28 August, 2010

أسطورة

تقول الأسطورة: "من يتمتع بلذة الحبّ يبقى خاليًا من الأصدقاء، ومن يلتقي بأصدقاء الأبدية تظلّ نفسُه هائمة لا تجد النّفْس التي خُلِقَتْ منها!

كُتِب على الدفء ألا يكون إلا من مصدر واحد، كما الشمس لأمّنا الأرض"



ظلّت تتردد الكلمات في ذهنها وهي تعبُر الطريق صباحًا، قالت لنفسها:" هراء.. هراء.." بالتأكيد هذا ليس صحيحًا، أنا لديّ أصدقاء رائعون، وسَأُزفّ إلى الرجل الذي أحبّ قريبًا. هذه الأساطير يكتبها أشخاص معقّدون يظنون أنّ تجاربهم الشخصية يمكن تعميمها على العالَم بأسره.



وللحظة شعرت بالكراهية تجاه غرور الكتّاب الذين يكون تأثير كلماتهم قويًا، للحظة شعرت بالحنق تجاه كلّ كتاب فضحها أمام نفسِها لأنّها شعرت أنّ الكاتب هتك أكثر أعماقها خصوصية قبل أن يخطّه ليقرأها العالَم! عادت للواقع تتقافز الخواطر في رأسِها، واحدة تقول: "ليتكِ لم تقرئي الكتاب"، وأخرى: "الآن ستفتعلين المشاكل مع خطيبك لتثبتي صحة ما قرأتِ" وثالثة: "بل ستخسرين أصدقاءك وتبقين طيلة العمر في دوامة الزوجة والأم لا تخرجين منها!".


ولأنّها محاسبة ناجحة، وتعلم جيدًا كيف تجمع البيانات وتحللها وتستنتج منها معلومات ملموسة يمكن الاتكاء عليها واتخاذ قرارات حرجة على أساسها، لم تكن سوى أسوأ فكرة هي الأكثر إقناعًا بعد تحليل سريع! قالت لنفسها:"بل سأخسر الاثنين بغبائي! سأخسر أصدقائي أولا لأنني أحب هيثم كثيرًا، ولأنني سأظنّ وقتها أنّ الزواج أكثر أبدية، ثم سأخسر هيثم لأنني سأفتقد أصدقائي وسأشعر أنّه المسؤول عن خسارتي إياهم!" ارتاحت للفكرة، وارتعدت!

لم تعد قادرة على التركيز في عملها، لكنّها أبَتْ أن تستسلم كي لا تَثبُت الفكرة! لن تسمح لهذه الأفكار بهدم حياتها!



بعد الظهر قابلت خطيبها في المطعم المفضّل لكلّ منهما. أخذت تتأمّله. كم هو حنون ومهتمّ، يتصرف بطفولية غريبة في أوقات غير مناسبة، لكنه عيب تافه. من قال أننا نتخلى عن احتياجات الأطفال بمجرّد أن نكبر؟ نفضت رأسها بقوّة.


- معايا؟


- قل لي صحيح هو أنت بتصدق الأساطير؟

- أساطير إيه؟

- أساطير الآلهة اليونانية مثلا. أو أي أسطورة أخرى تشعر لوهلة أنّها حكاية من جَدّة فانتازية ما قادمة من عالم فانتازيا!

- أنا يا رفيقتي في هذه الأشياء لا أصدق ولا أكذب. أنا أقرأها من باب التسلية والمعرفة، قد تكون أحداثًا حقيقية فعلا في الماضي، حدثت بشكل ما، وقد تكون حكايات. كألف ليلة وليلة مثلا، قد تكون قصة حقيقية مؤرخة، وقد تكون حكاية جميلة كتبها أديب واسع الخيال! المهمّ ألا أدع كونها حقيقة أو باطلا يشغلني عن حياتي الحقيقية التي أعيشها أنا!


ابتسمَت لملاحظته، هو ذكي أيضًا، ويعرف كيف يقرؤها حتى عندما تحاول أن تغلق ضفّتي كتابها كي لا تزعج من حولها!


همست له في عذوبة: أنت رائع!

- ألا ترين أنّ الوقت متأخر قليلا لاكتشاف ذلك؟


- ما رأيك أن نقوم بعمل رحلة قبل زواجنا؟ نوع من "توديع العزوبية"، ولنذهب جميعًا لمكان ما في مدينة أخرى، بدلا من أنْ يأخذك أصدقاؤك، ويأخذني أصدقائي كلّ على حدة؟

- تريدين أن تبرهني شيئًا ما؟

- نعم وَ لا.

