حمزة شاب سعودي؛ كتب في جريدة البلاد؛ وله مدونة تنضح بالرقي والجمال؛ لكنّه ارتكب خطأ جسيمًا؛ يوم أن قرر أن يفضفض للرسول عليه السلام مباشرة في يوم مولده؛ أمام جمع ممن لا يفهمون التأويل؛ ولا يعرفون عن التفسير والنوايا إلا أسودها وأكثرها شرًا وسوءًا.
قامت الدنيا ولم تقعد؛ ووصل الحدّ إلى المطالبة برأسه من كثير من أبناء الشعب السعودي؛ الذي يدّعي في إخلاصه في إهدار دم حمزة؛ أنّه ما يفعل ذلك حين يفعل؛ إلا دفاعا عن كرامة النبي؛ وتلقينًا لهذا العلماني الليبرالي اليهودي!
وما تعرفونه؛ أنّ السعوديين حين يكرهون شخصًا؛ فإنهم يصفونه بهذه الأشياء؛ كونك مكروه يعني لا تخرج عن كونك رافضي/علماني/ليبرالي/يهودي؛ أو كلّها معًا! - ولا أدري كيف لكنهم أدرى -
هرب حمزة إلى ماليزيا؛ بعد أن أصدر الملك عبد العزيز قرارا "باتخاذ الإجراءات اللازمة" معه؛ وذلك بعد أن مُنِع من الكتابة في الصحف السعودية كافّة بقرار من وزير الإعلام السعودي!
لم تنته القصّة؛ الغاضبون الثائرون عاطفيًا؛ المغيّبون؛ الجاهلون جهلا مقدسًا - على قول أركون - يريدون رأس الفتى!
لم تنته القصّة؛ الغاضبون الثائرون عاطفيًا؛ المغيّبون؛ الجاهلون جهلا مقدسًا - على قول أركون - يريدون رأس الفتى!
الخبر منشور في الصحافة الاسترالية والواشنطون بوست وقنوات فوكس وتم عمل عريضة للتوقيع عليها للمطالبة بحقن دماء حمزة. ومجموعة هنا على الفيسبوك تنادي بحقه؛ وصفحة أخرى أعجب بها عدد هزيل من الناس.
وبنظرة إلى الصفحات التي تطالب برأسه؛ وأعداد الناس فيها؛ وكمية العنف والرغبة في الانتقام فيهم؛ أجد أنّ الأمل في التقدم كشعب عربي وسعودي خاصة مازالت تحلّق بعيدًا. لا زال الشعب يكتم الأصوات العالية؛ والسياسيون يدعون الشعب كالرعية الهوجاء؛ لأنّ هذا - بالطبع - يجعلهم منشغلون عمّا يفعلون!
وأجد أنّ الإسلام أكثر ما يكون غربةً في بلاد الإسلام.
يقول عيسى سلمان*:
إن ما قاله الكاتب حمزة كاشغري من عبارات حول الرسول صلى الله عليه وسلم كلمات ذات طابع أدبي سريالي قابل للتأويل و التأويل الآخر، فبوسع المرء أن يؤولها على أنها إساءة، كما بوسع البعض أن يؤولها على أنها عبارات مغرقة في المجاز إلى حد السريالية و أنها تنطوي على حب عميق للنبي صلوات ربي و سلامه عليه !
أن تصف عظيما بالصديق، تستطيع أن تفهمها استصغارا، مع إمكاني أن أطبق أمر الله فأحسن الظن, ونتأولها نحو المبالغة في الحب، خصوصا وقد تم -خلال الساعة نفسها، وقبل تصعيد بعض الموتورين- اعتذاره بأنه أساء التعبير و أن مقصده حب الرسول عليه الصلاة والسلام .. هذا غير بيانه المطول الأخير !
لا أعلم أي منهج يؤطر فهم هؤلاء للدين -خصوصا من يدعون طلب العلم الشرعي- وكيف يجرؤون على تأويل المتشابه من القول، وهم يعلمون بوجود ما هو أحد و أشد وطأة، وأوضح لمحبي التكفير في التراث الاسلامي، ومن كبار الأئمة!
وقد لا يعلم هؤلاء ولكن غرهم الاتباع وفتنوهم بأنفسهم فنصبوا حالهم علماء يحكمون باسم الله عز وجل ويصدرون شهادات الحياة والايمان أو يسحبونها !
