05 June, 2009

طـوق حـب




لم أتخيل يومًا أني أضطر للكتابة إليكِ. ولم أعتقد أننا سوف نبتعد بالقدر الذى يُعجزنا عن مشاطرة همومنا وأحزاننا وجهًا لوجه. لم أعرف أنني ضعيف بهذا القدر، محتاجًا إليكِ سوى اليوم. حين استيقظت فلم أجدك في حياتي. نعم أنتِ هنا جسدًا ولكن لا أدري أين ذهبت روحك؟ أين ذهبتِ؟ عندما تقرئي هذه الرسالة اعلمي أنني أنزف حبًا. وأن هذه الرسالة هي الطوق الأخير الذى إن ضاع غرقت. وغرق معه عمري كلّه. فقد جعلتك شاطئًا لنجاتي وقد مضى العمر بين شطآن أخرى أنكرت معرفتي. وحده شاطئك يحتويني فاجعليني أرسو إليكِ لأكتمل.

" إلى من ملكت قلبي وكياني أكتب هذه الرسالة بعد تفكير طويل. لقد عشتُ طويلاً أحلم بشخص يحبني وأحبه ويكون لي الهواء الذي أستنشقه والنور الذي ينير عيني والدماء التي تجري في عروقي والقلب الذى ينبض بالحياة فى صدري إلى أن قابلتك وجمعنا القدر سويًا.
عانيتُ وحيدًا إلى أن ملأتِ حياتي، وبالرغم من تواجد الكثيرين حولي، لكني لم أجد من يفهمني أو يتحملني أو يحنو عليّ أو يحبني أو يملأ حياتي مثلما فعلتِ. رأيتُ وتعاملتُ مع الكثير ولكن لم أجد من يمتلك مشاعري وقلبي وكياني ووجداني غيركِ ولكنْ..
وبالرغم من هذا الإحساس، إلا أننا بعد أن التقينا و جمع القدر بين قلبينا ضللنا دروب الحياة.. افترقنا سوياً.. ضعنا وراء أبواب الدنيا المغلقة. أغلقنا أبواب قلوبنا، لا نريد أن نفتحها. كلّ منا يحاول أن يهرب بعيداً بكل مايجول بخاطره ولا يريد أن يصارح به لنصل إلى نقطة نلتقي فيها.

كلما التقت أعيننا أحاول التحدث معك لكن ص
متك يمنعنى من الكلام. لا أعرف سبباً لهروبك مني هكذا مع أنّك على يقين بأننى أحبك ملء الدنيا. حاولتُ كثيرًا كثيرًا أن أخرجك من صمتك لكني فشلتُ. ولما يئست أمرت عقلي بالصمت هو الآخر فاعتصر قلبى البكاء على حبيبتى التي تاهت مني. أحاول جاهدًا أن أجدها ولكني لا أعثر عليها. أشعر بها موجودة و لكنها ليست معي. أشعر بها حولي لكنها بعيدة عني. لا أدري أين ذهب الكلام الذي كنا نعتب على الليل انقضاءه قبل أن ينتهي؟ أين ذهب الحب الذى ضاقت عن حمله قلوبنا فانجرف مع الدمع؟

فأملا أو رجاء أو توسلا، لا أبالي، أيّهم اعتبرتِ. لا تجعليني أشعر بسذاجتي. وأني راهنت رهانًا فاشلا وخسرته. عودي إليّ قبل أن أتوه أنا أيضًا. عودي إليّ قبل أن أفقد صوابي. كوني معي قبل أن يفوت أوان العودة. أستحلفك بكل ما هو غالي لديك ابحثي عني كما أبحث عنك. حتى نلتقي مرة أخرى قبل أن يكتمل السور الذى بنى بيننا فيكون من المستحيل هدمه. أستحلفك بالله أن تعودي إلي وتنقذيني قبل أن أتوه عنك للأبد. فالوحدة شعور صعب ولكن الوحدة فى وجود الحبيب شعور قاتل. فلا تتركيني وحيدًا .. لا تتركيني وحيدًا ..".


عاشق



يا أيّها المنادي إلى من يناديك أقبِل فإن الخوف يملأ وجداني، رأيتُك مشغولا، وكنتُ لأرضى بك نصف الوقت، ونصف العُمْرِ، لكنَّ الحياة أبت أن تمنحني منك ما يطفئ وجدي.

لم أعرف يومًا أنّك عاشق. خلتُني ألهو في هذا الدرب وحدي، أبحث في عينيك، في كلّ مرة أنظر إليهما، فلا أجد شيئًا يميّزني عنهنّ، تتودد إليّ بقدر ما تفعل مع غيري، اكتفيتُ بروحك حولي. بعد أن طالني اليأس أن أكون أنفاسك التي تتردد في صدرك. كتبتُ إليك رسائل كثيرة لم تخرج عن مفكّرتي الصغيرة التي أحملها، لم تصل إليك رسائلي وياليتك طلبت النظر في مفكرّتي، كنت تـنـظر إليها أحيانًا بيقين العارف أنّك داخلها، ولم أجرؤ على عرضها عليك. كنتُ أخشى ألا أتمكن من رؤيتك أبدًا إذا صارحتُـك. هل تقتل المصارحة الحبَّ أحيانًا؟ لن أخشى من سؤالك الآن، ولا من عتابك، هل كنتَ تحبّني طيلة هذه المدّة؟ كيف استطعت أن تخفي ذلك؟ لماذا عذّبتني إذن بإنكار كل جميل كان يمكن أن يحدث؟