- لا مشكلة. لكنْ؛ شيء واحد أريده منكِ.

- تمّ !

- أريدك أن تتذكّري أنّ المفرد منها "سَطْر" و"أسطورة"، وأنّ جمعها "أساطير" و" سُطور" لا أكثر!

- أنتَ أسطورتي الحقيقية يا هيثم.


ـ

25 August, 2010

!قوة الآن

لا أصدّق أنني بدأت فعليًا قراءة كتاب "قوة الآن"* مترجمًا، للكاتب "ايكهارت تول" الذي بقي جالسًا لمدة عامين على مقعد في المتنزه بعدما وصل لحالة من الاستنارة الروحية، وعلى حدّ قوله، أصبح بلا مأوى ولا عمل ولا عائلة لكنّه حصل على الكنز الذي أصبحت الناس تسأله من أين لك هذا، نريد مثله!

يدور الكتاب حول مفهومين أساسيين؛
الأول: التحذير من "أنت" المزيّف، الذي يريد شلّ سعادتك بطرق قد لا تفهمها أنت نفسك. وغالبًا هو عقلك، والتفكير المشتت، حسبما فهمتُ.

الثاني: الأخذ بيدك للطريق الصحيح للاستنارة الداخلية، عن طريق تحرير نفسك من العبودية التي استحوذت على إدراكك وعقلك!

نوع من التنمية البشرية الـ "مجرّد" إن صحّ التعبير، تعوّدنا أن تكون "أيًا كان اسمها" معنونة دائمًا بـ"حدد هدفك"، "ابن مستقبلك"، "تعرّف على قوة عقلك الباطن".. وهكذا.

لا أنكر أنّ القراءة في هذا المجال أفادتني سابقًا، لكنْ أنْ يصل الأمر لـ: "كلما خلقت ثغرة في عقلك سينمو ويقوى نور وعيك" وَ "أكثرية العلماء ليسوا مبدعين، ليس بسبب عدم معرفتهم كيف يفكرون ولكنْ بسبب عدم معرفتهم وقف التفكير!". فإنني لا أجد ردًا سوى: حسنًا؛ دعني أفكّر بالأمر!

أقول أنّه لا يستطيع القارئ الذي لم يقرأ قبلا عن العقل الباطن، ولا يعرف التفكير المجرّد ولا شيئًا عن الفلسفة أن يفهم ما يتحدث عنه الكاتب، وإما سيجده محض هراء، أو أنّه سيجده معجزًا!

يقول أنّ الألم الجسدي يحبّ البقاء والخلود، وأنّه يتغذى عليك عبر أشكاله المختلفة، غضب، كراهية، حسرة، حزن، دراما عاطفية، عنف، وحتى المرض!

وأنّك إن استسلمت مرة فإنك تريده أكثر، تصبح كالمدمن. رغم أنّك تطالِب – ظاهريًا – التخلّص من الألم، لكنّك لا تفعل – فعليًا – أيّ شيء حيال ذلك !

أما لو كنت واعيًا فإنّ طلب المزيد من الألم سيكون خطًا أحمر لن تسمح لنفسك بالوصول إليه [حسنًا هذا أفضل تعبير استطعتُ الوصول إليه لأنني أفهم ما يتحدث عنه الرجل] لكنّه يقوله بطريقة أخرى، بصراحة، لا تعجبني!
أجمل ما في الكتاب، هو أنّه يقوم بالتركيز على الحاضر، ويشرح كثيرًا لماذا علينا ألا نفكّر في الماضي، ولا ما حدث فيه، ولا القلق كثيرًا بشأن المستقبل، لا من وجهة نظر تقاعسية (كما قد يبدو لأول وهلة)، ولكنْ من وجهة نظر أنّ كل الأحداث التي تأخذ حيّزًا في حياتك تحدث الآن! ما حدث لك في الماضي وقت أن حدث كان "آنيًا" وقتها، إن صح التعبير، وما سيحدث لك في المستقبل سيحدث لك في "آن" المستقبل! لذلك. عِـش اللحظة. ماذا تريد أن تفعل الآن؟ الآن أنت موجود تمامًا. وجودًا كاملا.

العجيب، أن الكثير من الكتاب كتبوا الكثير عن هذا الأمر من وجهات نظر تعقّلية أو لمعالجة الألم أو تناسي الأحداث السيئة وغيرها.

