني هو أن الدولة أرادت أن تعطي المرأة حقوقها كاملة غير منقوصة وتخفِّف من اعتمادها على ما يسمى ولي أمر أو وكيل شرعي لما رأت الظلم يلحق بالمرأة, ولكن الذهنية القديمة المتآكلة ترفض هذا الشيء, وربما تريد أن تستغل أي ثغرة لتكسب على حساب هذه المرأة, ولم لا؟! ألم تعارض الفئات المتشددة عمل المرأة في بيع المستلزمات النسائية واتضح أن الغاية ليست هي الغيرة على المرأة التي تبيع في الشارع وتجلس على أرض الرصيف دون سقف يحميها أو جدران تؤويها, بل للحفاظ على مكاسب بعض التجار الذين يخشون السعودة أن تطالهم حتى لو كان بتوظيف مواطنات محتاجات لا عائل لهن!
لطالما كتبت أنه لا معنى لوجود ما يسمى ولي أمر المرأة بعد بلوغها سن الرشد, فمثلها في ذلك مثل الشاب, اللهم إلا في حالة واحدة هي الزواج وذلك بغاية ضمان حقوقها, وكي لا تبدو كمن تعرض نفسها على الرجال, لكن هذه الحالة الاستثنائية لا يجب أن تكون قانوناً يعمل به في كل مكان وزمان, لأن في ذلك إساءة إلى مكانة المرأة حيث تبدو كأنها قاصر, ناهيك عن أنه تخوين للمجتمع بأسره مما يجعل نظرة المجتمعات الأخرى إليه لا تخلو من استهجان واستهزاء, ومن لا يصدّق فعليه أن يعود للخبر في موقع العربية. نت ويقرأ التعليقات الواردة أسفله!
أيضاً لطالما كتبت بأن وجه المرأة ليس بعورة, وعلى غير المتابع أن يعود إلى مقالاتي في هذا الشأن, فوجه المرأة مكرّم كوجه الرجل, وليس موضع فتنة وإن كان موضع المحاسن, وكذلك وجه الرجل بالنسبة للمرأة, اللهم إلا في حالات الاستثناءات في الطرفين, وهي حالات لم يعد لها معنى في هذا العصر المفتوح على كل شيء, كما أن الرجل والمرأة سواسية في افتتان كل منهما بالآخر في حال تركت الغرائز بدون قيود, وإلا فما معنى الأمر الإلهي للرجل والمرأة بغض البصر؟ ولماذا بدأ القرآن بتوجيه الأمر إلى الرجال قبل النساء إذا كانت مسؤولية الرجل أقل من المرأة في حفظ العفة؟!
إن موضوع الحشمة - الذي اشتق منه اسم الجراب - يختلف من مجتمع إلى مجتمع آخر, وكل المجتمعات العاقلة والمعتمدة على الفطرة السليمة تقبل بأن تكون حشمة المرأة في ثيابها الساترة لأماكن جسدها التي تميز الأنثى البالغة عن الذكر, ولكن حتى الشعر - وليس الوجه فقط - قد لا يكون له أي رمز جنسي لدى بعض الرجال الذين اعتادوا على رؤية النساء سافرات في بيئتهم, ومن هنا يتفهم المرء اجتهاد المفكر النمساوي المسلم محمد أسد - ليوبولد فايس سابقا – من أن المرأة في البلاد الغربية ليس مطلوباً منها تغطية شعرها لأن رؤية شعر المرأة لا تعني شيئاً للرجل الغربي الذي اعتاد ذلك المنظر في بيئته, ووافقه على اجتهاده المفكر الألماني المسلم مراد هوفمان صاحب كتاب "الإسلام كبديل", ومع أن البلاد الغربية التي هاجر إليها المسلمون هرباً من أوطانهم سمحت للنساء بتغطية الشعر إلا أن وجود النقاب في أوربا وأمريكا أمر غير مبرر أبداً, بل لم ينتج عنه إلا ما ذكره الشيخ محمد الغزالي في كتابه "قضايا المرأة بين التقاليد الراكدة والوافدة" من أن فرض النقاب على مسلمات أوروبا سيعدّ بمثابة قضاء مبرم على الدعوة الإسلامية هناك؛ لأن الأوروبيات يفهمن ثياب الفضيلة في الحجاب التي تشبه ملابس الراهبات أما أن تتحول المرأة لشبح أسود معزول عن العالم فذلك -كما قال الشيخ الغزالي- لا أصل له!
وقّعت المملكة على اتفاقيات حقوق الإنسان العالمية التي تقضي بعدم التمييز بين المرأة والرجل, وإذا كان ثمة تحفظ فهو على مستوى الأسرة عندما تكون القوامة للرجل بحكم إنفاقه على زوجته, أما خارج الأسرة فلا يجب أن تبقى هذه الفروق بين المرأة والرجل مستشرية إلى حد اعتبار وجه المرأة إثماً وعورة, فمن أرادت أن تغطي وجهها فلتفعل لكن دون تعدّ على القوانين ودون قبولها باستغلال بعضهم لسذاجتها بغاية الربح كما فعل صاحبنا صاحب الاختراع المذكور, الذي يذكّر بحزام العفة, وهو اللباس الداخلي للمرأة المصنوع من الحديد والذي كان الرجال في العصور الوسطى يلبسونه لنسائهم في غيابهم, خشية تعرضهم للخيانة, والفارق الوحيد أن جراب الحشمة ليس تخويناً للنساء فقط ولا للموظفين الذي سوف يطلّعون على صورهن لمقارنتها بشخصياتهن فحسب, بل التواء على قانون إثبات شخصية المرأة واستقلالها عن الرجل, والسؤال: إلى متى نترك الحبل على الغارب لمن شاء أن يشوّه سمعة الإسلام ويهين المملكة عبر الاستخفاف بقوانينها وبما التزمت به؟!
.
د.ليلى الأحدب
صحيفة الوطن
______

2 comments:

Alexandrian far away said...

عزيزتي
77Math
الخبر طبعا كان من الأخبار التي استوقفتني لأنه فعلا لم أعرف إن كنت أبكي له أم أضحك
هو من بين الأشياء التي توقف مسار المشاعر البشريه لبرهه تستوعب فيها ذلك الكم المعتق الهائل من الحمق والغباء
القضية بسيطة أن المرأة تعد ناقصة الأهلية والقيمة، وعليه فهي لا تحتاج فإثبات شخصيه بل كل ما تحتاجه هو أثبات ملكيه وطالما أن سند ملكية المنقول الحيازه وبما أن المرأة قابلة للنقل فمجرد وجود وليها (مالكها) معها كاف جدا

يخرب بيوتهم والبيوت الي جنب بيوتهم
أيه الهطل ده كله؟

77Math. said...

هطل بس؟
أناس تفكّر بعقلية أقوام الكهوف