إن الإمام أبو حنيفة يقول مقولة لو عاش بعض الموتورين في زمانه لطالبوا بدمه عنترية وجهلا.. وهذه المقولة أحق بالشك لدى الموسوسين مما قاله حمزة! ولكن الاغترار بقداسة الاشخاص تفرق وتسطح الامور !
يقول الإمام أحمد بن حنبل في كتاب السنة النسخة التي حققها د محمد القحطاني ونشرتها دار ابن القيم صفحة ٢٢٦ من المجلد الأول:"كان أبو حنيفة يقول:(لو أدركني النبي صلى الله عليه وسلم أو أدركته لأخذ بكثير مني ومن قولي)" انتهى كلامه!
ولست أدري ماذا كان سيكون موقف الهائجين اليوم من الإمام أبي حنيفة إذ يقول ما يقوله، و هل كانوا سيتهمونه بالإنتقاص من قدر النبي صلى الله عليه وسلم؟ أو إدعاء النبوة؟! لكن يبدو أن حمزة كاشغري كان الحائط القصير الذي سهل على الجميع القفز عليه !
إن ما قاله الكاتب حمزة كاشغري من عبارات حول الرسول صلى الله عليه وسلم كلمات ذات طابع أدبي سريالي قابل للتأويل و التأويل الآخر، فبوسع المرء أن يؤولها على أنها إساءة، كما بوسع البعض أن يؤولها على أنها عبارات مغرقة في المجاز إلى حد السريالية و أنها تنطوي على حب عميق للنبي صلوات ربي و سلامه عليه !
أن تصف عظيما بالصديق، تستطيع أن تفهمها استصغارا، مع إمكاني أن أطبق أمر الله فأحسن الظن, ونتأولها نحو المبالغة في الحب، خصوصا وقد تم -خلال الساعة نفسها، وقبل تصعيد بعض الموتورين- اعتذاره بأنه أساء التعبير و أن مقصده حب الرسول عليه الصلاة والسلام .. هذا غير بيانه المطول الأخير !
لا أعلم أي منهج يؤطر فهم هؤلاء للدين -خصوصا من يدعون طلب العلم الشرعي- وكيف يجرؤون على تأويل المتشابه من القول، وهم يعلمون بوجود ما هو أحد و أشد وطأة، وأوضح لمحبي التكفير في التراث الاسلامي، ومن كبار الأئمة!
وقد لا يعلم هؤلاء ولكن غرهم الاتباع وفتنوهم بأنفسهم فنصبوا حالهم علماء يحكمون باسم الله عز وجل ويصدرون شهادات الحياة والايمان أو يسحبونها !
إن الإمام أبو حنيفة يقول مقولة لو عاش بعض الموتورين في زمانه لطالبوا بدمه عنترية وجهلا.. وهذه المقولة أحق بالشك لدى الموسوسين مما قاله حمزة! ولكن الاغترار بقداسة الاشخاص تفرق وتسطح الامور !
يقول الإمام أحمد بن حنبل في كتاب السنة النسخة التي حققها د محمد القحطاني ونشرتها دار ابن القيم صفحة ٢٢٦ من المجلد الأول:"كان أبو حنيفة يقول:(لو أدركني النبي صلى الله عليه وسلم أو أدركته لأخذ بكثير مني ومن قولي)" انتهى كلامه!
ولست أدري ماذا كان سيكون موقف الهائجين اليوم من الإمام أبي حنيفة إذ يقول ما يقوله، و هل كانوا سيتهمونه بالإنتقاص من قدر النبي صلى الله عليه وسلم؟ أو إدعاء النبوة؟! لكن يبدو أن حمزة كاشغري كان الحائط القصير الذي سهل على الجميع القفز عليه !
تقول إحسان:
ليس من الضروريّ يا إخوتي لنا ولكم أن نهرف في كلّ قضيّة رأي عام تضجّ في المجتمع، الصّمت أولى بنا وأعدل أمام الله حين يتعلّق بشخص لا نعرف عنه شيئًا، هناك الكثير من الحقائق خلف كلّ قصّة وحقائق أكثر تعقيدًا خلف كلّ إنسان، أنت لا تعرف - في هذا الزّمن - عن أخيك الّذي يقاسمك المنزل نصف ما في نفسه، فكيف تثأر وتجزر وتطالب بقتل شابّ لا تعرف عنه إلاّ تغريدات تويتر؟
وفكّروا، كم سأريد من النّاس أن يصمتوا لو أصبح ابني فجأة قضيّة رأي عام !