أخيرًا، لم أستطع إكمال الكتاب للنهاية! رغم أنني استمتعت بما قرأتُ، أو بالأحرى، بما أردتُ أن أفهم مما هو مكتوب، فيما عدا أنّ هناك مواضع مررتُ بها تحتاج لمراجعة النسخة الانجليزية لمعرفة ما يتحدث عنه الرجل فعلا، وفيما عدا أنّه أهان الزّمن بشكل مريب وغير علمي- بالنسبة لما وصل له علمي !- على الأقل أينشتاين قال أنّه نسبي، الزّمن بالنسبة لك الآن يختلف عنه عنك وأنت مسافرٌ في الفضاء**؛ يمكن أنْ يساعدك الكتاب لتحاول معالجة طريقة تعاملك مع الماضي، لو أنّ لديك مشكلات كثيرة هناك!
ـ


"The Power Of Now"*

ـ ** يقول أحدهم بعد أن طُلِبَ منه شرح نظرية النسبية في جملة: لو أنّ امرأة شابة جلست على حجرك لمدة ساعة فإنها ستمرّ عليك كدقيقة، بينما لو جلست عجوز شمطاء لمدة دقيقة فإنك ستشعر أنّها دهرًا !! وعندما سمع أينشتاين ذلك الشرح، قال بأنّه أفضل شرح سمعه لنظريته!


22 August, 2010

سنّة الحياة

ليه العيال هم اللي المفروض يجلبوا السعادة للمرء؟
لا تقل لي: سنة الحياة!
مفيش حاجة اسمها سنّة الحياة!
معلش يعني!



سنن الكون هي الأشياء التي ليس للإنسان يد فيها. دوران الأرض حول نفسِها وحول الشمس، حدوث الليل والنهار هي سنن كونية لا يختلف عليها اثنان. يمكن مجازًا أن نقول أنّ حصولها "سنّة الحياة!" بمعنى أنّ الحياة بمعناها التي نعرفها ستختلف تمامًا لو أنّ أحد هذه الأشياء اختلف، أو اختلّ. بينما الخِلفَة مش سنة حياة!
إلا لو كانت الحياة بالنسبة لمن يتحدث هي ذلك الكون الضيّق، الذي لا يتعدى زوج وأطفال فقط! فتكون هذه "سنة الحياة" بالنسبة إليه، لأنّ نظرته لا تتعدى ذلك! لا يعرف معنى الكون كما خلقه الله! وإنما يعرف كون الحياة بزاوية ضيّقة للغاية!

هل هي عادة إذن؟
لا أدري.

ربما هو احتياج لأحد ما نلقّنه من البدء أشياء نريد له أن يتعلّمها منا نحن. وكأننا نمنحه – بالإضافة لأموالنا كي لا تذهب لغرباء!- إكسيرنا الخاصّ للنجاة من الدنيا المتعبة، خلاصة حكمتنا وعصارة أفكارنا، ناسين، أو متناسين أننا من جئنا بهم في المقام الأوّل!

هل هو شيء نفعله لأنه من الصعب إجادة الأشياء التي تحتاج لدراسة؟ الزواج والإنجاب لا يحتاجان لدراسة! يكفي أن تولد ذكرًا أو أنثى، وأن تنمو باطّراد الزمن، ويمكنك شغل منصب مدير تنفيذي ورئيس مجلس إدارة مرة واحدة!



العجيب أنّ هناك الكثير من الأشياء الصغيرة التي تمنح البهجة نتركها تمرّ دون أن نعيشها، نظنّ أن الأشياء الكبيرة فقط عليها أن تمنحنا السعادة الأكبر. لكنّ هذا لا يحدث. وفي كلّ مرة نظنّ أن يوم خطبة صديقتنا الصدوق، زواج صديق، أو وقوعنا في الحبّ لأول مرة سيكون شيئًا كبيرًا، أو أي شيء "كبير" بفهومنا سيكون يومًا "مميزًا" و"لا نتخيله" يجيء هذا اليوم ليصفعنا بسخرية قائلا: هع! يا لكم من بلهاء! أيّة طعم كنتم تريدون أن تتذوقوا؟


مؤخرًا مررتُ بتجربة روحية مميزة جدًا. تعلّمتُ كيف يمكن لنا أن نشعر بالسعادة الحقيقية من أشياء صغيرة نمرّ بها/تمرّ بنا. عليك فقط أنْ تكون مستعدًا لذلك. لا يمكنك أنْ تنتظر أنْ يُسعِدك الآخرون أبدًا! ولو أنّ بعضهم يُرسَل إليك من وقتٍ لآخر لأجل أن يطرق نوافذك، ويأخذ بيديك إلى مكان ساحر. ويتركك. فلا تنشغل عن روعة المكان بأنْ تنظر للخلف. وتضيّع تلك الفرصة، لأنّها لن تتكرر!