لولا رسالتك التي دقّت بها ساعة القُرْبِ ما عرفتُ وجهة قلبك، ولا كيف أنني قِبْلتَك دون أن أدري أنّك تستفتح بي حياتك وتختم بذكرى لقاءاتِنا يومَك، ماذا تنتظر إذن كي يتوهّج القلب بالسعادة إلى الأبد؟ والله ما رحلتَ عنْ نفسي ساعة، ولكنّ الذي ظننتَه أنتَ ضلالًا إنّما هو خشية الفقد قبل الامتلاك. أو انتهاء لذة الوصل قبل أن ننهل منها حتى الجنون. وحدّ الأمان من بَيْنٍ يمزّق الضلوع.

فيا عرّابي الذي أسأله مستقبلي، وملاكي الذي أسأله حفظ روحي بين جنبيه، وكاهني الذي أعترف له، ها أنا. أحبّك. بقدر الألم الذي سبّبتَه لي، وبقدر حماقات تفصل ما بيننا، بقدر خوفِك الذي كان، وبقدر عشقك. أحبّك. بكلّ ضعفي بدونك، وخوفي، وقلقي ولهفتي للقائك، وتكسّر أشرعتي في بُعدِك. ثم بقدر كل ذلك مجموعًا مرة أخرى على عشقي الأزلي لروحك. فخذني إليك بقوّة ولا تتردد، شاطئي خال من سواك، لم يرسُ فيه أحدٌ كما رسوتَ، كلّهم رحلوا ولم يتركوا أثرًا خلفهم، وحدك بقيت آثار خطواتك، ونفحات عطرك، فأغلقتُ مينائي دون كلّ من سواك. ليكن لك، أو لا يكون.

أتساءل متى ستصلك رسالتي؟ قبل أم بعد، يا ترى. أرجو ألا تتأخر أكثر. لأنّ نصل السيف أهون من تأخير الحرف. دمتَ لأجلي.

عاشقة


بقلم:

هاني زينهم

إيمان


9 comments:

هانى زينهم said...

لو أن من كتبت لها الرسالة تملك نصف هذا الاحساس لخلد هذا الحب فى تاريخ العشق . أما التعبير فقد برعتى فيه كالعادة وان كانت صعوبته فى تقيدك بالنص الاصلى للرسالة والرد عليه كان سببا فى متعتى وانا اقرأها . لقد أضفى نصك الحياة على نصى وجعلنى افكر كثيرا فيما اكتب بعد ذلك لو أن كل قراء الاستراحة بحجم موهبتك وثقافتك . اسمحى لى ان اضع رابط رسالتك فى الاستراحة .
بجد بقى ومن غير فصحى عشان خنقتنى "
"متشكر اوى يا ايمان على نصك الجميل ده .

karim said...

كلمات رائعد جدا وحساسة ومعبرة عن الحالة, ولكنها حالة استسلام وضعف رهيب, اعتقادى مهما كان حجم الحب وعند حدوث هجر لابد من الاستيقاظ منة لكى تسير الحياةةة, واللى باعك بيعة, تحياتى

yoyo said...

صباحك سكر يا ايمان

بجد تحفة انا طبعا شفت بوست هانى وبصراحة معجبة بيه جدا
ومشاء الله فكرة انك ترد عليه بالاسلوب الجميل دا جميلة اوى

الخطاب كله مشاعر وشوق انثى
انثى تهوى وتعشق فى صمت دون البوح بمكنون قلبها و طغيان مشاعرها الهائمة عشقا و الذائبة شوقا فيمن تحب
ما أقسى الصمت حين يبدا ان يبنى جسور من القسوة واللامبالاة
ولكن ها قد حان وقت اللقاء و تجديد الحب فى اوصال قلب كنت نظن انه يحتضر

تسلمى و يسلم احساسك الرقيق
دمتى بالف خير وصحة
تحياتى
يويو

77Math. said...

هاني


رسالتك كانت السبب في خروجي من حالة الخرس الكتابي، أنا من يجب أن يقول شكرًا :)







كريم

الموضوع دا معقد جدًا، بس غالبًا النّاس دلوقت مش عندها صحة تفضل تحب فيمن لا يلقي لها بالا

تحياتي لك






يويو

تسلمي لي على تعبيرك الجميل دا
دمتِ قارئة،

تحياتي لكِ :)

السنونو said...

أيمان مش هقدر أعلق على الكلام لأن كم المشاعر اللى فى الخطابين فوق الوصف
لكن الفكرة نفسها عبقرية
برافو عليكى

احمد عبد السلام said...

اللة اللة اللة
لحظات قليلة من السمو من النقاء

اعادتنى لأيام جميلة

لايمكن ان اصف مدى سعادتى بقراءة الرسالتين
اللة اللة اللة

Alaa said...

والله انت فكرتينى انت و الأستاذ/هانى بكتاب ، قرأته أيام المراهقة ، اسمه رسائل غرامية.
بس الموضوع أدبيا ، جميل
تحياتى

التكعيبة للتنمية الفنية و الثقافية said...

هل من الممكن ان ترسلا لنا الرسالتين فى مهرجان النشر الجماعى الذى تنظمه مجموعتنا

هانى زينهم said...

ابعتيهم يا ايمان ولو انى ما فهمتش اوى بس مش مشكلة .