وإليكم ما قاله حمزة
*كاتب ودارس للعلوم الشرعية بالسعودية
1 comment:
اظن ان هذه القضية ليست بهذه البساطة التي تخل بفهم الحقيقة ... ومقدار الحدث ... لا تعد قضية خلافيه يجوز فيها التاييد او المعارضة او إعمال نظريات التاويل ومواطن الابداع , وقواعد المعني الكامن .. ومقصد الكاتب او الشاعر ... لانه لكل مقام مقال ... كما نعرف جميعا ...وربما في نقاط موجزة استطيع ان اقول :
اولا : ان مقام الرسول صلي الله عليه وسلم ... مقام تقديس من كافة المسلمين كما يعلم الجميع ... ومقام صد ودفاع وتشريف من قبل المسلمين امام من يدعي غير ذلك .
ثانيا : المرء يعد حرا في افكاره وتاملاته طالما كانت حكرا علي نفسه او محيطه الضيق ... اما ان يخرج بها علي الناس فلابد ان يتحمل مسؤلية ما يقول ويفعل ... وطالما كان الامر في سياق انه مطلوب للعدالة والتحقق مما قال ومقصده ... وان كان يدعي بطولة او وعيا يتخطي حدود مجتمعه ... فكان عليه ان يبقي ... وان يقارع الحجة بالحجة ... واظن الامام ابو حنيفة لم يهرب من قول الحق ابدا ... وتحمل عذابات السجن والتعذيب في سبيل ذلك ومثله الامام احمد بن حنبل
ثالثا : القضية الكبري ... ان مفهوم الالحاد الغربي كان قائما علي فكرة النيل من الاله ..وذلك بسبب الاشكاليات التي خلقها الخلاف بين الاناجيل .. والمسيحيين حول طبيعة السيد ( المسيح ) ...وبالتالي كان سهل امام الملحدين النيل من فكرة الاله في العقيدة المسيحية .... اما العقيدة الاسلامية فشأن اخر ... ولم يسهل عليهم القيام بذلك ... ولهذا فان الالحاد الشرقي تبدأ اولي خطواته ... لا من النيل من الاله ... وانما بالحلقة التي تصل المسلمين بعقيدتهم ... وهو صاحب الرسالة ... ومتلقي الوحي من السماء ... ولهذا فإن النيل منه سواء .. بالقاء الشبهات ... او التحقير او الازدراء ... يفتح المجال لهدم شخصه الكريم ... ومن ثم النيل من عقيدة متبعيه ... واظن انه في هذا الاطار ... حق المسلمين ان يحافظوا علي مقام نبيهم الكريم ... والتهاون في هذه المسألة يفتح الباب علي مصراعيه لهدم الدين ذاته .
رابعا : الدين والعقيدة ... امر مطلق كما نعرف جميعا ... مقدس ... بعكس طبيعة الواقع وفنون البشر ... ولهذا لا يجوز ان ان نعمل النظريات الادبية والعقلانية والفلسفات البشرية في فهم النصوص المقدسة او العبارات التي تتصدي لها ... دون ضابط او معايير .. والا تحول الامر الي فوضي تهدم الاديان والمعتقدات .
اخيرا ... بالتاكيد ان كل مسلم يرجو ان تسود العدالة بمعني الكلمة في بلادنا بل وفي الارض كلها ... كما امرنا ديننا الحنيف ... والعدالة كثيرا ما تقتضي الرحمة واحيانا ما تكون في الزجر والعقاب ... وارجو ان يكون هذا الصحفي حسن النية فيما قاله ... فانما الاعمال بالنيات ... وان يكون قويا في قولة الحق ... فالمؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف ... ورب كلمة يقولها العبد لا يلقي لها بالا تهوي به في النار سبعين خريفا .
صلوات الله عليك يا سيدي يا رسول الله
اعتذر عن الاطالة ... رغم ان الامر يستحق حديثا كثيرا جدا .
تحياتي لك
Post a Comment