ما الرابط بين بداية المقال ونهايته؟

ربما.."بعض الموسيقى والكلمات الملحنّة جيّدًا قد يكون كلّ ما تحتاج إليه حاليًا" !ـ
: )

18 August, 2010

امرأة من أقصى المدينة - إيما شاه

امرأة من أقصى المدينة - إيما شاه

صنَعَتْ يومي اليوم !

- -

رجلٌ من أقصى سفرٍ،
وامرأة من ماء.


رجلٌ من سفرٍ،
وامرأة من أقصى ...


رجلٌ،
وامرأة من أقصى سفرٍ ...


لا تحملنا لغة
ننظر، وجهي، في وجهكِ في وجه الساعة
ننتظر الحفلة أن تُنهِي لغة الرقص لنبدأ لغةً أخرى
لا تحملنا لغة.

نصعدُ فوق الموسيقا، ننسى أنّا نصعدُ فينا،
ننسى أنّا نخلُقُ لغةً،
كلّ منا يعرفها،
حسب مجازات الصدفة،
أو حسب جواز اليقين.


هذه الصخرة أعرفها،
هذا الجدول حين قرأتُ عليه الشّعْر،
بكى،
بــ ـكــ ــى ...
بــ ـكــ ــى ...
بــ ـكــ ــى ...
بــ ـكــ ــى ...


ثمّة ظلّ يلحقني في كلّ مدينةٍ
لا أقصد ظلّي الظِلَّ!
أو ظلّي الساكنَ
أو ظلّي الخائف!
حين يكون هو السائرُ وأنا ظِلٌ في ظلّه!!

فرحٌ أسود ظلانّا،
بقميصٍ أسود ظلانا،
شيء أسود ...
...
...
...


ليس لديّ سرير،
أفترش الأرض وتفرش رغبتها في أرض أخرى!
أفتح شبّاكًا
- تفتح شُبّاكًا!-
وشبابيك مدائننا مطفأة!
والنّاس..
والنّاس..
والنّاس..
والنّاس..

كانت تَدخُن وجهًا أسمرَ في رئتين،
كان الأسمر في رئتيه مقابر ناس.

والنّاس.
شُباكًا. شُباكًا.
شُباكًا.

هنا على الفيسبوك

10 August, 2010

الخيميائي - حينما يكون الفرق حرفًا

سنين طويلة وحلمي أن أكون نحيلة جدًا كعارضات الأزياء لكنني يومًا لم أواصل ما يجعلني كذلك، دومًا كنت أتوقف عند مرحلة ما أقل، وأقول لنفسي: "كدا كويس". حتى إذا ما زاد وزني مجددًا وأفقت على بضعة كيلوات زائدة انتفضت لأعود من جديد لذات المرحلة التي أقول عندها: "كدا كويس!".

عرفتُ الآن أنني طيلة الوقت كنتُ أخشى إن تحقّق الحُلُم ألا أجد حُلُمًا أعيش عليه!! تخيلوا لو أصبحتُ نحيلة ولم أجد أنّ الأمر كان يستحق أن يصبح حُلُمًا. وتكون حياتي مقرفة رغم أنني نحيلة!!! هل كنت أتخيّل أنني بمجرد أن أصبح نحيلة وأرتدي مقاسًا أصغر سأجد السعادة وراحة البال؟ تقول لي أختي -النحيلة-: على فكرة النُحْفْ عادي يعني! أنتِ مكبرة الموضوع!

هذه تمامًا هي النقطة ! أنا مكبّرة الموضوع! لأنّ الأحلام التي نريد تحقيقها بقوّة تبدو لنا كبيرة جدًا لدرجة أن نخشى لمسها. قلتُ لمن كان خطيبي يومًا: لن أتزوج قبل أن أنحف! ربما كان هذا سببًا لانتهاء العلاقة !

في جلسة سابقة مع صديقاتي، أسألهنّ عفويًا: لو أنني أصبحتُ نحيلة وأصبح الجو باردًا، ماذا تظنن ستكون شكوتي؟

وأجابتني صديقة مشاكسة أحبّها: ستطلبين العريس بقى !

طبعًا كانت تمزح، لأنّها تعرف جيّدًا أنّ وزني لا يشكّل مشكلة للآخرين، بعض الناس يظنون أنني أذهب للجيم أو لدكتورة التغذية لأنني أريد زيادة وزني!! هو عقدتي الخاصة جدًا وصورة الجسد الذي أريد أن أكون عليه. هي مشكلتي التي لم يستطع أحد أن يقنعني بعكسها. حتى صديقاتي الممتلئات الراضيات لم أستطع أن أفهمهنّ. أقول بالتأكيد هذه اختلافات أحلام. ربما حلمها الذي يوازي حلمي أنّها تريد أن تتزوج! أو تنجب. أو أيّ شيء آخر!

بالضبط كما كان الشيخ صاحب محل الكريستال لا يريد أن يذهب للحج بمكة كي يبقى حيًا على هذا الأمل، ماذا لو ذهب وحجّ وعاد؟ كيف يحيا؟ على أيّ صورة تغفو عيناه عندما يريد الهرب من روتين الأكل والملبس والمشرب والنوم اليومي المعتاد الممل؟

لابدّ لي من حُلُم جديد إذن. حُلُم آخر أحيا لأجل أن أحققه.

الخيميائي رواية لباولو كويلو، ثاني رواية أقرؤها له بعد 11 دقيقة. أسلوبه مميز كالعادة مع أنني أقرأها مترجمة لكنني أشعر به يخاطبني تمامًا. الرواية جاءت في وقتها تمامًا لدرجة تجعلني أشكّ شكًا لذيذًا في أنّ الملك *ملكي صادق ملك سالِم*(أحد الأبطال) قد جعلني أبتاع الرواية أمس بالتحديد لأقرأها اليوم بالتحديد لأجل أنْ تفسح لي في روحي متسعًا من الرّضا والفهم.

يقول أحد الحكماء شخوص الرواية:" إنّ سر السعادة هو أن ترى كلّ روائع العالَم دون أن تسكب قطرات الزيت من الملعقة"

يمكن أن أضع بين القوسين السابقين أي اقتباس محمّدي أو قرءاني أو أي قول مأثور آخر عن الاعتدال!

لا تجعل شيئًا يأخذ مكان بقية الأشياء!

وهذا صعب جدًا كأن تسير حاملا ملعقة بها قطرات من الزيت، وفي ذات الوقت عليك أن تنتبه لكل الجَمال بالعالَم، وتتجنب التعثّر فيما قد يعيقك أيضًا!

وقد يكون كنزك الذي رحلت للبحث عنه هو رحلتك ذاتها! من يدري؟

ما تعززه القصة أن على المرء أن يعيش حياته الآنية، لا عليه بالماضي ولا المستقبل. في كل مرة تلومنّ الدنيا وتنزوي غاضبًا منها أنت الخاسر الأعظم. لن تكون حيًا كما تريد. وإنّما روحًا بائسة تنفر منها كل الأراوح. لا تدع حلمك الكبير يفلت منك أبدًا لأنّه الشيء الوحيد الذي سيوصلك للطريق الذي ترضى عنه تمامًا، و"لكي تعثر على الكنز عليك أن تتبع العلامات، فالله قد هيّأ لكل امرئ طريقًا ليسلكه، وعليك فقط أن تحسن قراءة العلامات التي تركها الله لك في الطريق".

كما لا تنس أنّ "ثمّة لغة كونية يفهمها كل شخص" فلا تقلق بشأن اللغات كثيرًا!

لا أدري لماذا تأتي مقالاتي عن الكتب التي أقرأها مشخصنة جدًا لدرجة أنني لا أتكلم عن تفاصيل وأحداث الرواية بقدر ما أتحدث عن تأثيرها عليّ !!

على أيّة حال هذه ملاحظة جديرة بالذكر.

الرواية تستحق أن تأخذ من وقتك سويعات

08 August, 2010

ذكروني ألا آتي مرة أخرى

لم أستخرج بطاقة شخصية حتى الآن لأنني لم أشعر أنني في حاجة لبطاقة شخصية فجواز السفر يغني عنها تمامًا.

جواز السفر انتهى وبحاجة لتجديد. وأنا أريده جاهزًا لأنني أوقن أنني سأعود إلى وطني الحقيقي يومًا ما وأريد أن تكون أوراقي كلها جاهزة حين يأتي ذلك اليوم. وطني الحقيقي الذي لا أعرفه بعد. والذي أوقن تمامًا أنني سأذهب إليه لأقضي باقي عمري فيه.

ذهبت اليوم لعمل بطاقة شخصية، وعندما نظر الرجل إلى شهادة الكليّة، قال لي: بالانجليزي ! مينفعش لازم واحدة عربي ! قلت له: ماهي دي كمان عليها ختم الكلية!! قال لي: لأ لازم العربي. ثم نظر للاستمارة: كاتبة تاريخ ميلادك بالانجليزي ليه؟ فكرت: أقول له إن دي هي الأرقام العربي وإن المعروف لدينا أنه عربي ما هي إلا الكتابة الهندية والانجليزية؟ قلت بصوت خفيض وأنا أدعو سرًا ألا يسمعه - لأجل تخليص نيتي وكي لا أكون كاتمة للعلم ! -: دا العربي. لم يعقب وأظنّه لم يسمعها والحمد لله. أفكر بسعادة: هوووف أخيرًا سأذهب الآن للبيت أجلب النسخة العربي خلينا ننتهي من هالقصّة !

يكمل النظر في الأوراق: جواز سفرك منتهي ! فين بطاقتك القديمة؟ قلت له: دي أول مرة أعمل واحدة.

- لازم تجيبي وليّ أمرك !

قلت له: طيب معلش سؤال: هو ينفع أجدد جواز السفر من غير البطاقة.

رد: لأ.

قلت له: شكرًا جزيلا. أنا فخورة جدًا إني مصرية !

يا أولاد المحروسة !! أناااااااااااا اللي عمري قارب على إغلاق ربع قرن كامل وتعديت سنّ الرشد بسنوات يريد وليّ أمري؟؟
أنا المسموح لي بشرب الخمر ! وعمل ما أشاء تمامًا مطلوب مني أن يصدّق ولي أمري على أنني أنا أنا؟

من جاء بي هنا؟

06 August, 2010

رمضان، حرية وفضفضة

من المهم أن تكون لك بعض المقدسات، ولكنّ الأهم أن تكون حرًا، هذا لا يناقض ذاك، أن تكون حرًا بمعنى أن تختار مقدساتك بنفسك لأنّها تستحق التقديس أولا، ولأنك مارست حريتك في اختيارها ثانيًا

جئنا لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد*

بشكل مجرّد قد تبدو العبارة مناقضة لما قلت أعلاه، أن تتوقف عن عبادة س لتعبد ص كيف بالله أكون حرًا؟

الفكرة كلها في أنّ س وص مختلفان تمامًا، أحدهما يحجر حريّتك والآخر يحفزك لممارستها !

الحرية حرية فكر، حرية تعبير، وحرية ممارسة

وهذا غير متاح لك بعبادة العباد. بمتابعة ما سوف يقوله عنك العباد

سُئل سقراط لماذا اختير أحكم حكماء اليونان؟فقال:"ربما لأنني الرجل الوحيد الذي يعرف أنه لا يعرف".
وقال أيضا:"نحن مجانين إذا لم نستطع أن نفكر، ومتعصبون إذا لم نرد أن نفكر، وعبيد إذا لم نجرؤ أن نفكر".


لا يمكنك أن تتوصل للحقيقة إذا لم تسمح لنفسك بالتفكير، الحقيقة المناسبة لك قد تختلف عن الحقيقة المناسبة لغيرك فلا تلومنّ إلا نفسك إذا مشيت خلف أحد فركب الموج وسقطت أنتَ في القاع !

كُن حرًا.

حسنًا، بعد هذه المقدّمة المزخرفة أريد أن أفضفض قليلا. لا يمكن أن أنكر أن الوقت الذي يسبق رمضان يثير بي كثير من الشجن، الشعب المصري يهتم بالأكل عمومًا، ويأتي قبيل رمضان ليهتم به أكثر من أي وقت مضى، هناك طقوس محفوظة تمامًا لكنني لم أستطع فهمها يومًا ! تناقضات تضرب فهم أحد أركان الدين في مقتل بين ما يفترض أن يكون وما يكون فعلا !

لكنني اعتدت ذلك، هذا العام لن تسري سوى قواعد مروري أنا. سأبني شوارعي الخاصة وإشارات مروري الخاصة وأضع فيها من أشاء من ضباط ليحكموا الازدحام ويمنعوا المتطفلين !

كل عام وأنتم كما تريدون، لا كما يُراد لكم